الهرمل ــ رامي بليبل
يعيش أهالي بلدة القاع في كل عام، ولا سيما في فصل الشتاء، هاجس السيول التي تخلف وراءها كوارث تضرب منازلهم وتنفق مواشيهم وطيورهم وتتلف أراضيهم الزراعية، فتقضي على ما أبقاه الجليد من مواسمهم التي تشكل المورد الحصري والوحيد لهم.
ويشكل هذا الغضب السنوي المسلط على أبناء القاع أزمة حقيقية لهم، يمسون منها في ترقب وحذر ويصبحون على عواقبها في يأس وكدر، في ظل غياب تام للهيئة العليا للإغاثة المعني الأكبر بالكشف على هذه المشاكل ووضع الحلول اللازمة لها.
وتنشأ السيول نتيجة تجمّع مياه الأمطار بكميات كبيرة واندفاعها بشدة خلال شبكات الأودية الصغيرة المنتشرة على طول سلسلة لبنان الشرقية المحاذية لبلدتي القاع ورأس بعلبك، ولا سيما في «وادي رافق» و«وادي الدمينة» و«وادي بعيون» و«مخرج نعمات»، حيث تصبّ هذه الأودية مياهها في خراج بلدة القاع، وتلتقي بسيول بلدة رأس بعلبك مكونة سيلاً هائلاً يتجه من خلال فتحته الرئيسية (مخر السيل) ليجرف كل ما يقف أمام جريانه الهائل، قالعاً الأشجار ومدمراً المنازل التي لا يزال معظمها يحتفظ بغرف ترابية قديمة، كما يستبيح المزارع والبيوت البلاستيكية وغيرها حيث تبلغ مساحة الأراضي التي تتعرض لأضرار السيول في بلدة القاع حوالى 250 ألف دونم، ويتوقف حجم الكارثة على حجم ونوعية الجلاميد الصخرية المحمولة مع المياه. ويعود سبب اتجاه السيل شمالاً وعدم سلوكه طريقاً يصب في وادي العاصي إلى وجود هضبة شديدة الارتفاع تعترض طريقه وتحوّل وجهة سيره، مروراً بالبلدة نحو جوسية على الحدود اللبنانية السورية.
ويعيد علي نزها المتابع لتغيرات المنطقة وعواملها الجيولوجية سبب تشكل السيول وشدة خطرها في المنطقة إلى عوامل عدة منها: الظروف المناخية، خصائص التربة، إضافة إلى الخصائص الصخرية والجيولوجية لطبقات الأرض. ورغم هذا الحرمان والإمعان في سياسة إدارة الظهر لمطالب المواطنين، لم يقف القاعيون مكتوفي الأيدي حيال مشكلتهم حيث تم الاتفاق مع المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة «أكساد» التابعة لجامعة الدول العربية وبتمويل من الوكالة الإلمانية للتعاون التقني على وضع دراسات وتنفيذ مشاريع لمكافحة خطر السيول التي تهدد البلدة مع بداية كل موسم للأمطار. وفي هذا السياق، عقد عدد من الخبراء في «أكساد» بالتعاون مع وزارة الزراعة لقاءً في المكتبة العامة لبلدة القاع عُرضت خلاله المراحل التي قطعها المشروع حيث قدم الخبراء في «أكساد»: الدكتورة غفران قطاش، الدكتور عبد الوهاب بلوم والدكتور إيهاب أجناد شرحاً لطبيعة المشروع الذي يهدف إلى تخفيف آثار الفيضانات التي تتعرض لها البلدة وإعادة تأهيل الغطاء النباتي في منطقة عمل المشروع.
رئيس مجلس بلدية القاع نقولا مطر طمأن الأهالي خلال كلمة ألقاها في اللقاء بأن أعمال المشروع لا ترتّب أي حق قانوني بمصادرة أراضيهم».