فداء عيتاني
طرحت نهاية الاسبوع الماضي، بجدية، فكرة تأليف حكومة بديلة وإطاحة الحكومة الحالية للأكثرية، والفكرة تكونت ودرست بسرعة قياسية، واستناداً الى امكان اقالة رئيس الجمهورية اميل لحود حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، قبل أن يعلن لحود امس أنه ليس في وارد اتخاذ خطوة كهذه.
وارتكزت الافكار الاولية للحكومة البديلة على احتلال معتصمي المعارضة عدداً من الوزارات، خصوصاً الخدماتية، وبعدها يعلن رئيس الجمهورية الحكومة الحالية بحكم المستقيلة، ويدعو الى مشاورات لتسمية رئيس جديد للحكومة، وتأليف حكومة من ثلاثين وزيراً، على ان يعطى الثلث الضامن للأكثرية الحاكمة حالياً، ويبقى منصب وزير الدفاع من دون تعديل، مع تعيين العماد ميشال عون وزيراً للداخلية، اضافة الى عدد من الشخصيات المعارضة التي سبق أن اعلن حزب الله عدم تخليه عنها بعد مواقفها خلال حرب تموز الماضية.
الا أن هذه المحادثات توقفت الاحد، وأعطيت الاولوية لاستكمال التحركات الشعبية الهادئة والسلمية، ربما ربطاً بقراءة ابعد مدى من لبنان توافق عليها اكثر من طرف معارض.
وفي لقاء ضم نصر الله ورئيس جبهة العمل الاسلامي الداعية فتحي يكن، واستمر اربع ساعات منتصف الاسبوع الماضي، كان الرجلان متفقين على قراءة الواقع الاقليمي، ومن خلال هذه القراءة توصلا الى خطة عمل داخلية «اكثر هدوءاً» ربما مما يرغب بعض اطراف المعارضة.
وينطلق تحليل الرجلين بحسب مصدر اطلع على تفاصيل اللقاء، من واقع التراجع الاميركي في المنطقة وما ابعد منها، من افغانستان الى العراق وصولاً الى امكان تدارك الفتنة في فلسطين، رغم اصرار الولايات المتحدة على تظهير «اغتيال صدام حسين» (بحسب تعبير المصدر) حدثاً طائفياً يمكن أن يؤدي الى تفجير واسع بين السنة والشيعة في العراق، واستهدفت أيضاً بهذا «الاغتيال» ابعد من العراق، من لبنان الى كل الدول العربية. ويقرأ الرجلان في واقع المشروع الاميركي في المنطقة حالة من الضعف، بدأت تنضج يوماً اثر يوم منذ حرب تموز الاخيرة، وتراخياً للقبضة الاميركية سينعكس حتماً في الداخل اللبناني، مما يستوجب عدم «كسر طرف لبناني او خوض معركة كسر عظم معه» لمصلحة فرض حالة من الاسترخاء وشراكة داخليين، وعدم السماح بانجرار المعارضة الى خطوات تثير من الغبار ما يحجب دخان السقوط الاميركي في المنطقة، بينما المطلوب اخراج الاميركيين من المنطقة بدون اشعال ارضها بالحروب والفتن.
ورأى الرجلان أن المعارضة تشبه الطبيب الذي يخضع مريضه الاكثري لاختبار جهد القلب، وفي حال تعرضه لتعب مفرط قد يودي به الى نوبة قلبية مفاجئة، وهو ما لا مصلحة للمعارضة به، والمطلوب إتعاب هذه الاكثرية والحكومة الحالية وإجهادهما من دون القضاء عليهما، وبالتالي فإن التحرك المعارض على المستويين السياسي والشعبي يجب ان يلتزم عدم الدخول في المحظور وخصوصاً على المستوى المذهبي، والاصرار على العمل المشترك في البعدين السني والشيعي للحؤول دون استخدام اي فريق للتحريض وسيلة وحيدة للدفاع عن مكاسبه.