ابراهيم عوض
لا يلتقي سوري وآخر إلّا ويكون الحديث عن ارتفاع أسعار السلع والموادّ الغذائية ثالثهما. وحالما يسترسلان في الكلام وتعداد الأصناف التي طالها الغلاء حتى يبلغ التأفف الذروة فتطلق الاتهامات يمنة ويسرة لتصب في معظمها عند من بيده الحل والربط. وتعكس الصحف الرسمية هذا «الغضب الشعبي» على صدر صفحاتها الأولى وتخصص تحقيقات واسعة داخلها، واللافت مشاركة الحكومة في «الصرخة» من خلال الاجتماع الذي عقده رئيس الحكومة محمد ناجي عطري قبل أيام مع الفريق الاقتصادي ورئيسي اتحادي غرف التجارة والصناعة والمختصين في وزارة الاقتصاد، والذي وصفته جريدة «الثورة» بـ« الساخن»، إذ أمهل عطري المجتمعين عشرة أيام لتقديم المقترحات الآيلة الى تحديد الموادّ الرئيسية الأساسية (سلة المستهلك) التي تحتاج الى اتخاذ إجراءات بهدف تأمينها للسوق المحلية. ولوّح بإصدار قرارات رادعة لإعادة توازن الأسعار الى طبيعته والاتجاه الى رفع الغرامات المالية ضد المخالفين. كما ذهب الى حدّ «إعلان الحرب» على من سمّاهم «أثرياء الحرب».
ويخال الزائر اللبناني عند سماعه الشكوى السورية من اكتواء المواطن بنيران الأسعار أنه لم يبرح بيروت مع الفارق أن لا تظاهرات احتجاج هنا ولا تحركات عمالية ونقابية ولا فلتان في الخطاب السياسي كما هي الحال في لبنان، وإن كان المتهم واحداً ومعروفاً هنا وهناك واسمه «الفساد».
وعلى رغم انصراف السوري إلى تأمين لقمة العيش، مع الأخذ في الاعتبار أن الموادّ الغذائية والألبسة تمثّل 70% من دخله، إلا أنه يضع همومه جانباً حين يطل عليه صديقه اللبناني بعد طول غياب معاتباً ومعبراً عن سروره لمشاهدته بعد أن راوده القلق على وضعه «لكثرة الأخبار التي نسمعها عن لبنان»، داعياً الله أن «يحفظ هذا البلد». وما تسمعه على لسان هذا المواطن الدمشقي لا يختلف كثيراً عن شعور من تلتقيهم في الفندق أو في السوق أو داخل سيارات الأجرة. وثمة من استعار أغنية فيروز المعروفة «زوروني كل سنة مرة» ليستخلص بأسلوبه الطريف بأن «فنانتنا الكبيرة تنبأت قبل سنوات بما ستؤول اليه الأحوال بين سوريا ولبنان واستكشفت مسبّقاً نيات جماعة 14 اذار فأطلقت هذه الأغنية الخاصة بالشعب الواحد الذي يعيش في دولتين».
هذا في الجانب الاجتماعي والمعيشي.. أما على الساحة السياسية فتبدو الأمور أكثر تفاؤلاً مع زيارة الرئيس العراقي جلال طالباني الى سوريا «الحبيبة»، وما صدر عنها من مواقف أبرزها مخاطبة الرئيس بشار الأسد قائلاً: «إننا مدينون لسوريا وضميرنا مثقل بهذا الدين الذي لا يقدّر بثمن»، مشدداً على «تحطيم الطوق الذي فرض على بلدينا كما خططت له القوى الاستعمارية لمنع كل تعاون وتلاقٍ سوري ــ عراقي».
وفيما وصف مسؤول سوري بارز زيارة الرئيس العراقي بأنها «أكثر من تاريخية»، تساءل عما ستفعله الإدارة الأميركية بعد ما ظهر زيف ادعائها بوقوف سوريا وراء العديد من أعمال العنف التي تحصل في العراق. وقال المسؤول السوري البارز لـ«الأخبار» إن «هناك في الولايات المتحدة من لم يعرف بعد أن سوريا تزداد تمسكاً بثوابتها ومواقفها القومية والوطنية كلما ازدادت الضغوط عليها، وخصوصاً أن مجريات الأحداث تؤكد صوابية الموقف السوري».
هذا ولا تألو الإدارة الأميركية جهداً في ممارسة ضغوطها على سوريا، وجديدها تعطيل صفقة شراء الخطوط الجوية العربية السورية تسع طائرات «اير باص» من فرنسا بغية المضي في عملية تحديث أسطولها الجوي.
في المقابل تتواصل حركة الموفدين الأميركيين الى العاصمة السورية، التي زارها في الآونة الأخيرة عدد من أعضاء الكونغرس، كان آخرهم السيناتور الديموقراطي عن ولاية فلوريدا بيل نيلسون، الذي قال في مقابلة صحافية أجريت معه إن «من مصلحة الولايات المتحدة فتح حوار جاد مع سوريا»، وكشف أنه طلب من الرئيس الأسد المساعدة على إطلاق الجنود الإسرائيليين لدى «حزب الله»، فأجابه مشيراً الى «أن هناك أحد عشر سورياً معتقلاً لدى إسرائيل توفي أحدهم بالسرطان في الأشهر الماضية». وذكر نيلسون أنه لدى تأكيده للرئيس الأسد وقوف واشنطن خلف حكومة الرئيس فؤاد السنيورة رد عليه الرئيس السوري بأن «هذه الحكومة لا تمثل أغلبية الشعب».
ويحلو للمسؤولين السوريين التأكيد أن سوريا ماضية في مسيرة التحديث والتطوير، وكذلك في إيلاء القطاعات المختلفة اهتماماً خاصاً. والجديد في هذا المجال ما أوردته وسائل الإعلام السورية قبل أيام عن إعلان وزير السياحة الدكتور سعد الله آغا القلعة بمناسبة إطلاق ورشة عمل عن السياحة الثقافية وادارة المواقع الأثرية بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي، عن قرب توقيع اتفاقية مع أحد المستثمرين لإقامة قرية سياحية على مساحة 250 الف متر مربع تتضمن كل التسهيلات لإقامة النشاطات السياحية.