رزان يحيى
أمهل مجلس إدارة صندوق التعاضد أساتذة القطاع الخاص حتّى أواخر شباط المقبل لينتسبوا إلى الصندوق، لما لذلك من مصلحة عامة وخاصة. في المقابل، يعترض العديد من الأساتذة على إلزاميّة الانتساب إلى صندوق لا يرون فيه منفعة

يعدّ صندوق التعاضد لأساتذة التعليم الخاص الذي أُنشئ عام 1998، من أكبر إنجازات نقابة المعلمين لجهة التقديمات الصحية والاجتماعية. لكن، رغم إلزامية الانتساب إلىه، هناك فقط 12 ألف أستاذ منتسب من أصل 50 ألف أستاذ يشكلون قطاع التعليم الخاص.
يختصر بعض الأساتذة أسباب عدم رغبتهم في الانتساب بمشكلة ثلاثية الأبعاد: أولاً، الاعتراض على إلزاميّته. ثانياً، نسبة الرسوم المرتفعة مقابل التقديمات المحدودة وغياب المحفّزات. ثالثاً، غياب آلية المحاسبة، لأن من يشرف على الصندوق هم المسؤولون في النقابة، وهذا ما يجعل آلية المحاسبة في يد فريق واحد بغضّ النظر إلى أي جهة انتمى، لأن النقابة تشكل مجلس الإدارة، وهي التي ترعاه. وإذا نشأت مشكلة من أي نوع كان، سيجد المعلّمون أنفسهم أمام معادلة «فيك الخصام وأنت الخصم والحكمُويقول الكثير من الأساتذة المنتسبين إلى الصندوق إن الاستفادة من هذا الصندوق تقتصر على تقديمات قليلة جداً لقاء اقتطاع نسبة كبيرة من الراتب، وتحديداً راتب المعلمات العازبات اللواتي تقتصر استفادتهن على الاستشفاء، وخصوصاً أن الانتساب إلى الصندوق لفئة الدرجة الأولى يشكل عبئاً على معظم المعلّمين الذين لا تتعدى مرتّباتهم الحد الأدنى للأجور.
كما يرون أن إلزامهم بالصندوق من دون شرح وافٍ شكّل لديهم ردة فعل سلبية، فضلاً عن أن بعض المراكز المتعاقدة مع الصندوق لا تتعاون مع المعلمين تحت أعذار عدة.
في المقابل، يرى نائب رئيس الصندوق وليد جرادي أن إلزامية الانتساب تساعد في زيادة التقديمات. إذ إن اليوم، مع وجود الـ12 ألف منتسب، يملك الصندوق 6 مليارات و600 مليون ليرة. وكلما ارتفع عدد المنتسبين، ارتفعت نسبة التقديمات. وكان مجلس الإدارة قد أمهل المعلمين حتى نهاية كانون الأول من السنة الفائتة للانتساب. لكن بعد حرب تموز، مددت المهلة حتى أواخر شباط المقبل. «ولأنه قانونياً لا يستطيع الصندوق منع أي أستاذ من الانتساب بعد هذه المهلة، سيصدر المجلس قانوناً يجازي فيه كل من ينتسب بعد المهلة القانونية قيمة الاشتراك منذ إنشاء الصندوق (1998)». ومن جهة ثانية، يرى جرادي أنه إذا لم تقم المدارس بإجبار أساتذتها على الانتساب أو القبول بالاقتطاع من معاشاتهم، سيتحتم اللجوء إلى المحاكم لأن «أساتذةً كثيرين ينتسبون بعد سن معينة، ما يجعلهم يستفيدون من الصندوق من دون أن يكونوا قد قدموا له شيئاً».
وفي هذا الإطار، يؤكد جرادي، أن المنتسبين إلى الصندوق يستفيدون من تقديمات كثيرة على الصعيدين: الاجتماعي والصحي. ويحق لكل معلم ينتمي إلى ملاك إحدى المدارس الخاصة، وكل أستاذ متعاقد (على الأقل عشر ساعات أسبوعياً، على أن يبرز صورة عن نسخة العقد، بالإضافة إلى تعهد عدم الاستفادة من أي صندوق آخر) الاستفادة من تقديمات الصندوق.
على الصعيد الاجتماعي، يقدم الصندوق للمستفيدين منحاً جامعية (تتراوح بين ضعف الحد الأدنى للأجور وثلاثة أضعاف الحد الأدنى)، على أن يكون قد مضى على انتسابهم سنتان وما فوق. وتقتصر منح التعليم على التعليم الجامعي، إذ يعتبر عموماً أن الأساتذة يستفيدون من منح مدرسية لأولادهم من المدرسة التي يعلّمون فيها. كما يقدم للمنتسبين الذين مضى على انتسابهم سنتان منح زواج (600 ألف ليرة) ومنح ولادة، شرط أن يكون الشريك منتسباً إلى الصندوق. تجدر الإشارة إلى أن الأساتذة يدفعون 300 ألف ليرة لبنانية كاشتراك لدخول الصندوق، ويدفعون رسماً سنوياً حوالى 15 ألف ليرة، يضاف إليها رسوم انتساب الأولاد والشريك.
أما على الصعيد الاستشفائي فيغطي الصندوق فَرق الضمان (20%)، إضافة إلى الاستفادة من فحوص خارجية من شبكة مختبرات متعاقد معها الصندوق. ويقول جرادي «إن الأهم في هذا الصندوق أن الاستفادة منه تبقى سارية بعد التقاعد، وهذه ميزة ليست موجودة في أي صندوق آخر». كما ينفي غياب آلية المحاسبة، باعتبار أنّ لمجلس الإدارة هيكلية معينة تضمّ مدقّقاً داخلياً ومحاسباً خارجياً مكلّفاً من الدولة، تضمن المحاسبة في حال حصول أية مشكلة أو خلل في النظام والحسابات. تنتخب نقابة المعلمين في لبنان، مجلس إدارة الصندوق، الذي يرأسه اليوم نقيب المعلمين نعمة محفوض.
قد لا تشكل الـ15 ألف ليرة عائقاً أمام بعض الأساتذة، لكن الكثير من معلمي القطاع الخاص يشكون «أن رواتبهم التي لا تتعدى الحد الأدنى للأجور تذهب رسوماً إلى صناديق»، ويتمنى المعلمون لو «أن النقابة لا تصرف الكثير من وقتها وطاقتها على إلزامية الانتساب إلى التعاضد، وتهتم بقضايا الأساتذة الحقيقية».