strong>بيسان طي
صمتت كل الأصوات أمس ليرتفع من وسط بيروت صوت جمال عبد الناصر. 36 سنة مرت على رحيله، واستعادته المعارضة رمزاً للحرية، وباسمه أضاءت في ذكرى ميلاده الـ89 شعلتها في ساحة رياض الصلح التي لن تنطفئ قبل قيام حكومة الوحدة الوطنية، كما قال عريف الاحتفال نديم الشمالي.
جاء العدّاؤون يحملون الشعلات من مناطق بيروتية مختلفة، من تلك الأحياء التي شهدت مقاومات عنيفة للجيش الإسرائيلي خلال الاجتياح عام 1982. من أمام تمثال عبد الناصر في عين المريسة انطلق عدّاؤون من حزب الاتحاد، ومن أمام منزل الرئيس سليم الحص في عائشة بكار حمل شباب بيروتيون الشعلة وركضوا بها إلى الساحة، ومن أمام المقر السابق لمقهى الويمبي انطلق رفاق الشهيد خالد علوان في الحزب السوري القومي الاجتماعي، ومن طريق الجديدة كانت انطلاقة شبان من حزب “المرابطون”.
بعد إذاعة النشيد الوطني اللبناني، وقف في ساحة رياض الصلح الرئيس السابق لنادي النجمة عمر غندور مع العدّائين يضيء الشعلة الكبيرة التي قدمت هدية لـ“سيد المقاومة حسن نصر الله” الأمين العام لحزب الله.
بعد 36 سنة على رحيله، رفعت المعارضة صورة عبد الناصر مبتسماً، وأذاعت خطاباته وهو يؤكد مقاومة العدوان وأن الذي يعرف المعنى الحقيقي للقتال والشرف هو بالتحديد من يعشق الحياة.
بيروت التي عشقت عبد الناصر استعادته مرة جديدة أمس، “هذه بيروت التي وقفت ضد حلف بغداد ستقف ضد التدخل الأميركي مرة جديدة” كانت تردد سيدة في العقد السادس، وتقول بلهجتها البيروتية “أنا من الطريق الجديدة، من بيروت مدينة عبد الناصر، وأنا مع المقاومة، صوروني ليشهد الناس”.
لم يكن الاحتفال في حاجة إلى الكلمات والارتجالات الكثيرة. تكفي صورة عبد الناصر لتختصر المشهد: رفض التدخل الأميركي في لبنان، تأكيد وجوب مقاومة إسرائيل، حقوق الفقراء على السلطة، بيروت لن تكون مقراً تُحاك فيه مؤامرة ضد المنطقة العربية، رفض الخصخصة، ورفض الاستسلام لإسرائيل.
كان احتفال أمس تأكيداً لخيار سياسي عربي تتخذه المعارضة اللبنانية في وجه مشروع آخر تلتف حوله قيادات في المنطقة العربية وترسمه إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش تحت عنوان “الشرق الأوسط الجديد”، هذا ما كان يردده مشاركون في الاحتفال أمس.
في قلب بيروت كان عبد الناصر حاضراً أمس، بكلماته وخطبه، بصوره، وبعباراته الشهيرة. وفي أحياء العاصمة وكل لبنان رفعت المعارضة شعار “بدنا نعيش راسنا مرفوع” صدى لندائه الشهير يوم قال لكل عربي “ارفع رأسك عالياً يا أخي”.