strong>عشية تحرك المعارضة «النوعي» كانت للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إطلالة إعلامية حدّد فيها أهداف المعارضة الجديدة، معلناً «أن أولويتنا أصبحت إجراء انتخابات نيابية مبكرة ولا تراجع عن هذا المطلب حتى لو أتت كل وساطات الدنيا وأعطتنا 11 وزيراً»، كما تطرق إلى الوضع الإسرائيلي متوقعاً تطورات دراماتيكية لحكومة أولمرت بعد استقالة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي
وقال نصر الله في حديث الى «المنار» تعليقاً على استقالة رئيس هيئة الاركان الاسرائيلية دان حالوتس، بالقول: «كنا نتوقع استقالة حالوتس، و(وزير الدفاع عامير) بيريتس و(رئيس الوزراء الاسرائيلي) اولمرت سيلحقان به، ومن لا يستقيل سيطاح به»، متوقعاً انهيار حزب «كاديما»، ومشيراً الى أن الاسرائيليين هم من وصف هذه الاستقالة بأنها «زلزال وبركان».
وعن تأثير استقالة حالوتس على المشهد اللبناني، رأى نصر الله انه «لو استقال بيرتس وأولمرت وسقطت الحكومة وتغيّرت كل التركيبة السياسية في كيان العدو واعترف كل العالم، بما فيه (جورج) بوش و(السفير جيفري) فيلتمان بهزيمة إسرائيل، الا أن في لبنان من يصرّ على أن إسرائيل انتصرت، لأسباب فئوية وحزبية وشخصية، لأن الاعتراف بهزيمة إسرائيل إقرار بانتصار المقاومة». وقال: «لبنان بلد مختلف. في لبنان أناس يولدون زعماء ويبقون زعماء ويموتون زعماء، ولا يحاسبون مهما فعلوا»، ورأى أنه «لو أردنا محاسبة المفسدين أو بعض الناس على الجرائم، فسنذهب إلى حرب أهلية». وأكد أن «لدينا تقويمنا لما حصل في العدوان، ولدينا معطياتنا واتهاماتنا. نحن لا نريد أن نحاسب أحداً، لكننا جاهزون لأن نُحاسب. ولتشكل لجان تحقيق لبنانية وحيادية مستقلة».
ولفت الى انه «قيل إن أهداف الحرب هي استعادة الأسيرين، واعترف الإسرائيليون بأن ذلك كان هدفاً هامشياً، وأن الهدف كان القضاء على حزب الله. وتبين اليوم أنه كان أبعد من ذلك، فعندما بدأت الحرب قالت كوندوليزا رايس إن هذا مخاض ولادة الشرق الأوسط الجديد. الذي يعني مجموعة من الدويلات المقسمة على أساس طائفي ومذهبي وعرقي، من لبنان وسوريا مروراً بالعراق وإيران وتركيا وأفغانستان وباكستان وصولاً إلى السعودية واليمن وبقية دول الخليج وشمال أفريقيا. ومن يتصوّر أن الشرق الأوسط الجديد سيمنحه دولة خاصة به، ينبغي ألا يغيب عن باله أنه لن تعطى أي طائفة أو مذهب أو عرقية دولة آمنة، إنما ستقام دويلات متحاربة ومتنازعة»، مشيراً الى أن «كل الدراسات في المراكز الأميركية تتحدث عن مأزق حقيقي لأميركا وإسرائيل في المنطقة»، وأن «وجود إسرائيل، بحق، بات مهدداً والإسرائيليون يتحدثون عن ذلك»، مشيراً الى أن «كل ما طرحته الولايات المتحدة يرتدّ عليها. وعندما تتحدث عن ديموقراطية فإن نتائج هذه الديموقراطية في منطقتنا هي وصول الوطنيين والإسلاميين من المناوئين لها إلى السلطة».
وأكد أنه «لو هزمت المقاومة وحلفاؤها والذين حموها في هذه الحرب، فان أول ما كان سيحصل هو إحداث تغيير ديموغرافي كبير في لبنان. وحدّه الأدنى كان سيكون عدم السماح لمهجري الجنوب والبقاع الغربي بالعودة إلى بلداتهم وقراهم، وبالتالي تحويل الجنوب والبقاع الغربي وكل المنطقة المحاذية لإسرائيل إلى لون مختلف. وبالتالي التمهيد لتقسيم لبنان وامتداد الحرب الى سوريا لتقسيمها، إلى جانب العراق الذي يتحضر بكل ما يجري فيه للتقسيم».
ورأى ان «الإسرائيليين لم يخفقوا فقط في القضاء على حزب الله ونزع سلاحه واستعادة الأسيرين، بل أخفقوا في فتح الباب أمام تغيير استراتيجي في المنطقة يدخلها مرحلة وعصر جديدين». وكرر أن «بعض» الفريق الحاكم «تورط» و«تواطأ في طلب الحرب وفي استمرارها»، مشيراً الى ان الوثيقة التي كشفها مساعده السياسي الحاج حسين الخليل «عينة»، ومؤكداً انه «في13 آب، كان في لبنان من يعمل على منع المهجرين من العودة إلى بلداتهم، إلى حين إعلان وقف إطلاق النار الذي لم يعلن حتى اليوم، وتزامن ذلك مع إرادة رسمية بعدم رفع الأنقاض والتمهّل في مساعدة المهجرين والتباطؤ في ملف الإعمار».
