عرفات حجازي
لم يرقَ التحرك الذي يقوده السفيران السعودي عبد الرحمن الخوجة والمصري حسين ضرار الى مستوى المبادرة. المسؤولون السعوديون أنفسهم أكدوا أن لا مبادرة سعودية، وأن دور الخوجة ينحصر في تقريب وجهات النظر ومحاولة فتح قنوات اتصال لبلورة أفكار تساعد عمرو موسى على معاودة تحركه ,تمرير التسوية التي اقترحها.
لم تنضج، حتى الآن، الصيغة التي تسمح بعودة موسى، الذي يشترط حصول مرونة في المقاربات للحلول التي تركها في عهدة اللبنانيين، آملاً تبريد الأجواء وتهيئة المناخات لاجتماعات ثنائية أو جماعية تسهم في صناعة الحل. وفي معلومات «الأخبار» أن تحسناً طرأ على مسار الاتصالات التي تنبىء ببروز معطيات إيجابية تشيع مناخاً مواتياً للالتقاء والاتفاق على منطلقات الحل من بوابة التوازن والتلازم بين إقرار المحكمة الدولية وقيام حكومة الوحدة الوطنية. وفي المعلومات أن الخوجة طرح مخارج جديدة لحكومة الوحدة عبر تطوير صيغة 19 ـ 10 ـ 1 او 19 ـ 9 ـ 2، التي رفضها فريق المعارضة لأنها مخالفة للدستور وللطائف، وبالتالي فإن المعارضة مصرة على أن لا حل للوضع الحكومي إلا بمبدأ الثلث الضامن، وإن كان السفير السعودي يتكتم عن البديل الذي طرحه لصيغة السنيورة، فإن أوساط من التقاهم لمّحوا الى أنها قريبة من الصيغة التي طرحها بري في مبادرته الأخيرة، التي تعرضت للرماية السياسية من جانب الأكثرية قبل الاطلاع على تفاصيلها، أما في ما يتعلق بالتعديلات على النظام الخاص بالمحكمة، فالمطروح هو العودة الى تأليف لجنة ذات طابع قانوني مؤلفة من أربعة اختصاصيين، اثنان من المعارضة واثنان من الأكثرية، لمناقشة بنود نظام المحكمة ووضع التعديلات المطلوبة بحيث تنتفي الهواجس والشبهات من مقاصد بعض الفقرات الموجودة فيها، حتى اذا تم الاتفاق على هذه التعديلات تصبح التسوية ممكنة انطلاقاً من معادلة التوازن والتلازم.
وفي معلومات «الأخبار» أيضاً أن كل هذه المقترحات التي يجري التداول فيها بعيداً من الأضواء، وعبر الوسطاء، يطّلع موسى على مجرياتها بصورة يومية، وفي ضوء ما ستسفر عنه يأخذ قراره الحاسم في شأن عودته الى بيروت، مع الإشارة الى أنه يتحادث يومياً مع رئيس الحكومة وهو تواعد معه على اللقاء في الأيام القليلة المقبلة سواء في القاهرة او بيروت او في احدى العواصم الأوروبية. وقد أبلغ موسى المتصلين به أن عودته الى لبنان ستأتي في اللحظة المناسبة لتكون منطلقاً لتحرك جدي لتنفيذ المبادرة العربية، وهو يشير ضمناً الى انتظاره ما ستسفر عنه اللقاءات التي يتولّاها السفيران المصري والسعودي مع أطراف الأزمة لتدوير زوايا الخلاف.
ونقل من اجتمعوا بالوسيط العربي عنه أنه لا يتملّكه اليأس من مواجهة المشكلة، فهو ما زال على قناعة بأن الحل الأفضل يكون على القاعدة التي ربط فيها بين المحكمة والحكومة، وأنه يفضّل أن يكمل من حيث انتهى لأنه لا يرغب في إضاعة الوقت في حركات مكوكية بين الأطراف، معتبراً أن الشغل على الطبقة اللبنانية من مبنى الأزمة أساس للعبور الى الطبقات العربية والإقليمية والدولية، من دون أن يقلّل من أهمية ضرورة السعي إلى إعادة ترتيب العلاقات السعودية - السورية، وهو ما كرره على مسامعه الرئيس بري.
وإذا كان السعوديون والمصريون وعرب الخليج إجمالاً ينصحون اللبنانيين بالتفاهم سريعاً والالتقاء على المبادرة العربية بعد التفاهم على بعض التفاصيل والعناوين الجزئية فيها قبل انعقاد «باريس 3»، فهذا لقناعتهم بأن ذهاب لبنان بموقف موحد الى هذا المنتدى الدولي يشجع الدول المشاركة فيه على تقديم المزيد من المساعدات وعدم التردد في إنعاش الوضع الاقتصادي المأزوم، وأن أقصر الطرق لبلوغ هذه الغاية إحياء المبادرة العربية سريعاً ورفدها بمساعدة سعودية - مصرية - إيرانية تساهم في التعجيل بعودة موسى وتمكينه من التغلب على بعض العراقيل التي اصطدمت بها مبادرته. ولم يفت القادة العرب الذين التقاهم السنيورة في جولته الأخيرة أن يشددوا على وجوب إعادة جسور التواصل بين اللبنانيين واستعادة أجواء الثقة بينهم وأن يقتنعوا بأن في يدهم الحل.