لا تزال «حرب الصور واللافتات» السياسية مستعرة على جميع الأراضي اللبنانية. وتبقى حرية التعبير مورداً للأخذ والرد، ليأتي حكم قضائي بحق «مثيري شغب» وموزع بيانات. فهل يكون القضاء هو الحكم، أم نعمد دوماً لأخذ حقّنا «على دمائنا»؟
قضى القاضي المنفرد الجزائي في بيروت القاضي هاني حلمي الحجار بحبس المدعى عليه ف. ف. مدة شهرين بجرم «مشاركته في تجمع شغب في 4 كانون الأول الماضي في محلة البسطة»، والاشتباك مع مؤيدين لتيار «المستقبل» على خلفية نزع صورة مرفوعة للرئيس الشهيد رفيق الحريري في المنطقة المذكورة. وأفادت وقائعالحكم الذي أصدره القاضي الحجار بأن دورية أمنية أوقفت المدعى عليه في محلة السوديكو عصر الرابع من كانون الأول الماضي، حيث كان يقود سيارة «نيسان ساني» من دون أوراق أو رخصة سير، وضبطت معه سكيناً ممنوعة. واعترف (ف.) أثناء التحقيق بأنه شارك، مع مجموعة من رفاقه، في نزع صورة للرئيس الحريري في شارع المأمون في منطقة البسطة، وأنه كان أثناء ذلك «يطلق عبارات تحريضية». وأفاد بأنه تبادل ورفاقه الضرب مع مناصرين لتيار «المستقبل» أصيب إثرها بجرح في رأسه قبل أن تحضر قوة من الجيش اللبناني لتفريق المشتبكين. واستطاع المحكوم حينها الفرار بالسيارة باتجاه الأشرفية قبل أن يعود إلى السوديكو حيث أوقف.
وذكر الحكم القضائي أن فحصاً مخبرياً أثبت أن ف. ف. يتعاطى حشيشة الكيف والمورفين، كما ضبطت بحوزته وصفة طبية لتعاطي حبوب البينزكسول وبعض أدوية الأعصاب.
وخارج إطار القضاء، علمت «الأخبار» أن بلدة شبعا الجنوبية تشهد «حرباً» على الصور بين مؤيدي الحكومة وتيار «المستقبل» من جهة، ومؤيدي «حزب الله» من جهة أخرى. وكانت آخر فصولها ما جرى بتاريخ 6/1/2007 عندما حاولت قوة من الجيش اللبناني إزالة صور الرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب سعد الحريري والسيد حسن نصر الله على خلفية توترات في البلدة بسبب رفع الصور ومحاولات إنزالها. وبعدما أنزل عناصر من الجيش صورة للسيد نصر الله، حاولوا إنزال صورة للرئيس الحريري، فتجمع عدد من مناصري «المستقبل» ومن ضمنهم أحد رجال الدين في المنطقة ورفضوا إزالة الصورة «إلا على دمائهم». عندها تراجعت عناصر الجيش عن الأمر وأعادت صورة نصر الله إلى مكانها.
إبطال ملاحقة طالب وزع منشوراً سياسياً
من جهة أخرى، أبطل القاضي المنفرد الجزائي في بيروت القاضي زياد مكنا التعقبات بحق علي عباس قاروط لعدم توافر العناصر الجرمية المتعلقة بتحقير وتهديد المرجعيات السياسية أو أي موظف أثناء قيامه بوظيفته على أثر قيامه بتوزيع منشور سياسي في حرم الجامعة العربية. وجاء في وقائع الحكم الذي أصدره القاضي مكنا: «إن المدعى عليه طالب جامعي في كلية الهندسة في جامعة بيروت العربية، وينتمي إلى حركة اليسار الديموقراطي. وبتاريخ 15/9/2005 حضر إلى مركز الكلية المذكورة وبحوزته ألف نسخة من بيان أعده باسم طلاب حركة اليسار الديموقراطي، وقام بتوزيع هذه النسخ على زملائه. وتبين أنه في جلسة المحاكمة الختامية المنعقدة بتاريخ 16/11/2006 جرى استجواب المدعى عليه، فأفاد بأنه أعد المنشور المضبوط ووزعه على الطلاب بعد أن استحصل على إذن بتوزيعه من قسم شؤون الطلاب في الجامعة، وأنه وزعه في ذكرى انطلاق المقاومة ولم يكن يقصد التعرض لأي مرجعية، لكنه هدف فقط إلى استعراض بعض الوقائع السياسية والتاريخية في تلك الحقبة، وطلب إعلان براءته».
وأضافت وقائع الحكم أنه «حيث يتبين من البيان الذي وزعه المدعى عليه أن نصه ينطوي في الواقع على استعراض لبعض الوقائع التاريخية المتعلقة بانطلاق المقاومة الوطنية بوجه الاحتلال الإسرائيلي، وبيان للضغوطات التي تعرضت لها هذه المقاومة، والاغتيالات التي استهدفت بعض قادتها، والهدف من هذه الاغتيالات، كما تضمن دعوة للمثقفين والمناضلين إلى أخذ دورهم في إنتاج مقاومة وطنية لتحرير الأرض والإنسان، وفي الختام وُجِّهت تحية إلى شهداء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية وإلى شهداء الوطن كلهم وإلى قائد جبهة المقاومة الشهيد جورج حاوي».
وأضاف الحكم أنه «حيث إن حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحرية الطباعة مكفولة بموجب المادة 13 من الدستور اللبناني، وذلك ضمن دائرة القانون، وبالتالي إن حرية إبداء الرأي هي المبدأ ولا يحدها إلا القانون. وحيث إن البيان الذي وزعه المدعى عليه هو تعبير عن وجهة نظر سياسية، وقد حصل هذا التعبير ضمن دائرة القانون وبدون تعرض لأحكامه، ما يوجب إبطال التعقبات بحقه سنداً لهذه الجنحة».
(الأخبار)