إبراهيم عوض
بعث رئيس الحكومة فؤاد السنيورة من قطر بـ«تحية» إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري بإعلانه «طيّ فكرة» عقد جلسة نيابية برئاسة نائب الرئيس فريد مكاري، التي راودت مخيلة فريق 14 آذار، فانبرى من أعدّ العدة لها عبر إيجاد المخارج الدستورية لإثبات صحتها والبحث عن المكان الصالح لانعقادها.
ففي موقف مفاجئ ومغاير لما سبق أن أدلى به في بيروت، قال السنيورة في حديثه الى محطة «الجزيرة» مساء أول من أمس إثر انتهاء محادثاته مع المسؤولين القطريين إنه «ليس من الجدير بحث دعوة مجلس النواب من غير رئيسه»، معتبراً أن «اللجوء الى نائب رئيس المجلس لدعوة المجلس يشكل مشكلة جديدة، ولا يعتبر حلاً، وبالتالي فإن البلد بحاجة الى أن ننتهي من مشكلة لا أن ندخل في مشكلة جديدة».
وإذا كان السنيورة قد أزال بموقفه هذا ما سبق أن ألمح إليه قبل أيام عن احتمال عقد جلسة للمجلس برئاسة مكاري، وذلك في رده على سؤال طرح عليه في السرايا، لم ينف أو يؤكد فيه هذا التوجّه، مكتفياً بالقول إن الموضوع سابق لأوانه، إلا أنه أبقى على انتقاده للرئيس نبيه بري بـ«خطفه وتعطيله عمل المجلس». وشكا أمره بهذا الخصوص إلى رئيس مجلس الأمة الكويتي جاسم الخرافي خلال اجتماعه به في الكويت وفق ما أفادت مصادر في الوفد اللبناني لصحيفة كويتية، مشيرة الى أنه لدى استيضاح الخرافي رئيس الحكومة عن موقف الرئيس بري ودوره مما يجري على الساحة اللبنانية، تساءل السنيورة أمامه: «هل يعقل أن يقفل رئيس مجلس النواب أبواب المجلس ويرمي المفاتيح في البحر؟ وهل ترضى أن تفعل ذلك في مجلس الأمة؟ وماذا يفعل النواب؟».
وقد أظهرت مواقف صدرت أمس عن نواب من فريق الأكثرية تراجعاً واضحاً في مسألة عقد الجلسة المذكورة، إذ أكد النائب أنطوان غانم في حديث إلى «وكالة أخبار لبنان»: «أن قوى 14 آذار استبعدت فكرة عقد مثل هذه الجلسة لعدم دستوريتها في الظرف الراهن وفي ظل عدم غياب الرئيس»، مقرّاً في الوقت نفسه بأن «بعض أطراف 14 آذار طرحت مثل هذه الفكرة وتبنّتها».
كما أعلن عضو اللقاء الديموقراطي النائب علاء الدين ترو لـ«الأخبار» أن القضية المشار اليها «لم تبحث يوماً لا في «اللقاء» ولا في الحزب التقدمي الاشتراكي».
ونفى عضو كتلة «تيار المستقبل» عاطف مجدلاني لـ«الأخبار» أن تكون كتلته بحثت في مسألة انعقاد جلسة برئاسة نائب رئيس المجلس، لكنه لفت الى «وجود مثل هذا الاقتراح وهو واحد من الاقتراحات التي تتنقل من أقصى اليمين الى اقصى اليسار» وفيما تمنى مجدلاني «عدم الوصول الى هذه المرحلة»، ناشد بري «المساعدة على ذلك، والمشاركة في إقناع طهران بأن تسهّل إقرار مشروع المحكمة الدولية بالإيعاز لحلفائها بالتوقف عن عرقلته».
أوساط سياسية متابعة تساءلت عن أسباب التحوّل المفاجئ في موقف الأكثرية، وثمة من عزاه إلى صدور «أمر عمليات» ممن بيدهم الحل والربط في الداخل والخارج بعد أن تبين لهم عدم دستورية عقد مثل هذه الجلسة والعواقب التي قد تنجم عنها، وترتد سلباً على «ثورة الأرز». وفيما ذكرت معلومات أن الرياض غير بعيدة عن هذه الأجواء بعد أن نصحت كلاً من السنيورة ورئيس «كتلة المستقبل» سعد الحريري بعدم التعرض للرئيس بري، ذهب قطب معارض الى حد إضافة تأثير سقوط رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال دان حالوتس إلى هذه المسألة، لما لذلك من أبعاد سياسية على الساحة الداخلية في حسابات المعارضة، خصوصاً بعد أن ثبت بما لا يقبل الشك انتصار المقاومة في الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان، وهو الأمر الذي لطالما تشكك فيه فريق الأكثرية واتخذه ذريعة للهجوم على «حزب الله».
وعلى جبهة «عين التينة»، ترى أوساط قريبة من الرئيس بري في التبدل الذي طرأ على توجه الأكثرية من «الفكرة الجهنمية» بعقد جلسة نيابية برئاسة نائب الرئيس اعترافاً بصوابية موقف رئيس البرلمان، والأخذ بتحذيره من مغبة الإقدام على مثل هذه الخطوة التي تتجاوز كل الخطوط الحمر.
وفيما تشير الأوساط نفسها الى أن الرئيس بري تحسّب لإمكان قيام الفريق الأكثري بـ«ارتكاب الجنون»، ذكّرت بما سبق أن قاله في اجتماع خاص قبل أيام، متوجهاً إلى الفريق إياه، بأنه «ما عليه إلا أن يجرب الفكرة حتى يرى عندها نجوم الظهر».