تسير المؤسّسات التربويّة على خطى السياسيين في موقفها من إضراب اليوم الذي قرّرته قوى «المعارضة الوطنيّة» ضمن جولتها التصعيديّة الثالثة ضدّ الورقة الإصلاحية للحكومة. وفيما «يحرص» وزير التربية والتعليم العالي الدكتور خالد قبّاني على تحييد المؤسّسات عن النشاط السياسي واعتبار يوم الثلاثاء يوماً دراسيّاً عاديّاً، تتنوّع مواقف إدارات المدارس الخاصّة والرسميّة بين مؤيّدة للقرار ومعارضة له وفقاً لانتماءاتها السياسيّة.وقد دعا قبّاني إلى تحييد التربية عن نشاطات السياسيين، معتبراً أن «لا علاقة للتربية بالسياسة ولن ندخل في الصراعات والإختلافات والتجاذبات، فالتربية تربية والسياسة سياسة بصرف النظر عن توجّهات الأفراد الذين يتمتّعون بالحرية».
وكان قبّاني قد رأس اجتماعاً للإدارة التربوية، أعلن فيه أنّ «مدارسنا تستمرّ في العمل الطبيعي واستقبال الطلّاب لأنّها بدأت متأخّرة بسبب العدوان الإسرائيلي وهي تحتاج إلى كل يوم عمل دراسي».
إلاّ أنّ الهيئات التربوية المعارضة لم ترضخ لقرار وزير التربية، فجدّدت دعوة مناصريها إلى الإلتزام الشامل بالإضراب والمشاركة الكثيفة في التحرّكات اليوم. فعقدت الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي اجتماعاً استثنائياً دعت فيه "جميع الزملاء والزميلات إلى الاعتكاف عن التدريس وعدم التوجّه إلى ثانوياتهم" اليوم.
وقد طلبت هيئات الأساتذة الجامعيين في «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» والتجمّع الوطني لأساتذة الجامعة اللبنانية في قوى المعارضة من أساتذتها وموظّفيها وطلّابها الإمتناع عن الحضور إلى الصفوف.
وأكّدت روابط المعلّمين الرسميين في الجنوب والنبطيّة والزهراني إلتزامها بالإضراب العام ضد الورقة الإصلاحية. وكذلك أيّدت لجنة المعلّمين المتعاقدين في التعليم الأساسي في الجنوب وفرع نقابة المعلّمين في البقاع والجتوب موقف الروابط في تفعيل المشاركة في الإضراب «دفاعاً عن لقمة العيش وصوناً للحقوق المكتسبة».
من جهتها، تبنّت رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني الرسمي موقف «المعارضة» دفاعاً عن لقمة عيش الأساتذة وديمومة عملهم، كما أيّدت الموقف السياسي «الحكيم» الداعي إلى المشاركة الحقيقية بين مختلف الأطياف اللبنانيّة.
واستغربت لجنة طلّاب المدارس في التيار الوطني الحرّ موقف وزير التربية من اعتبار اليوم يوما دراسيا عاديا، منتقدةً تجاهله للإضراب «العام والشامل الذي يفتتحه صباحًا طلّاب المدارس الرسمية والخاصّة والمعاهد التقنية على الأراضي اللبنانية كافة». كما أكّد الطلّاب أنّهم سيشاركون في الإضراب لأنّ سياسة «حكومتنا التجويعيّة ستمنعنا من متابعة دراستنا للسنوات المقبلة».
وأفادت مراسلة «الأخبار» سوزان هاشم أنّ مجالس الطلاب في كليات الحقوق والعلوم السياسية، والعلوم الإجتماعية، والآداب والعلوم الإنسانية، أكدت، في جمعيات عمومية عقدتها أمس الإلتزام بتعليق الدروس، بعد موافقة الطلاب الحاضرين عبر رفع أياديهم.
أمّا الهيئات التربويّة في «قوى السلطة» فتبنّت قرار قبّاني كـ«ردٍّ حضاري سلمي على محاولات تعطيل الحياة في لبنان»، وفي هذا الإطار، شدّد اللقاء التربوي لقوى 14 آذار في بيان أصدره أمس على أهمّية تحييد القطاع التربوي عن الصراع السياسي الدائر في البلاد تجنباً لتحويل الصروح التربوية والعلمية إلى اصطفافات سياسية متناحرة. كما دعت مفوّضية التربية والتعليم في الحزب التقدمي الإشتراكي في بيانها «الهيئات والمؤسسات التربوية والمعلمين إلى رفض كل محاولات التعطيل والتخريب المستمريْن منذ 12 تموز والتي تقوم بها قوى الأول من كانون الأول».
وناشدت منظمة الشباب التقدمي شبّان لبنان التمسّك بحقهم بالعمل والتعلّم، داعيةً إياهم إلى الإنصراف إلى أعمالهم وجامعاتهم ومعاهدهم ومدارسهم. وفي «الجبل»، أكّدت الهيئات التعليمية ومؤسّسة العرفان التوحيديّة المعاهد التقنية والمهنية التزامها بإنقاذ العام الدراسي وصون مصلحة التلامذة ومستقبلهم «حفاظاً على الامانة التربوية»، كما أيّد مدير فرع عاليه في كلّية الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الدكتور جورج أبو حبيب دعوة هيئات الجبل التعليميّة لعدم «اقتناعه» بجدوى التصعيد والاضرابات والدعوات الى تعطيل الحياة العامة.
من جهته، حمّل رئيس مكتب المعلّمين في جبل لبنان كامل شيّا «الهيئات التربوية مسؤولياتها في بناء الوطن لأنّ دورها يكمن في تعزيز وتفعيل المؤسسات بالحضور والعطاء وليس في الإعتصامات الثابتة والجوّالة التي تهدف إلى ضرب الإقتصاد الوطني». وأصدرت الهيئات التربوية في المدارس الرسمية والخاصة في منطقة المتن الأعلى قراراً يقضي بـ«إعتبار اليوم يوم عمل وعطاء وإنتاج»، مشيرة إلى أنّ الإلتزام «يقع ضمن مندرجات قيمنا الوطنية ورسالتنا التربوية».
(الأخبار)