عفيف دياب
الانقسام السياسي في البلاد لم يستثنِ قرية شبعا حيث بدأت شعبيّة حزب الله تخفّ لمصلحة «تيار المستقبل» الذي شرع في تقديم خدمات شتّى للأهالي. ثمّة اتّهامات متبادلة من الطرفين، وحرص من بعض الأهالي على عدم الانجرار إلى فتنة مذهبية

في الوقت الذي تحلّق فيه مروحية دولية «بيضاء» فوق ما يسمى «الخط الأزرق» عند تلال بلدة شبعا المكلّلة بالثلوج، وفي الوقت الذي تجول فيه دورية راجلة من «الجيش الإسباني» في شوارع البلدة الخالية من أي حركة بسبب البرد القارس، ترتفع حرارة الانقسامات السياسية في صفوف أبناء البلدة التي تتجاذبها وجهات نظر الموالاة والمعارضة.
فقد نجحت قوى سياسية في شبعا في تحويل النقاش اليومي في قضية المزارع المحتلة الى نقاش من نوع آخر لم تألفه يوماً البلدة التي عرفت المقاومة واحتضنتها منذ عشرات السنين. الانقسام السياسي في شبعا يبدو واضحاً للزائر. فصور «الزعماء» من الموالاة والمعارضة منتشرة بصورة عشوائية على الجدران وواجهات المحال التجارية وحتى على الصخور المرتفعة، في تعبير «صامت» عن مدى «الانقسام».
بلدة شبعا «السنية» يعمل البعض على تغيير مسارها نحو «شحن» مذهبي لم تعرفه من قبل. ويقول مدير ابتدائية شبعا الرسمية يحيى علي ان شبعا «تفتخر بأنها سنية، ولكنها إسلامية أوّلاً وليست مذهبية، وهي وطنية وليست بلدة طائفية». ويؤكد ان «الاختلاف في وجهات النظر هو خلاف سياسي وليس مذهبياً كما يحلو للبعض ان يصوره، فنحن هنا نرفض كأبناء شبعا والعرقوب، أي السنة، ان نتقوقع مذهبياً ضد مذهب آخر أو طرف سياسي من طائفة أخرى».
ويرفض علي ان «يخطف» أي كان شبعا الى مكان ليس مكانها الطبيعي، ويقول: «مزارع شبعا في المنطق المذهبي هي لأهل السنة، والبعـــــــض هنا يقول ان هذه الأرض للسنة فلماذا يريــــد حزب الله الشيعي تحريرها، ونحن نرد على هؤلاء بالقول ان هذه الأرض لبنانية، وعلى كل اللبنانيين العمل لتحريرها». ويأسف علي «لكوننا لم نسمع من بعض من هم في الأكثرية اليوم اعتراضاً على كلام (النائب) وليد جنبلاط على ان المزارع سورية».
يؤكد أكثر من مواطن في شبعا ان «الانقسام» طارئ وحديث و«معروف من يقف خلفه». ويقول أحمد مركيز ان حزب الله «لم يتدخل يوماً في أي شأن داخلي في شبعا. وبعد عدوان تموز عمل البعض من الأهالي على التصعيد ضد الحزب لأهداف سياسية وشخصية».
ففي شبعا، ينشط في هذه الأيام تيار المستقبل الذي أقدم أخيراً على توزيع نحو 500 ألف ليتر من مادة المازوت التي تعتبر أساسية للتدفئة في شبعا والقرى الجبلية. وعمل على افتتاح مركز صحي شبه مجاني. ولا ينكر أهالي شبعا هذه «البادرة» الطيبة من تيار المستقبل، ولكن «لا يجوز مقابل ذلك التحريض المذهبي»، يقول يحيى علي.
خلال الفترة الماضية، وقبل عدوان تموز، كانت أعلام حزب الله وصور السيد حسن نصر الله تزنّر شبعا. اليوم تغير المشهد. أنصار المستقبل رفعوا صور الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله النائب سعد مع صور للنائب وليد جنبلاط، فيما طلب حزب الله من أنصاره إزالة كل الصور والأعلام تجنباً لحدوث «استفزازات».
ويقول مختار شبعا عبدو هاشم ان الوضع في البلدة اليوم «هادئ، ونحن نقوم بجهود ولقاءات لتجنيب البلدة الانقسامات. وللأسف هناك شباب طائش يحاول جر البلدة الى أهداف تقسيمية نحن نرفضها». ويؤكد مروان صعب (موال لتيار المستقبل) أنه «لا أحد من شبعا في حزب الله، وتيار المستقبل هو الأقوى هنا، وهو يقدم خدمات للأهالي».. فيما يرى المواطن أحمد الخطيب الذي يرفع عدة صور للحريري على واجهة محله التجاري، واعتقل سابقاً في معتقل الخيام بتهمة التعاون مع المقاومة، ان «الأقلية اليوم في شبعا مع حزب الله، وشعبيتهم تتراجع بسبب أعمالهم واستفزازاتهم». وعلى حد قول الخطيب، فإنّ «أنصار حزب الله في شبعا يعملون على تقسيم البلدة»! فيما ينفي محمد مركيز كلام الخطيب ويقول: «تيار حزب الله هنا هادئ جداً، ويردون على استفزازات الطرف الآخر بالصمت لاحتواء الصدمة وتجنيب البلدة الانقسام»