أنطون الخوري حرب
من المعروف أن عجز كل حملة سياسية معارضة عن تحقيق مطالبها المعلنة، في وجه سلطة متصلبة ومتماسكة، يرتدّ تململاً في صفوف القوى المعارضة المؤتلفة قد يهدد بانقسامها، ويؤدي بالتالي الى هزيمتها، فهل تنطبق هذه القاعدة على قوى المعارضة اللبنانية في مواجهتها مع سلطة 14 آذار؟
قد يرى البعض أن من المبكر التنبّؤ بمصير المعركة الحالية للمعارضة، إلا أن ذلك لا يلغي ما أثير من تساؤلات بعد طول مدة المكوث في مخيم ساحتي الشهداء ورياض الصلح والأداء البارد الذي اتسم به سلوك جمهور المعارضة في تظاهرات الاتحاد العمالي العام، وما تردد عن تباينات في مواقف قادة المعارضة، الأمر الذي بات موضع اهتمام فريق السلطة، الى حد جعله مادة لعدد من الأقلام الصحافية.
وترتكز هذه الأجواء على همس تناقله الوسط السياسي عن تمايز موقف الرئيس نبيه بري (قبل تحذيره العنيف أخيراً من سلوك قوى السلطة) عن مواقف حلفائه في ما يتعلق بطريقة تحريك الشارع، إضافة الى ما رُوّج عن تفاهم ضمني بين «حزب الله» والقيادة السعودية قيل إن ترجمته تجلّت في تخفيف التأجيج الجماهيري من جانب القيادات الشيعية حرصاً على تفادي زيادة حدة الاحتقان المذهبي مع الطائفة السنّية، ناهيك عن الهمس عن خلافات بين قادة المعارضة وتقاذفهم الاتهامات بشأن المسؤولية عن عدم تزخيم التظاهرات العمالية.
إلا أن هذه الترويجات لا تجد مرتكزاً لها لدى أركان المعارضة. ويرى عضو المجلس السياسي في «حزب الله» غالب أبو زينب هذه «الشائعات استمراراً لهجمة السلطة على المعارضة عبر محاولة تضليل جمهورها». وهو إذ ينفيها «نفياً قاطعاً»، يؤكد أن المعارضة «تعتمد منهجية ديموقراطية في عملها لتحقيق أهدافها الموحدة، منذ بدء مسيرة تصويب الأوضاع السياسية للبلاد انطلاقاً من تأليف حكومة اتحاد وطني او انتخابات نيابية مبكرة»، مؤكداً أن التشاور «في كل خطوة يشمل كل أطراف المعارضة، والنقاشات التي تدور في ما بينها أمر طبيعي وصحي، والأيام والخطوات المقبلة ستبرهن عن ذلك».
ويرى أبو زينب أن الرئيس بري «واضح في مواقفه وحاد في أدائه، وإلاّ بماذا يفسر تحذيره من أن عقد جلسة نيابية برئاسة نائب رئيس المجلس النيابي يعدّ عملاً انقلابياً وتدميرياً وإعداماً للطائف؟». ويلفت الى أن حركة «أمل» «جزء من الاعتصام اليومي ومن المعارضة في شكل عام. والرئيس بري عندما يقدم طرحاً أو مبادرة، يكون هدفه خدمة المعارضة. وهو يقوم بذلك تحسساً منه لمسؤوليته كرئيس مجلس نيابي ومعارض».
وعن زيارة وفد «حزب الله» الى المملكة العربية السعودية في 26 الشهر الماضي، يؤكد عضو المجلس السياسي للحزب «إيجابية» نتائجها، إذ «تمكن الوفد من شرح وجهة نظر المعارضة للقيادة السعودية المهتمة بترتيب الأمور في لبنان، ووضع كل المعارضين في أجواء الزيارة»، مشيراً الى أن «الرياض كانت تسمع من الحكومة اللبنانية اتهامات للمعارضة بانتهاج سياسة انقلابية وإقصائية، وقد شرح لها الوفد حقيقة مطلب المشاركة الوطنية في الحكم بعيداً من منطق الفيتوات والإملاءات، وحرص المعارضة على التوازن الوطني. ولقي وفد الحزب آذاناً صاغية في السعودية وارتياحاً بعد غموض الصورة التي كان فريق السلطة يرسمها للتعمية على الحقيقة».
وكشف ابو زينب أن «فريق السلطة أبلغ قيادة المملكة رفضه لنتائج الزيارة، وبذل السفير الاميركي جيفري فيلتمان جهوداً تعطيلية مراهناً على تطوّرات داخلية وإقليمية، فجمّدت مفاعيل الزيارة في اليوم التالي». وأكّد ترحيب «حزب الله» بأي تحرك عربي، لافتاً الى أن المعارضة مستمرة في برنامجها «بالتلازم مع الانفتاح الدائم على كل الجهود الخيّرة»، و«حرصها على الثوابت الوطنية، وفي مقدمها الاستقرار والوحدة الوطنية»، و«التزامها مواصلة التحركات الشعبية بعقلانية، مراهنة على الضغط التدريجي والتحركات التصعيدية».
أما عن سيناريو الحكومتين الذي جرى تداوله إعلامياً، فيجزم أبو زينب «رفض حزب الله اعادة لبنان الى ما قبل الطائف وضمه الى التوتر الإقليمي، حتى لو كان في فريق 14 شباط من يتمنى الانفجار لأنه يناسب طرح صيغ تقسيمية»، مشيراً الى ان المعارضة «تتكوّن من شرائح ورموز من كل الطوائف ما يجعلها قادرة على إجهاض أي مشروع مماثل».