فاتن الحاج ــ راجانا حميّة
فرضت رئاسة الجامعة اللبنانية قرار تأجيل انتخابات مجالس الفروع، «متجاهلة» هواجس طلاب ثلاث عشرة كلية ومعهداً، فمررت مذكرتها التي تحمل الرقم «2» «خفية» في يوم العطلة الأسبوعية، من دون «اجتراح» الحل البديل. وقد اكتفت المذكرة بحصر السبب «بالظروف الدقيقة والأوضاع التي تمر بها البلاد»

أبدى معظم رؤساء مجالس طلاب الفرعين الأول والثاني، في التعليقات «المبدئية»، حذرهم من المذكرة التي لم تحدد موعداً للتأجيل سوى «انتظار تأمين الأجواء الملائمة». وفيما رأى البعض القرار تعدياً على صلاحيات الطلاب وحقوقهم في التمثيل الصحيح، خصوصاً أنّه اتخذ إفرادياً ولم تجر مناقشته مع الهيئات الطلابية، طالب البعض الآخر بتقديم البديل عن الانتخابات وألا يكون التأجيل بمثابة الإلغاء، و«إن كان سبب القرار، الظروف الدقيقة والأوضاع العامة في البلد، مبرراً» .
إلاّ أنّ المراهنة على وعي الطلاب أمر جوهري بالنسبة إلى رئيس مجلس طلاب الفرع الأول في كلية العلوم فضل الموسوي، الذي يصف المذكرة بالتدخل في العمل الطلابي، «فجوّ الجامعة اللبنانية ليس بهذا السوء حتى يكون القرار بهذا «النفَس»». ويستغرب أن «نتبلّغ الخبر بشكل غير رسمي، وهو ما لاقى استهجاناً في صفوف الطلاب»، مشيراً إلى أنّه سيكون لنا موقف رسمي من القرار.
الأوضاع في البلاد ليست سبباً مقنعاً للتأجيل، يقول رئيس مجلس طلاب الفرع الأول في كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال، «لأنه لا يمكن الاستغناء عن دور مجالس الفروع في الدفاع عن قضايا الطلاب مهما كانت الظروف، ومن قال إنّ الظروف المقبلة ستكون أفضل؟».
ومع أنّ تأجيل الانتخابات لا يؤثر على واقع كلية الآداب والعلوم الإنسانية ــ الفرع الأول لكون الانتخابات تجري عادة في نهاية العام الدراسي، يتمنى رئيس مجلس طلاب الفرع الأول في الكلية عباس قطايا، ألا تنتهي السنة من دون إجرائها. أما إذا كان الهدف هو إضفاء طابع من الهدوء على الأجواء المشحونة، يرحب قطايا بالقرار شرط أن لا يكون فيه تعدًّ على ممارسة الطلاب لحقهم الديموقراطي.
وفي تعليق أوّلي على المذكّرة «رقم 2»، سجّل رئيس مجلس طلاب الفرع الأوّل في كلّية الإعلام والتوثيق طه حسين امتعاضه من قرار لم يأت استجابة لهواجس الطلّاب، مفنّداً الأخطاء التي حواها، إذ أشار إلى أنّه «لا يحقّ لرئيس الجامعة اللبنانيّة التفرّد باتّخاذ القرار على المستويين الطلّابي والقانوني». ورأى أنّه «من المسيء بحقّنا طلّاباً شباباً يتمتّعون بالوعي الكامل أنّ تُتّخذ القرارات والمراسيم بالنيابة عنّا»، لافتاً إلى أنّ السبب الرئيسي الذي دفع البعض إلى اتّخاذ القرارات «بالوكالة» هو غياب الاتّحاد الوطني للطلبة الذي من شأنه حصر «القرارات الداخليّة بأصحاب العلاقة». وتمنّى ألاّ يكون سبب التأجيل سياسياً وأن يبقى في ظلّ دائرة «الأوضاع الأمنيّة التي يمرّ فيها لبنان».
لا يختلف ردّ رئيس مجلس طلّاب الفرع الأوّل في كلّية التربية محمّد ترمس عن ردّ حسين الذي رأى صدور القرار «من الخارج بمثابة تعدٍّ واضحٍ على صلاحيات المجلس والطلّاب»، وكذلك الأمر بالنسبة لرئيس مجلس طلّاب الفرع الأوّل في كليّة الصحّة حسام ياسين الذي اكتفى باعتبار «الصدور من الخارج» أمراً خاطئاً، بانتظار صدور القرار الرسمي.
وتجسّد الردّ «الأعنف» على لسان مسؤول شعبة حركة أمل في كلّية الحقوق والعلوم السياسيّة والإدارية ــ الفرع الأوّل في الجامعة اللبنانية هيثم بعلبكي، الذي أعلن تأييده «المطلق» لكلّ ما «يصدره رئيس الجامعة»، معتبراً أنّ له الحق «في تجنيب الجامعة أيّة إشكالات سياسيّة أو حزازات طائفيّة».
وبعدما رتّب طلاب معهد الفنون الجميلة في الفرع الأول تحالفاتهم استعداداً لإجراء انتخابات المجلس غداً الثلاثاء، اصطدموا بمذكرة رئيس الجامعة، وقرروا الاقتراح على مدير الفرع إبقاء الانتخابات لكونها لا تحمل أية تشنجات ولا تتخذ شكل المواجهة الحادة، ومع ذلك يؤكدون لتزامهم المذكرة.
في الفروع الثانية، لم يكن الوضع مختلفاً، فالجميع فوجئ بالقرار الرسمي، علماً بأنّ «الخبر» كان يدور في «الكواليس»، فمندوب التيار الوطني الحر في كلية العلوم ــ الفرع الثاني شربل دميان يوضح أنّ المذكرة صدرت «من وراء ظهرنا»، وإن كانت الكلية تجري انتخاباتها في أيار. ويتساءل دميان: «لماذا لم يصر إلى التباحث مع الهيئات الطلابية في القرار الذي يتزامن مع منع النشاط السياسي في الجامعة؟، هل الانتخابات نشاط سياسي عادي؟ لماذا لم يحدد موعد للتأجيل؟».
ولم يطّلع رئيس الهيئة الطلابية في كلية الإعلام ــ الفرع الثاني زاهي نوح على المذكرة الرسمية، بل سمع بها شفهياً بعدما كانت الخبرية تدور في أروقة الكلية، ومع ذلك يرى نوح أنّ القرار سيف ذو حدين، فهو مبرر لكون الأوضاع متشنجة، «إلاّ أن ذلك لا ينسحب على الفروع الثانية عموماً وكليتنا خصوصاً، فالعلاقة بين الطلاب من التيارات السياسية المختلفة أكثر من طيبة».
ويرى نوح أنّ القرار غير سياسي ويهدف إلى تخفيف حدة الخلافات التي تطورت إلى مشاكل دموية، في أكثر من كلية.
أما رئيس الهيئة الطلابية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية ــ الفرع الثاني جولي معلولي، فيطالب بتقديم البديل عن الانتخابات، ما دام السبب مبرراً ولا نستطيع أن نحاربه، «لكن المطلوب مناقشة الحل وتحقيق تمثيل صحيح للطلاب يضمن حقوقهم ويدافع عن قضاياهم».
وكانت انتخابات الهيئة الطلابية في كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال ــ الفرع الثاني قد ألغيت في العام الماضي واستعيض عن الهيئة بلجنة تمثلت فيها القوى الطلابية بمقعد لكل منها. والقوى هي التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، حزب الوطنيين الأحرار، والكتائب. كما وقع إشكال هذا العام بشأن قانون الانتخابات وموعدها.
تجدر الإشارة إلى أنّ قراراً بمنع النشاطات السياسية في كل الفروع صدر في الرابع والعشرين من أيار الماضي، عن رئيس الجامعة الدكتور زهير شكر، على أثر تكرار حصول الإشكالات والحوادث والخلافات بين مختلف القوى الطالبية والسياسية في وحدات الجامعة.




