جورج شاهين
في موازاة الحديث عن التصعيد مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر «باريس 3»، توسعت دائرة القلق على أكثر من مستوى، وخصوصاً في ضوء انحسار المبادرات المحلية والعربية والدولية، بعد تجميد ما طرح منها وعودة البحث من الصفر في محتويات سلة الأفكار، التي شكلت مادة مشتركة لكل المبادرات، بما فيها مبادرة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وعناوين مساعي السفيرين السعودي والمصري عبد العزيز خوجة وحسين ضرار.
وتعتقد مصادر مطلعة بأن مرحلة عض الأصابع قد بدأت، على قساوتها المتوقعة هذه المرة، بالتزامن مع الجولة العربية لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة التي تزامنت ــ ولو بالصدفة ــ مع جولة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في المنطقة والمواقف التي أطلقتها بسقوف عالية رفعت من نسبة التوتر في لبنان والمنطقة.
ورصدت المصادر عدداً من السيناريوهات التي تؤدي الى نتائج سلبية على البلاد في الدرجة الأولى، وعلى طرفي الصراع بنسب متفاوتة، بحيث لن تنجو الحكومة، ومعها فريق الموالين، من خسائرها، وكذلك المعارضة التي عليها ان تتحمل تبعات أية تقلبات في المواقف، واستيعاب ردات الفعل الإقليمية والدولية.
وتضيف المصادر ان استمرار طرفي الصراع في التصعيد، كل بالوسائل التي يمتلكها، قد اقترب من الذروة وسط اعتقاد الطرفين بأن لديهما المزيد من الأسلحة التي يمكن استخدامها في المرحلة المقبلة من الاقتصادية والإدارية الى السياسية والدبلوماسية، فضلاً عن الشارع، الأمر الذي سيتسبب بتداعيات سلبية، مع الخوف الجدي من إمكان انفلات الأمور من عقالها.
وبنت المصادر توقعاتها السلبية على معلومات أشارت الى استعدادات الطرفين. فالحكومة تستعد لإقرار دفعة من التعيينات الإدارية في مواقع الفئة الأولى في أول جلسة لمجلس الوزراء، سواء عقدت هذا الأسبوع أو الذي يليه، بينما طلب رئيس الحكومة من الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي إعداد المراسيم التي أصدرتها الحكومة بعد جلسة 11/11/2006 والتي مضى على إحالتها على رئيس الجمهورية 15 يوماً ولم تقترن بتوقيعه بسبب اعتباره الحكومة الحالية فاقدة لشرعيتها الدستورية والميثاقية منذ تلك الجلسة، تمهيداً لنشرها في الجريدة الرسمية وتنفيذ مضمونها من دون العودة بها الى مجلس الوزراء لتأكيدها، طلباًَ للسرعة.
وتقول المصادر إن ذروة التصعيد ستكون من خلال التثبت مما اذا كانت الحكومة ستلجأ الى بعض الخطوات الدستورية التي تنوي اتخاذها لإمرار بعض القرارات والمراسيم العادية، وسط معلومات أشارت الى ورشة عمل قائمة في قصر العدل بناء على طلب السنيورة ومستشاريه الدستوريين والقانونيين لاستصدار بعض الدراسات والفتاوى لإجراء الانتخابات الفرعية في المتن الشمالي من دون مرسوم جمهوري، وأخرى تتيح للحكومة تجاوز بعض المعابر الإجبارية تجنّباً للمأزق الذي يتحكم فيه موقف كل من رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي برفضهما فتح الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي لبت قانون الموازنة العامة والنظام الداخلي للمحكمة ذات الطابع الدولي، وهما استحقاقان قد يدفعان بالحكومة وفريق الموالاة الى تنظيم جلسة للأكثرية النيابية بعد مؤتمر «باريس 3» لبت الأمرين، وهو ما سيشكل بالنتيجة إشارة حتمية إلى الانفجار الداخلي.
وفي المقابل تستعد المعارضة لخوض غمار تصعيد تحركها على أكثر من مستوى انطلاقاً من التحرك في الشارع، واللجوء الى أساليب غير مألوفة حتى الآن، وهي تعطي المزيد من الوقت لبحث تحركات «أكثر إيلاماً» لإجبار الحكومة على فتح ملفات لا تزال تعتبرها غير قابلة للنقاش.
الى ذلك تترقب المراجع كيفية تصرف الحكومة لمواجهة أزمة تدبير أمورها المالية ومصاريف الدولة في ضوء عدم القدرة ابتداء من الشهر المقبل على استكمال الصرف وفق القاعدة الاثني عشرية، بالنظر الى حاجتها الى قانون جديد يسمح لها بذلك، وإلا فسيكون عليها اللجوء الى مبدأ السلفات المالية شهراً شهراً لمواجهة حاجاتها الطارئة والمصاريف اليومية للمؤسسات والدوائر الرسمية.