غسان سعود
«محاصرة» للوزارات والمدارس والجامعات و«تقطيع» أوصال المناطق

الهدف الرئيس في تحرك المعارضة اليوم هو النجاح صباحاً بتمدد الإضراب العام ليغطي طول الأراضي اللبنانية وعرضها، والانتقال إلى المرحلة الثانية من التحرك التي ستؤمن استمرارية الضغط الشعبي المباشر حتى تحقيق مطالب المعارضة، وهو الأمر الذي تحاشته منذ بدأت تحركها. وتشير المعلومات المتوافرة إلى احتمال تمدد الإضراب زمنياً، في شكل من الأشكال، ليستمر أكثر من يوم.
وستتخذ جماهير المعارضة خطوات عملية، بعضها مبتكر، لمنع وصول غير الملتزمين بدعوة المعارضة إلى أماكن عملهم. وبحسب أحد المطلعين، سيعمد «كوادر المعارضة» وفق خطة منظمة إلى «محاصرة» بعض الوزارات ومعظم المدن الصناعيّة والأسواق التجارية ومحطات الوقود، وستقفل الأوتوسترادات الرئيسية ومداخل مدارس رئيسية في جبل لبنان وبيروت والشمال، في موازاة إقفال طلاب المعارضة أبواب جامعاتهم. وينتظر أن تنطلق من ساحة الاعتصام في وسط بيروت، إثر خطاب أحد قادة المعارضة، مفاجأة المعارضة الثلاثية الاتجاهات، التي ستفرض واقعاً جديداً يصعب على الحكومة التغاضي عنه.
وتشدد المعارضة على أمور عدة، أبرزها عدم التعرض للقوى الأمنية، أو استفزاز المواطنين أو التعرض للمحال غير الملتزمة بالإضراب، أو حمل أية أسلحة أو عصيّ. وتدعو في المقابل إلى تسهيل مرور الدراجات النارية والمشاة والإعلاميين. ووفق المعلومات فإن إحراق الإطارات سيكون إحدى الوسائل المستخدمة، وليس أبرزها. فيما يرى آخرون أن التظاهرات الشعبية المتفرقة ستسهم في تعطيل المرور في بعض الطرق. وشددت تعليمات أمس على «عدم تزحزح» أنصار المعارضة من الأماكن التي يفترض أن يكونوا فيها مهما حصل، ومهما بالغ عناصر القوى الأمنية في تهديداتهم.
وفي موازاة ذلك، يؤكد أحد قياديي تيار المردة أن ثمة تنسيقاً مكثفاً بين قيادة المعارضة وقيادة الجيش من جهة وسائر القوى الأمنية من جهة أخرى. وسيكون الجيش هو الحامي الأساس لتحرك الغد، وبات شبه مؤكد أن الجيش والقوى الأمنية لن يتعرضوا للمتظاهرين. وكانت المعارضة قد قطعت على السلطة «طريق التحريض ضد شعبها»، بإعلانها أن القوى العسكرية والأمنية هي «جزء من هذا الشعب بل لعلّها تدفع أكثر منه ضريبة سياسات هذه السلطة على مختلف الصعد».
والمؤكد حتى الساعة، أن المعارضة ستنجح في إقفال كامل في الجنوب، وستُستثمر جماهير الجنوب والضاحية الجنوبية في أماكن أخرى قريبة من السرايا وطريق المطار. وسيُقفل شباب التنظيم الناصري وحلفاؤه الطرق الرئيسية في مدينة صيدا، وسينظمون تظاهرة صيداوية تضم إليهم عدداً من حلفائهم. وسيعمل أنصار الأمير طلال أرسلان على شلّ الحركة الاقتصادية في مدينة عاليه، وسيتعاونون مع مؤيّدي «تيار التوحيد اللبناني» الوزير السابق وئام وهّاب في إقفال منطقة الشوف. وسيقدمون، وفق المعلومات المتوافرة، إحدى أبرز مفاجآت يوم الثلاثاء. ويُعوّل، من ناحية أخرى، على التيار الوطني الحر في الإقفال كلياً أو بنسبة تتخطى 65 في المئة في مناطق واسعة تمتد من بعبدا والأشرفية مروراً بالمتن وكسروان وجبيل والبترون وشكا والكورة والمينا وصولاً إلى عكار، حيث تفعّل أمس التنسيق بين وجوه سنيّة تاريخية وعدد من الجمعيات تتقدمها جمعية تجار عكار وقوى مسيحية بهدف إنجاح الإقفال، وإبراز غضب العكاريين وخصوصاً أبناء الطائفة السنية في البلدات الحدودية التي تعاني تفاقم البؤس.
وسيقيم العونيون تجمعات رئيسية أو «حيطاناً بشريّة» في مناطق نهر الكلب ونهر الموت والطيونة والمتحف والكحالة والصيّاد وجبيل، فيما سيكون التجمع العوني الأكبر قبالة تمثال المغترب قرب المرفأ. أما تيار المردة فسيكون مسؤولاً عن التظاهرة الشمالية المعارضة، التي ستنظم في منطقة البترون، في مكان يمثّل بحد ذاته مفاجأة ورسالة في أكثر من اتجاه. ويفترض أن تكون تظاهرة الشمال، المسيحية ــــــ السنية، إحدى أكبر التظاهرات. وفي البقاع، ستتجه الأنظار إلى مدينة زحلة حيث يتوقع أن تشهد المدينة «عرض عضلات» بين التيار الوطني الحر والنائب الياس سكاف من جهة و«القوات اللبنانية» والكتائب من جهة أخرى. ويجمع المطلعون على خطة المعارضة على القول إن اليوم سيكون الانطلاقة الفعليّة للحركة التغييرية، التي سعت إلى تنفيس الاحتقان واحتواء ردود الفعل وإفساح المجال أمام كل المبادرات قبل أن تتجه إلى الحسم، ويجزم أحد قادة المعارضة المسيحيين بأن الشعب اللبناني سيحقق اليوم «إضراباً غير مسبوق في حجمه وشموله مختلف المناطق اللبنانية بحيث تتحول ساحات العاصمة وشوارعها والأوتوسترادات المؤدية إليها سيلاً بشرياً يصل بيروت ببقية المناطق».