ورأى ان «المطلوب اليوم كسر حزب الله كنموذج في الصراع العربي ــ الإسرائيلي وخنقه في إطار مذهبي ضيق لأنه يحظى باحترام على مستوى العالم العربي والإسلامي، ولمنعه من لعب دور مركزي في مواجهة الجزء الآخر من المشروع وهو الفتنة الداخلية بين المسلمين وبين العرب».
وتحدى نصر الله «كل الدنيا أن تأتي بأي خطاب لحزب الله أو لمسؤوليه يتحدث بلغة طائفية أو مذهبية منذ عام 1982»، لافتاً الى ان «الآخرين لجأوا إلى الخطاب المذهبي من أجل مذهبتنا. يقولون إننا نحارب الحكومة السنية وهذه أكاذيب، ويُستغل أي حدث في الدنيا لا صلة لنا به ليشهّر بنا. وكل هذا ليس بالصدفة بل متعمد». وقال: «فكرة أننا نستهدف موقع الرئاسة السني غير صحيحة. نحن متمسكون بالطائف طالما ارتضاه اللبنانيون. وعندما نعترض على سياسة رئيس الحكومة فليس بصفته سنياً. والمعارضة لم تتحدث عن عزل أو إقالة الرئيس فؤاد السنيورة، بل طرحت تحويل الحكومة إلى حكومة وحدة وطنية مع بقائه في موقعه».
وعن تأثر مكانة «حزب الله» عربياً بعد الأزمة الأخيرة أكد: «أنا لم أبحث عن مكانة حتى أخشى فقدانها. عندما أتينا إلى الداخل بعد الحرب جئنا لأمر مهم جداً وهو يستحق كل هذا الاهتمام».
وعن الموقف من مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي قال: «قبلنا بالمبدأ. نريد محكمة تكشف القتلة وتحاكمهم لا لتصفية الحسابات السياسية وإحداث تغييرات في لبنان والمنطقة، ولا يمكننا أن نوقع على بياض. طلبنا منهم أسبوعاً لدرسها، رفضوا إعطاءنا فرصة ثلاثة أيام بعيداً عن وطأة الدم (اغتيال جبران تويني). فمن طلب منه أن يعود حتى يقتل صباح الاثنين؟ الفريق الآخر لا يريد أن يناقشه أحد في مسوّدة قانون المحكمة لأنها رتّبت بما يخدم أهدافاً لا تريد أن تكشف الحقيقة. هناك الكثيرون في لبنان والمنطقة لديهم مخاوف مشروعة، والتصريحات التي صدرت عن 14 شباط تعزز مخاوفنا»، مؤكداً «اننا لسنا خائفين من فتح ملفات قديمة لأن ما قمنا به نعتز به»، ولافتاً الى ان «هناك دولاً غير متعاونة فيما يتهم بعض السياسيين قوى أساسية بالتورط في بعض الاغتيالات. ومن لديه أدلّة فليقدمها للقضاء، وإلا فانه يعمل على إحداث فتنة». وقال: «لدينا هواجس مشروعة. نحن واثقون من البراءة، ولكن عندما تكون العدالة هي عدالة الولايات المتحدة فسيحاكم البريء ويغطّى القاتل»، مؤكداً «اننا جاهزون لإبداء ملاحظاتنا عندما تشكل لجنة جدية لتحولها إلى حكومة وحدة وطنية، لأنه لو أعلنت الملاحظات فإن الفريق الآخر سيشهّر بها ويقول إن حزب الله وأصدقاءه يريدون تجويف المحكمة والتغطية على القتلة».
وقال ان اتهامات النائب وليد جنبلاط لـ «حزب الله» بالاغتيالات «مبنية على توجّه مركزي لدى مجموعة شخصيات منهم السيد جنبلاط ورجال دين، وهم متعهدون الهجوم على حزب الله وتشويه سمعته»، لافتاً الى ان «قرار الحزب تجاهل هذه الاتهامات، وعدم الرد على هؤلاء ويكفي أن يأتي الاتهام منهم حتى نكون مرتاحين لأنهم معروفو التاريخ والسلوك، وكل ما نحتاج له أن يعرف العالم من هم هؤلاء».
