أنجلو البعيني
ملأت بالونات السلام البيضاء أرجاء حرم كلّية الآداب والعلوم الإنسانية ــ الفرع الرابع، كـ«بيان سياسي من نوع آخَر»، في زمن البيانات الطالبية المتناحرة. وتولّت طالبات السنة الثالثة في الأدب الفرنسي مهمّة توزيعها على طلّاب الكلّية وأساتذتها لأنّهنّ، كما تفيد الطالبة نادين الجمَّال، «أردنا القيام بخطوة مختلفة». وتضيف الجمّال: «في هذا البلد، صادر أمراء الطوائف وجودنا، أفراحنا وأحزاننا كلّها. ولم يتركوا لأحلامنا لوناً واحداً». لذلك، قرّرت الطالبات التعبير عن امتعاضهنّ من الوضع السياسي القائم ببيان مختلف كليّاً «عمّا اعتدناه من أوراقٍ وبيانات تصدح بكلمات رنّانة لا تحمل، في طيّاتها، إلّا الوعود الفارغة».
من جهتها، تفسّر الطالبة رنا الطفيلي سبب اختيار اللون الأبيض فتقول: «في هذا البلد، لم يترك لنا السياسيّون لوناً واحداً. اضطررت للتخلّي عن كلّ ثيابي التي تحمل ألواناً أصبحت مسيّسة، وخصوصاً بعدما طاولتني «تلطيشات» من هنا وهناك». اللون الأبيض يرمز للسلام «الذي نبتغيه ونعمل لأجله»، لذا خطّت الطالبات كلمة «سلام» على البالونات، ناهيك علماً بأنّ اللون الأبيض يختزل علميّاً الألوان كلّها، «علّه يصبح يوماً ما لوناً لجميع اللبنانيّين».
أما صبا الحسيني، فتشكو من الاحتكار السياسيّ ــ الطائفي القائم: «مش ضروري نكون مع حدا. نحن أفراد في المجتمع، نبحث عن خيار مختلف لهذا الوطن، عن مستقبل نصنعه عبر معالجة مشكلات لبنان الحقيقيّة. إن الانقسامات الحاصلة اليوم «بلا طعمة»، ولا يحمل الأطراف المتخاصمون سياسيّاً أيّ قضية تعنينا نحن الطلاب الشباب».
ما يؤلِم الطالبة جويس حمزو رؤيتها «الشوارع والطرقات «مدروزة» بشعارات الموالاة والمعارضة، مثل «بدنا نعيش ــ سادة» و«بدنا نعيش ــ بالألوان». وحين «نسألهم عن العيش الكريم، وعن إمكان تحصيل لقمة العيش بكرامة خالية من الإذلال على أبواب السفارات، وعن فرص عمل ملائمة لاختصاصاتنا وقدراتنا، لا نلقى أيّ صدى لتساؤلاتنا، الأمر الذي يجعلنا قلقين أكثر بشأن مستقبلنا».
وتشير الطالبات الأربع إلى أنهنّ لم يستأذنّ الإدارة لتوزيع «البالونات ــ البيان» داخل حرم الكليّة، فهي «لا تؤمّن لنا أبسط حقوقنا (مثل وسائل التدفئة داخل الصفوف أو الاهتمام بنظافة الحمّامات)». كما تستنكر الطالبات «عدم مساءلة الإدارة مجلس الفرع الغائب عن مهماته منذ بداية السنة الدراسية، والذي ينبغي له متابعة قضايا الطلاب ومشكلاتهم حتى تحقيقها». وتأمل موزّعات «البالونات» أن تصل رسالتهن المتوخاة من وراء هذا النشاط الرمزي، إلى كل من يهمّه أمر تحسين الجامعة، وإبعادها عن حلبة الصراعات التي باتت، أخيراً، تأخذ أبعاداً حزبية ــ طائفية مفروضة على الطلّاب.