باريس ـــ بسام الطيارة
«باريس ـ 3» مكمّل لـ«باريس ـ 2» ومستعد للقاء نصر الله في اللحظة التي يحدّدها

رأى رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري أن «المبادرة العربية هي التي يمكن أن توصلنا إلى حل» مشدداً على وجوب حفظ ماء الوجه للجميع، ومعرباً عن استعداده للقاء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله «في أي لحظة يحددها»، ورأى أن أي دولة لا تتعاون مع لجنة التحقيق الدولية «تضع نفسها في موضع الشك حتى لو كانت صديقة»، مشيراً الى أن «باريس ـــ 3 هو تكملة لباريس ـــ 2» و«لا شروط على لبنان سوى بعض الإصلاحات الإدارية والمالية»

كلام الحريري جاء بعد لقائه أمس الرئيس الفرنسي جاك شيراك في قصر الإليزيه لساعتين وربع ساعة، تركز على التطورات في لبنان والمنطقة والتحضيرات الجارية لعقد «باريس ـــ 3».
وعلى درج قصر الإليزيه بادر الحريري الصحافيين بحديث شبيه ببيان صحافي محضر مسبّقاً شدد في مطلعه على «التحديات الكبيرة والصعبة التي يواجهها لبنان»، وأنه «لا يستطيع حلها إلا اللبنانيون بحوار لبناني ـــ لبناني». وأكد أن «يده ممدودة إلى المعارضة وأنه منفتح للحوار»، وأن الحلول في لبنان تكون «كما قال عمرو موسى بلا غالب ولا مغلوب... ونحن لا نريد أن ننتصر ولا أن ينتصر علينا أحد»، معتبراً أن «كل الجهات السياسية يجب أن تخرج بحفظ ماء الوجه للجميع».
ولوحظ أن نبرة حديث زعيم تيار «المستقبل» كانت أقل حدة من المرات الست السابقة التي خرج فيها من الإليزيه ليتحدث بالشؤون اللبنانية. فهو أعلن أنه حضر إلى باريس للبحث في «باريس ـــ 3»، مذكّراً بأن «حكومة السنيورة تقوم بكل الجهود والإصلاحات لإنجاح هذا المؤتمر»، مشدداً على أن المؤتمر «ليس مؤتمر فريق واحد» بل «كل مواطن لبناني يريد أن يعيش في هذا البلد بكرامة». ودعا المعارضة إلى الفصل بين موقفها من المؤتمر وموقفها من «١٤ آذار».
ولوحظ تكرار الحريري الربط بين «باريس ـــ 3» و«باريس ـــ 2»، وهو ربط عزته مصادر متابعة إلى ارتفاع أصوات من جهات لا يمكن وصفها بأنها مؤيدة للمعارضة، تحذر من «الهدر والفشل مذكرة بما حصل بعد باريس ـــ 2».
ورأى الحريري أن من الأسباب التي دفعت الحكومة اللبنانية إلى طلب انعقاد مؤتمر باريس ـــ 3 «مساعدة لبنان على إنهاء وضع الدين العام الذي يواجهه لبنان» مؤكداً أن «لا شروط لباريس ـــ 3» قبل أن يستدرك قائلاً «إلا بعض الإصلاحات الإدارية والمالية التي كان من المفروض أن نقوم بها بعد باريس ـــ 2، والتي لو تمت في حينها لما كانت هناك ضرورة لباريس ـــ 3 (...) الذي سيخلق فرص عمل كثيرة في لبنان ويساعد على الحد من هجرة الشباب».
ورد الحريري على من يتهمون الفريق الحاكم بأنه من دعاة الشرق الأوسط الجديد بالقول: «لسنا مع الشرق الأوسط الجديد أو شرق أوسط إسلامي إيراني جديد، بل نحن مع الشرق الأوسط العربي». وكشف أن عدداً من الدول العربية ستشارك في المؤتمر «على رغم المشاكل التي تواجهها المنطقة العربية». إلا أنه لم يحدد أي رقم للمساعدات والقروض المتوقعة، وتجنب الإجابة عن سؤال بشأن من سيمثل لبنان في المؤتمر، علماً بأن استمرار إحجام رئيس الوزراء فؤاد السنيورة عن زيارة باريس ما زال موضع تساؤل في الأوساط المهتمة بالوضع اللبناني، ويثير الكثير من اللغط بشأن علاقته بالعاصمة الفرنسية.
في هذا السياق، رأت مصادر مطّلعة أن حضور وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس «باريس ـــ 3» قد يثير إشكالاً في حال غياب السنيورة، وإلا فقد «يستمر الوضع على ما هو عليه» فيمثل لبنان الثلاثي المؤلف من الوزيرين جهاد أزعور وسامي حداد وحاكم المصرف المركزي رياض سلامة.
وشدد الحريري على توافقه مع شيراك على ضرورة إنشاء المحكمة الدولية «لحماية لبنان من أي محاولات اغتيال يمكن أن تحصل»، لافتاً الى أن أعضاء مجلس الأمن «وافقوا على نظام المحكمة حين أقر». وعن رأيه في «الدول المتهمة بعدم التعاون مع التحقيق» أكد «أن كل دولة لا تتعاون تكون قد وضعت نفسها في موضع الشك... حتى لو كانت دولة صديقة».
وعن إمكان لقائه السيد نصر الله قال الحريري «لا مشكلة في ذلك في أي وقت وفي أي لحظة يقررها أو يحددها»، مطالباً بأن يكون اللقاء «منتجاً لحلول سياسية للأزمة التي نعيشها».
ويقول مراقبون عرب في باريس إن توقيت «الزيارة الرسمية» للحريري «يتعلق بأجندة شيراك» الداخلية، لأنه، بحسب المتابعين، فإن «حيثيات لقاء الخبراء في باريس قبل أيام حسمت التوقعات المتعلقة بمؤتمر باريس ـــ 3 وبرنامجه، والمسؤول الفرنسي جان بيار جويي موجود في بيروت لإنهاء الإجراءات. كما أنه لا جديد على الساحة اللبنانية يستدعي التشاور بين شيراك والحريري، ومن المستبعد أيضاً أن تكون قضية الدول العشر غير المتعاونة مع لجنة التحقيق، التي ذكرت فرنسا من بينها، سبباً للقاء رسمي». ويقول العارفون بطريقة تفكير شيراك إن استقباله الحريري في الإليزيه «في الساعة نفسها التي توج فيها نيكولا ساركوزي مرشحاً لليمين، هو محاولة لفتح أبواب العهد الجديد أمام أصدقائه اللبنانيين، وتذكير للمجتمعين ولساركوزي بالعلاقة التي تربط فرنسا بلبنان».