البقاع ــ عفيف دياب
ينشغل البقاعيون هذه الأيام بحوارات متنوعة في ما أثارته «الأخبار» من «فضيحة» تتعلق بعدد جرحى عدوان تموز الذي طال البقاعيْن الأوسط والغربي، حيث بلغ عدد الطلبات المقدمة للهيئة العليا للإغاثة للمساعدة المالية نحو 8614 طلب جريح وجريحة. يقدم هذا التقرير معلومات جديدة عن هذا الملف ــ الفضيحة

تظهر آخر المعلومات المتعلقة بملف التعويضات لجرحى عدوان تموز الذي طال البقاعين الأوسط والغربي، تورط مجموعة كبيرة من قياديين في تيار سياسي إضافة الى مستشفيات ومخاتير وأطباء شرعيين وبلديات في تفاصيله و«سمساراته».
ووصل «الفساد» في صفوف هذا التيار الى مستوى لم يعد يمكن التغاضي عنه من جانب القيادة المركزية لهذا التيار التي فتحت أيضاً تحقيقاً في ملابسات «العدد» الكبير من طلبات المساعدات المالية المقدمة الى الهيئة العليا للإغاثة. وقالت مصادر واسعة الاطلاع على «تفاصيل» الملف إن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة طلب من الهيئة العليا للإغاثة «إعادة» الأموال التي دفعتها الى جرحى «وهميين» وتقديم دعاوى قضائية إذا «لزم الأمر». وأضافت ان «المبالغ التي دفعت للجرحى الوهميين» في البقاعين الأوسط والغربي فقط وصلت الى أكثر من مليار ونصف مليار ليرة، وأن «الأمور كانت تسير على أحسن ما يرام لو لم تثار القضية إعلامياً وسياسياً».
ويتندّر بقاعيون خلال عرضهم وقائع عن طلبات الجرحى «الوهميين» خلال العدوان الاسرائيلي في تموز الماضي، فيقولون إن الطائرات الاسرائيلية كانت تقصف بصواريخ تحمل مواد مشعة تصيب المئات من أسرة وعائلة واحدة حسب «الجينات». ويوضحون أن أكثر من 115 جريحاً وجريحة من عائلة واحدة أصيبوا في غارة اسرائيلية واحدة استهدفتهم في سعدنايل وبر الياس والمرج والروضة وتعنايل، وان جميعهم نقلوا الى مستشفى (...) في البقاع الأوسط دفعة واحدة لتلقّي العلاج!
«الأخبار» حصلت أيضاً على جداول مفصلة بأسماء جرحى نالوا تعويضات مالية من الهيئة العليا للإغاثة، (مع أرقام الشيكات). وفي قراءة أولية لهذه الجداول مع عدد من مخاتير قرى في البقاعين الأوسط والغربي ــ لم يتورطوا في إعطاء إفادات للجرحى الوهميين ــ تبين ان ما نسبته 90% من الأسماء التي نالت مساعدة مالية (ما بين 4 ملايين و12 مليون ليرة) لم تكن في البقاع خلال العدوان الاسرائيلي، أو أنه لم يصب أحد منهم بأذى أو حتى بـ«بحصة» صغيرة. وتبين من هذه القراءة ان «المحسوبيات» السياسية كانت طاغية على الطلبات المقدمة لنيل التعويض المالي والمساعدة. وإن «الفضيحة» الكبرى كانت في دور «السماسرة» الذين كانوا يعدون ويقدمون الطلبات، إذ على كل صاحب طلب «يقبض المساعدة» ان يدفع منها مبلغ ألفي دولار الى «السمسار» على دفعتين، أي نصف قيمة المبلغ قبل القبض والنصف الآخر بعدما يأخذ الجريح الوهمي الشيك المالي من الهيئة العليا للإغاثة، فيما يتقاضى الطبيب الشرعي مبلغاً يراوح ما بين 100 دولار و250 دولاراً حسب نسبة الإصابة التي يدوّنها في تقريره الشرعي، بينما تتقاضى المستشفى مبلغ مئة دولار عن كل تقرير تعطيه. أما حصة المختار فهي لا تتجاوز عشرة دولارات عن كل إفادة يعطيها.
وفي قراءة أيضاً للتقارير الطبية وتقارير المستشفيات وإفادات المخاتير تبين ان هناك «تناقضات» في تدوين المعلومات «الطبية» عن الجريح «الوهمي». ففي أحد التقارير الصادرة عن مستشفى (...) تبين ان الجريحة (...) مصابة بشظايا في البطن والصدر، فيما تقرير الطبيب الشرعي الذي حوّل الجريحة الى جريح قال في تقريره (نص حرفي للتقرير) «في تاريخه (غير محدد التاريخ) وبناء لطلبه (الجريحة) عاينت في مستشفى (...) الجريح (...) من مواليد 1969 فوجدته مصاباً برضوض بليغة في الصدر والبطن ناتجة عن القصف الاسرائيلي الذي حصل بتاريخ تموز 2006 وان المريض حضر الى المستشفى لإصابته برضوض بليغة وهو قيد العلاج وبحاجة الى متابعة العلاج»، مختتماً تقريره بتحديد نسبة «العطل» بـ35%.
وفي تقرير آخر صادر عن المستشفى نفسه أُعطي للجريحة (...) مواليد 1967: «أُدخلت الى المستشفى بحالة طارئة جراء العدوان الاسرائيلي الغاشم على لبنان ــ منطقة البقاع ــ تعنايل ــ 17\7\2006 (حرب تموز 2006) حيث تلقت العلاج من حالة انهيار عصبي حاد، مما استدعى المراقبة الطبية في المستشفى». فيما يقول تقرير مختار بلدة الجريحة إنها «أُدخلت الى المستشفى بتاريخ 17\7\2006 للمعالجة»، ولم يذكر في تقريره نوع المعالجة وأسبابها. بينما تقرير الطبيب الشرعي الذي عاين «الجريحة» في عيادته بعد مرور شهرين على «إصابتها بالانهيار العصبي»، أفاد في تقريره انه «أثناء قصف الطيران الاسرائيلي تعرضت (الجريحة) لانهيار عصبي وهي لا تزال تعالج بالأدوية المهدئة وأصيبت بعطل دائم يقدر بـ 30%»!