فداء عيتاني
مهما اجتهدت في النقاش فإن نواب تيار «المستقبل» لا يرون أي مأزق جدي لدى المعارضة إلا تبعيتها للمحور الإيراني ـــ السوري، ويختصرونها بطرف واحد: «حزب الله». أما الأطراف الأخرى فـ«مجرد ديكور وملحقات».
إلا أن النقاش مع الطرف الموسوم بقيادة المعارضة يتخذ طابعاً آخر. ثمة من يجري حسابات دقيقة، ويعرف حجمه ويعترف بأحجام الآخرين. داخل إدارة «حزب الله» ثمة مسؤولون يفكرون في أبعد من العمل اليومي. «الأكثرية مأزومة، والمعارضة مأزومة»، يقول أحد الذين يبحثون طوال الوقت عن حوارات وحلول مقترحة للمشكلات الداخلية. يعرب القيادي عن اعتقاده بأن «الأكثرية نفسها لم تتوقع صمود الحكومة كل هذا الوقت، وهي تعيش على الإنعاش الخارجي»، قبل أن يبحث في أزمة المعارضة، التي يبدو أنها، أيضاً، لم تتوقع صمود الحكومة هذه الفترة، وبدأت سماع أسئلة من قبيل: «هل يستدعي تغيير ثلاثة وزراء كل هذا الحشد في الشارع؟».
حتّى وقت قريب، كانت المعارضة ترى أن اعتصاماً مفتوحاً مع تحركات متنقلة ومتفرقة لمدة 40 يوماً كافية لإسقاط حكومة صلبة، مع تقديرها بأن انسحاب الوزراء المعارضين من الحكومة كفيل بضرب صمودها. إلا أن هذه الحسابات لم تتطابق مع تشجيع السفراء واعتصام الوزراء في السرايا ما أدى الى بقاء السلطة التنفيذية، بل واتخاذها قرارات مصيرية وفي معزل عن المعارضة ونصف اللبنانيين على الاقل.
تعيش الحكومة الحالية على الوضع الاجتماعي الصعب، «ولو قررت الموالاة والمعارضة معاً تنفيذ إضراب مفتوح لفشل في يومه الثاني إن لم يكن الأول، الوضع المعيشي الصعب يدفع بالكثيرين للمراهنة على السلطة». وفي الحال الراهنة ليست موازين القوى ما يحكم بل المذهبية وانعدام الآفاق، «ليس أمام الأكثرية إلا الاستمرار وليس أمام المعارضة إلا متابعة ما تقوم به» يقول المصدر نفسه.
في حال عادت الحكومة الحالية مظفّرة بما يفوق خمسة مليارات دولار من القروض الإضافية من مؤتمر «باريس ـــ 3»، فإنها سترفع شارة النصر فوق اعتصام الوسط التجاري. ويبدي المصدر أسفه لإفساح كل هذا الوقت أمام الحكومة الحالية، ويُنصت بانتباه الى الكلام عن استنفاد الاتحاد العمالي العام في الأعوام الماضية وإفراغه من قدراته البشرية، ويقول «ليس أمامنا الا محاولة إظهار باريس ـــ 3 على حقيقته»، ما يعني العمل بخطوات أسرع قبل 25 الشهر الجاري (موعد المؤتمر) وبنفَس أطول في المرحلة التالية.
وينتقل الى البحث في خلافات المعارضة الداخلية، وهي خلافات قديمة منذ ما قبل بدء التحركات في الأول من كانون الأول الماضي، ويتحدث عن القوى التي «يعتقد كل منها بأنه قوة رائدة يجب ان تحتل الصدارة، وكل قيادي بأنه مرجع في دائرته وطائفته، ومع طول فترة الاعتصامات والتحركات بدأ بعض هذه الخلافات يظهر الى العلن، بل بدأ بعض الرهان من جانب أطراف الأكثرية على انفكاك قوى ورموز عن جسم المعارضة والالتحاق بجسم الأكثرية، وإن كان ذلك «يشبه توقع المعارضة انسحاب بعض النواب من الأكثرية للانضمام الى المعارضين». ويختصر مصدر خلافات المعارضة بأنها اختلاف على المغانم قبل الانتصار، بينما يؤكد المصدر القيادي أن الخلاف هو على الأحجام، حتى وصل الأمر ببعض المعارضين الى الاعتكاف في حال لم يستقبلهم الأمين العام لـ «حزب الله» او في حال أجّل موعداً مقرراً سلفاً معهم.ويشرح المصدر أن الاكثرية تفوّت فرصة الاتفاق الداخلي، وهو ما نصحت به كل من السعودية وتركيا ومصر (الى حد ما)، لتمرير تسوية داخلية في ظل تمديد دولي للأزمة اللبنانية، إلا أن الأكثرية فضّلت انتظار ضعف المعارضة، واستكانت الى التأجيل الدولي لعمر الأزمة المحلية.
تؤكد مصادر في تيار «المستقبل» أن الأكثرية «امتصت» الصدمة الأولى لتحرك المعارضة، فيما يعتقد القيادي في «حزب الله» أن المعارضة تمكنت من احتواء الرد، والهجوم المضاد الذي قامت به الاكثرية في الشارع السني خصوصاً، سواء ضد الشيعة أو ضد السنة من المعارضين، وكاد يؤدي الى فتنة.