البص ــ بهية العينين
يتعرض الفلسطينيون من سكان المخيمات في الجنوب، من ضمن ما يتعرض له مواطنوهم في كل لبنان، لتعدّ على كرامتهم من خلال التضييق عليهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم، وهو حق التملك المتضمَّن في الاعلان العالمي لحقوق الانسان

على الرغم من القرار «الحاسم» لقوى الامن الداخلي بمنع اي ورشة بناء او ترميم داخل المخيمات الفلسطينية المجاورة لمدينة صور، خصوصاً بعد العدوان الاسرائيلي الاخير في تموز 2006، وإقدام هذه القوى على هدم عدد من المنازل التي كانت قد تضررت بفعل العدوان اثناء عمليات الترميم؛ فإن ما يحصل اليوم في مخيم البص يثير الاستغراب والاستهجان. اذ سمح وبشكل لافت، بإنجاز بناء مجمع اسلامي كبير يحمل لافتة «جمعية الوقفية الاسلامية» ويضم مسجداً وقاعات وعدداً من المؤسسات، التي تعنى بالشأن الخدماتي للطلبة وأصحاب الحاجات الخاصةويؤكد المهندس المشرف على المشروع حسن حويلا «ان المشروع لم يواجه اي اشكالية، حتى قوى الامن لم تعترضنا. بل على العكس، لقد قدمت لنا كل التسهيلات اللازمة من اجل انجازه، وذلك بتوافق في العاصمة بين الاوقاف الاسلامية ووزارة الداخلية».
ويضيف: «ان هذا المشروع ستستفيد منه قطاعات كبيرة من الشعب الفلسطيني، وهناك تغطية مباركة من جانب وزارة الداخلية وقوى الأمن الداخلي لهذا المشروع، الذي سيتوج بمسجد كبير. ويمول هذا المشروع احد ابناء الشيخ احمد الجشّي وهو من مؤسسي جماعة «عباد الرحمن» التي تربطها علاقات وثيقة بمفتى الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني وبدائرة الاوقاف السنية في لبنان».
ودخلت مخيمَ البص عشرات الشاحنات التي تحمل مواد البناء بتصريحات خاصة، لتعبر حواجز الجيش اللبناني بدون اي اعتراض.
وتجدر الاشارة ان القوى الامنية تمنع وبشكل قاطع ادخال اي كيس رمل او اسمنت او مواد بناء الى خمسة مخيمات فلسطينية مجاورة لمدينة صور، يقطنها نحو 65 ألف فلسطيني. ويرتبط هذا المنع بـ«رفض التوطين» والحد من التمدد السكاني والعمراني لهذه المخيمات. وبالاضافة إلى ذلك فإنها لا توافق على ورش بناء وترميم لأكثر من مئتي منزل في مخيم برج الشمالي شرق صور، تضررت خلال العدوان الاسرائيلي في تموز الماضي، ويكاد بعضها ينهار على اصحابه. ومن اللافت أيضاً، أن القوى الامنية كانت قد اوقفت بالقوة اعمال ترميم عدد من المنازل في «المعشوق» والبص والبرج الشمالي و«المساكن» تحت شعار «منع إدخال مواد البناء الى هذه المخيمات والتعدي على الاملاك العامة».
مصدر في اللجان الشعبية الفلسطينية في المخيمات استغرب موافقة قوى الامن ووزارة الداخلية على المشروع «العملاق» في «البص»، وسأل: «هل دخلت السياسة الى مخيم البص عبر المؤسسات التي تربطها علاقات وطيدة بالمراجع الروحية والأمنية والسياسية الموالية لحكومة السنيورة؟». وحتى يأتي الجواب، بدأت الورش العاملة في المشروع تضع اللمسات الاخيرة على البناء ومحيطه، بينما تنتظر عشرات العائلات تحت المطر والبرد منّة «الباب العالي» لإعادة ترميم المنازل المتضررة جراء العدوان الاسرائيلي. فهل من يسمع صراخ هذه العائلات المنكوبة؟
من جهته، ذكر مصدر رفيع في قوى الامن الداخلي لـ«الاخبار» أن قرار منع إدخال مواد البناء إلى المخيمات الفلسطينية هو قرار صادر عن السلطة السياسية العليا ولا علاقة له بقوى الأمن الداخلي التي تنفذ توجيهات السلطة الاجرائية.