وأوضح أن المعارضة «لم تعد بإسقاط الحكومة في أسبوع أو شهر. نحن نتحدث عن عملية سياسية من الطبيعي أن تأخذ هذا الوقت لأننا نستخدم وسائل سلمية وديموقراطية. ما قامت به المعارضة كان فاعلاً، والدليل أنه بعد تظاهرة يوم الجمعة، كان هناك استعداد لدى بعض هذا الفريق للتسوية. الحكومة كانت ستنهار لكن حجم الدعم الخارجي جعلها تستمر». وتساءل: «إذا كان الفريق الحاكم يملك قاعدة دستورية وشعبية صلبة فما حاجته إلى هذا الدعم؟ ولماذا لجأ إلى الخطاب المذهبي؟ ألا يؤدي ذلك إلى تخريب البلد؟ المعارضة أقوى مما يتصور الفريق الحاكم اللادستوري ومن يدعمه في الخارج. وهي وضعت ضوابط منها عدم دفع البلد إلى حرب أهلية ورفض التقاتل الداخلي، والفتنة المذهبية، واعتماد الوسائل الديموقراطية»، معرباً عن الأسف لأن «بعض المقامات الدينية هددت بفتنة ذهبية لو تم إسقاط الحكومة في الشارع»، ومؤكداً أن «المعارضة لم تفشل وستنجح في التحركات المقبلة، وهي متماسكة وستحقق هدفها وسيجد كل العالم أن الحكومة اللادستورية الحالية لا تستطيع أن تحكم لبنان». وأشار الى أن «خطوات المعارضة المتصاعدة قد تؤدي إلى نتائج حاسمة. لن نورط أنفسنا في مهل زمنية ونعرف أنها مواجهة معقدة وتحتاج إلى وقت وجهد، ونحن واثقون من خط سيرنا»، نافياً «وجود خلافات بين أطراف المعارضة، «بل مناقشات». وأكد أن رئيس المجلس نبيه بري «أكبر من أن يخطفه حزب الله».
وعن الخطوات التالية، أوضح أن «الوساطات لم تنجح في إحداث أي خرق»، مؤكداً أن المعارضة «اليوم لا تكتفي بمطلب حكومة الوحدة الوطنية، وأولوياتها انتخابات مبكرة. نقبل بحكومة انتقالية تجري انتخابات مبكرة، أو حكومة وحدة وطنية يكون من مهامها: إقرار المحكمة، وضع قانون انتخاب جديد، انتخابات نيابية مبكرة، وانتخابات رئاسية». وأشار إلى أن صيغ التسوية ما زالت «أفكاراً لم تكتسب الصفة الرسمية».
وأوضح أن «السعودية تتصرف كوسيط، وهذا أمر جيد، ونحن نوافق على دور الوساطة السعودية أو لأي دولة صديقة». ووصف زيارة وفد حزب الله إلى الرياض بأنها كانت ناجحة، موضحاً أنها «لم تكن لحل الأزمة اللبنانية، بل للتواصل والتعارف وفتح علاقة إيجابية».
وعن الساعة الصفر للتحرك، قال: «الليلة تنتهي المشاورات بين قوى المعارضة، من المفترض أن يكون يوم غد (اليوم) وعلى أبعد تقدير بعد غد (غداً)، يصدر بيان شبيه بالبيان الذي دعا إلى التظاهرة في 1 كانون الأول، وسيعلن التحرك الجديد الذي سيكون فعالاً، ومهماً وكبيراً جداً وإن لم يوصلنا إلى الهدف، فإنه سيقربنا منه، دون أن أدخل في تفاصيله»، داعياً جميع اللبنانيين إلى المشاركة. وقال: «المشكلة هي مستوى التجاهل الكبير لدى الفريق المتمترس في السلطة لشعبه والمستقوي بالخارج، وليس في تحرك المعارضة».
وأكد أنه «ليس لنا شريك سوري أو إيراني في قرار المقاومة»، مشدداً على أن «لا عودة إلى التحالف الرباعي على الإطلاق». وأكد رفض «أية تسوية ثنائية على حساب بقية اللبنانيين»، مشيراً إلى «أن هناك تدخلاً أميركياً سافراً لتفكيك المعارضة وإضعافها»، وقال: «قرار الحكومة الحالي هو قرار رايس وولش وفيلتمان». وأضاف: «مشكلتنا ليست مع من يلتقي بالأميركيين، بل لخضوعه للإدارة الأميركية، فضلاً عن التحوّل إلى أداة في المشروع الأميركي». وختم بكلمة الى جمهور المعارضة، مؤكداً أن «هدفه شريف وليس الغائياً لأحد»، وقال: «المعركة ستكون نتيجتها، قطعاً، بما يحقق الأهداف الوطنية».
وعن العراق، دعا الى ألا «يحمّل كل الشيعة وكل شيعة العراق أخطاء البعض»، مناشداً رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي «أن يملك شجاعة توضيح الدور الأميركي في قرار اعدام صدام حسين وفي تفاصيله»، متسائلاً: «لماذا سُلّم صدام الى الحكومة العراقية قبل يوم واحد؟ ومن صوّر عملية الاعدام ومن أطلق الشعارات وسرّب الشريط مع العلم أنه سيكون موضع اثارة ضخمة». ولفت الى ان من يتعاطون العملية السياسية في العراق من كل الطوائف ومن يقاومون الاحتلال من كل الطوائف أيضاً»، محذراً من «اننا قاب قوسين من فتنة عمياء بين المسلمين وشعوب المنطقة». وأكد ان «استراتيجية بوش الجديدة ستفشل»، متوقعاً تصاعد «المقاومة السنية والشيعية».