ثائر غندور
«يا سنيورة سخّن ميّ... فتفت جايي يشرب شاي»

أقام عدد من الشبّان صلاة الغائب عن روح المجتمع اللبناني الذي انتقل إلى جنة الخلد. كما جرى تشييع رمزي لخمسة من الضحايا الذين سقطوا بسبب «الخصخصة، غلاء الأسعار، الضرائب والدين، ورقة السنيورة الإصلاحية، وانعدام العدالة الاجتماعية».
كان يمكن هذا المشهد أن يضفي لوناً وطعماً لولا تحوله إلى مهزلة ووسيلة لجذب المصورين. حصل الدفن خلال الاعتصام الرابع للاتحاد العمّالي العام ضمن سلسلة تحركاته، وربما كان الأجدر إعلان وفاة التحركات العمالية. فالاعتصام الرابع لم يختلف عن سابقيه: مشاركة تنظيمية لحزب الله، استقدام عدد من طلاب الجامعات، غياب واضح للعمال، وظهور الانقسام في الاتحاد العمالي العام على أوجه، وعدم الاستماع إلى كلمة رئيس الاتحاد «الأستاذ غسان غصن». إضافة إلى ذلك، لم يشارك من قادة المعارضة سوى عضو المكتب السياسي في حزب الله محمود قماطي، الذي وعد بتحرك واسع للمعارضة في الأيام المقبلة. وعُلم من مصادر قيادية في المعارضة، أن بدء التحركات سيكون نهار الجمعة تحت راية الاتحاد العمالي العام، إضافة إلى إضراب يعمّ الأراضي اللبنانية كافّة يتم خلاله إغلاق عدد من الشوارع.
بدأ الاعتصام عند الساعة الثانية بعد الظهر بالأناشيد الثورية ومحاولات عدد من الخطباء تحريك الجماهير من خلال «الرديّات». لكن صراخهم كان في وادٍ واهتمامات المتظاهرين في واد آخر. فزينب التي أتت من رياق للتظاهر ضد حكومة السنيورة لأنها «سيئة»، لم تدري ما هي سيئات الورقة الإصلاحية التي تتظاهر ضدها. في المقابل، وقف سكان المباني الملاصقة على شرفاتهم يراقبون المعتصمين، وسط انتشار كثيف للقوى الأمنية والجيش اللبناني.
تحدث رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، بعد مطالبة قياديين في الاتحاد له في «الإسراع قبل رحيل كل المعتصمين». ورأى غصن أن سياسة وزارة الاقتصاد «لا بل وزارة حماية الاحتكار والوكالات الحصرية بدءاً بالدواء وحليب الأطفال والطحين وصولاً إلى مختلف السلع الأساسية، إنما تضغط بقوة على صدور الأجراء والعمال وذوي الدخل المحدود، وتضاعف من الخسائر اللاحقة بأجورهم المتدنية». وأعلن رفض الاتحاد لسياسة الحكومة الاقتصادية التي تعمل على تحرير أسعار الطاقة والمحروقات، «فتضاعف فاتورة الكهرباء وترفع سعر البنزين والمازوت إلى أكثر من 30 الف ليرة، بما ينعكس على أسعار النقل وكلفة الإنتاج. سياسة ترفع الدعم عن زراعة القمح والشمندر والتبغ فتزيد من مساحة تصحر الوطن بعد أن أسقطت الزراعة من اهتماماتها».
وسأل غصن الحكومة عن السبب وراء تخلفها عن دفع المستحق عليها من ديون إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وعن دورها في حماية حقوق مستخدمي المصالح المستقلة والقطاع العام».
أنهى غصن كلامه، فحمل بعض المشاركين شعاراتهم المناهضة للسنيورة، هاتفين: «سنيورة سخّن ميّ، فتفت جايي يشرب شاي»، وساروا في شارع الحمراء ووراءهم عناصر الجيش اللبناني قبل أن يتولى عناصر الانضباط في حزب الله تفريقهم.