«التيّار»: لتحديد موعد التأجيل

أصدرت لجنة الشباب والشؤون الطالبية في التيار الوطني الحر بياناً تعليقاً على المذكّرة الرقم «2» جاء فيه:
«أقدمت ليل أوّل من أمس (السبت) إدارة الجامعة اللبنانية، وفي خطوة منافية لأبسط القواعد الديموقراطية، على تأجيل الانتخابات الطالبية في كليّة الزراعة المقرّرة اليوم، وفي كلّ كليّات الجامعة اللبنانية وفروعها، عازية السبب إلى تأزّم الأوضاع السياسية في البلاد. واللافت أن الإدارة أقدمت على هذه الخطوة من دون إبلاغ الأطراف المعنيين بالانتخابات وخصوصاً قوى المعارضة التي كانت على موعد مع فوز انتخابيّ جديد يمكن تلمّسه نتيجة تقلّص عدد مرشّحي قوى السلطة وخصوصاً «القوّات اللبنانية» إلى نصف المقاعد الانتخابية.
إنّ اللجنة، إذ تستغرب أن تكون إدارة الجامعة اللبنانية قد تنبّهت منذ يومين فقط إلى تأزّم الأوضاع السياسية في البلاد والى إمكان انعكاس ذلك على الانتخابات الطالبية في الجامعة اللبنانية، تتساءل عن علاقة تأجيل الانتخابات بما شيّعته قوى السلطة قبل يومين عن أن الإدارة قرّرت أن الانتخابات لن تُجرى، وتدعو بالتالي إدارة الجامعة اللبنانية إلى تحديد موعد للانتخابات الطالبية احتراماً لحقوق الطلّاب في ممارسة قواعد الديموقراطية».




