قانا ــ آمال خليل
لم تصب مجزرة قانا الثانية محمد شلهوب مع زوجته رباب وابنه حسن (5 سنوات) أو تفقده ابنته زينب (6 سنوات) فحسب، بل أفقدته كرسيّه المتحرك الذي تكسّر تحت ركام بيته. وإصابته الجديدة أثّرت بشكل خطير على الإعاقة التي كان قد أصيب بها في وقت سابق، ما جعله بحاجة إلى جلسات علاجية فيزيائية عدة بكلفة عالية.
الهيئة العليا للإغاثة صرفت له تعويضاً كان أقل بكثير من المبلغ الذي أنفقه على علاجه إلى الآن. أما زينب شلهوب، التي لم يبق لها سوى أختها الصغيرة إثر المجزرة، فهي لا تخضع للعلاج لعدم قدرتها، وبرغم ذلك فهي لم تقبض تعويضها بعد.
محمد ورباب وهيام وحوراء ونجوى وثمانية ناجين آخرين من المجزرة، يعتزمون توجيه رسالة اعتراض إلى الرأي العام والضمائر الحية ونقيب الأطباء ورئيس الحكومة، يشكون فيها الإذلال الذي تعرضوا له من قبل الحكومة عبر الهيئة العليا للإغاثة. فالمجزرة لم تنته بالنسبة لهم عند صباح ذلك اليوم. فبالإضافة إلى 27 شهيداً، أصيب 21 شخصاً، لا يزال 13 منهم يتابعون العلاج من الإصابات البليغة التي أصيبوا بها في المجزرة.
وكانت الهيئة العليا قد بدأت، منذ شهر أيلول، باستقبال طلبات قبض التعويضات لجرحى الحرب والشهداء في مكاتب مجلس الجنوب. فريق من الأطباء الشرعيين والصحة انتدبته الحكومة، قام بالكشف الأول على الجرحى لتحديد قيمة التعويض الذي يستحقه كل جريح. ومنذ أسبوعين، تعيد الهيئة الكشف على الجرحى للتدقيق في ملفاتهم الصحية. وبحسب الجرحى، فإن المقياس المعتمد في تحديد القيمة المستحقة هو درجة تسبّب الإصابة بإعاقة لدى المصاب. وهذا ما يثير استغراب الكثير من الجرحى الذين التأمت جراحهم الظاهرة، لكنهم لا يزالون يتعرضون لنوبات عصبية وقلبية ودماغية.