راجانا حميّة
نقل مسؤول الشباب في تيّار المردة أنطوان فرنجية آخر مقتنياته من بيته الزغرتاوي إلى غرفته الصغيرة في مخيّم وسط بيروت. فرنجيّة لم يسأم من زغرتا، لكنّه فضّل في الوقت الراهن البقاء في أرض «الساحة» ريثما تعود ممتلكات «الأمة»، من سوليدير وسرايا حكومية، إلى مكانها الطبيعي.
كان الـ«سي دي رايتر» آخر ما أحضره لاستكمال فرش بيت الـ«DT» الذي يضم كل ما يحلم به معتصم يقضي أيّامه ولياليه مفترشاً الأرض. لقد حظي الشاب الزغرتاوي بغرفة متواضعة داخل الخيمة المركزيّة، تمنحه خصوصيّة افتقدها خمسة وثلاثين يوماً وسط صخب ساحة الشهداء، إضافة لتوفيرها فسحة للدرس والتفكير في تفاصيل «الخطوة الأولى» لتيّاره، المجلّد الذي يعدّه ومسؤولي التيّار لمناسبة انطلاقة «المردة».
حاول فرنجيّة أن يضمّن غرفته الصغيرة كل ما يحتاجه لتأمين استمراريته «أشهراً أخرى قد نحتاج إليها لإصلاح الوضع». لم يكلّفه المتران المربّعان سوى مجموعة أخشاب تكفّل هو وزملاؤه في الخيمة المركزية بوضع أساسهما، وزنّرت جدرانها بصناديق «كرتونيّة»، فيما افترشت الصناديق المتبقّية أرض الغرفة، بموكيت من «الخيش».
فوق الموكيت، وضع فرنجيّة سريره، وإلى جانبه مكتبه البلاستيكي والعدّة والكومبيوتر (وربّما قريباً شبكة الإنترنت) والجريدة اليوميّة وكتيّب «الخطوة الأولى» وكتبه وأقلامه والمدفأة، إضافة إلى زجاجة طلاء الأظافر الخاصّة بشقيقة «الست» التي تستغلّ غيابه للحصول على «بعض الراحة».
وإلى جانب المكتب، وضعت ثلاثة رفوف خشبية «من اختراع الشباب» اختصرت المطبخ والحمّام وبعضاً من أغراض «الشباب» التي كان أهمّها «كيس البخور الخاص بالميلاد والطنجرة وفرشاة الأسنان».
لم تكن الرفوف الثلاثة كافية لاحتواء أغراض الشباب وفرنجيّة، ما دفع الأخير للبحث عن خزانة يضع فيها «ملفّات المردة والكتب... وبعضاً من علب الشاي والقهوة، لزوم الضيافة». قصد الضاحية الجنوبية لشرائها إلى أن وفّق بها في الأوزاعي بسعر «لقطة» لم يتجاوز الـ50$، وفّرت عليه الكثير من الفوضى التي لا تليق بغرفة مسؤول يأتيها زوّار من كل حدب وصوب.
وما بقي من أغراض تسبّب الفوضى، عمد فرنجيّة إلى وضعها على «التتخيتة» فوق الباب، إضافة إلى حقيبة ثيابه والأعلام. غير أنّ ما لم يوفّق به فرنجية هو اللون الأخضر لهذه الخيمة، فمرّة يكون ميّالاً إلى «حركة أمل» ومرّة أخرى إلى حركة أخرى، فيما يبقى اللون الحقيقي في أوراقه وكتبه.
ويعزو فرنجيّة هذا «الخطأ» إلى «السرعة في تركيب الشوادر بسبب تساقط الأمطار»، واعداً بتغييره لحظة تأمين البديل... «لا لشيء، بل وفاءً للمردة».