كلّية الزراعة: «ضغوط» سياسيّة هدّدت الانتخابات

قبل يومين من موعد انتخابات مجلس طلّاب الفرع في كلّية الزراعة في الجامعة اللبنانيّة، يفاجئ رئيس الجامعة الدكتور زهير شكر الطلّاب بتأجيل الانتخابات إلى «موعد يحدّد لاحقاً بانتظار تأمين الأجواء الملائمة»، رغم قرار إدارة الكلّية المسبق بتحديد اليوم يوماً انتخابياً عاديّاً... ومنذ عشرة أيّام.
قرار مفاجئ تمّ تمريره في العطلة الأسبوعيّة، في غياب الإدارة والطلّاب وحضور موظّف واحد تلقّى «الأمر» بعد ثلاثة أرباع الساعة من إقفال باب الترشّح عند العاشرة صباحاً. وصل الخبر إلى بعض المرشّحين عن طريق الصدفة، الأمر الذي استدعى اتّصالاً بعميد الكلّية بالوكالة الدكتور يوسف ساسين الذي بادر إلى طمأنتهم بأنّ «الحال ماشي» إلى الآن.
غير أنّ قرار العميد بالوكالة تغيّر بعد سلسلة اتّصالات «روتينيّة» أفضت إلى تبنّي المذكّرة «رقم 2» تجنّباً لأيّة مشاكل محتملة يمكن أن «تقع بين اللحظة والأخرى».
لم يشف «القراران» ـ قرار رئيس الجامعة وقرار العميد ـ غليل مرشّحي اللائحة المدعومة من التيّار الوطني الحر وحزب الله، إذ أشار مندوب «التيّار» في الكلّية شربل غزيري إلى احتمال حصول «ضغوط سياسيّة معيّنة دخلت لعبة الانتخابات الطالبيّة».
وفي التفاصيل، أوضح مسؤول دائرة الجامعة اللبنانية في لجنة الشباب والشؤون الطالبية في «التيّار» روك مهنّا أنّ الحركة الانتخابية بدأت تتعثّر قبيل يومين من صدور المذكّرة الرسميّة «وتحديداً الخميس الماضي، إذ عمد بعض المرشّحين من اللائحة الأخرى إلى إبلاغ العميد بنيّتهم في تأجيل الانتخابات»، ويعزو مهنّا سبب إصرار «الفريق المقابل» على التأجيل إلى أنّهم «لم يستطيعوا أن يرشّحوا على لائحتهم أكثر من ستّة أشخاص من أصل 14، وبالتالي خوفهم من الفوز الكاسح الذي كان سيحرزه التيّار وحلفاؤه».
وحلّل مهنّا كيفيّة الوصول إلى القرار، مستنداً إلى حالة «الارتياح التي أبداها القواتيّون قبيل ساعات من صدور الأمر»، ورأى أنّ سبب أخذ «هكذا مرسوم في هكذا يوم» مردّه إلى «تعرّض رئاسة الجامعة إلى ضغوط سياسيّة».
وأشار، في الوقت نفسه، إلى أنّ مصدر هذه الضغوط «القوّات اللبنانيّة التي تمكّنت من خلال اتّصالها بتيّار المستقبل بتغيير وجهة الانتخابات من التنفيذ إلى التأجيل».
لم يعجب التحليل «العوني» القوّات اللبنانيّة، ما استدعى الردّ السريع على «الأقاويل حول التدخّل في قرار الرئيس»، وفي هذا الإطار، رأى رئيس خليّة القوّات في الكلّية عازار حوشا أنّ «قرار التأجيل أتى من خارج الكلّية، ولم يكن هناك أي تدخّل فيه، وبالتالي فلا وجود لأيّة مشاكل داخليّة لعبت دوراً فيه»، منوّهاً بأهمّية القرار «في ظل الأجواء التي يمر بها لبنان، كي لا تكون انتخاباتنا انطلاقة الشرارة الأولى للكلّيات الأخرى».
وشدّد حوشا على رغبة «القوّات اللبنانيّة في العمل مع التيّارات الأخرى من أجل وحدة الجامعة ومصالحها»، مستغرباً صدور قرار يسمح بالانتخابات أو يلغيها، في الوقت الذي صدر فيه قرار سابق يقضي بمنع النشاطات السياسيّة.