أنطون الخوري حرب
في ظل تفاقم الأزمة السياسية، يتركّز همّ المرجعية الروحية لموارنة لبنان في الحفاظ على الاستقرار الوطني العام كمرجعية وطنية تقع عليها المسؤولية التاريخية الأولى في حماية الصيغة اللبنانية. لكن ما حدث البارحة لم يكن متوقعاً وصوله الى هذا الدرك، حتى في أسوأ توقعات بكركي.
فقد صدمت مشاهد العنف الدموي التي نقلتها وسائل الإعلام بين مناصري «القوات اللبنانية» والكتائب اللبنانية من جـــهة، و«الـــتيار الوطنـــي الحـــر» وتيار المردة البطريرك الماروني مار نصر الله صــــفير، كما أكدت مصـــادر معـــاونيه لـ«الأخـــبار»، لافتة الى أن بكركي كانت قد أوصت عبر بيان أمــانة سرها، أول من أمس، بـ«احترام حق الإضراب أو الامتناع عنه» بعدما وردتها معلومات تفيد بدخول عناصر شغب على خط الإضراب بقصد افتعال فتنة في المنــــاطــــق المسيــــحية، مـــحذّرة من «إيقـــاظ الفـــتنة الـــنائمة».
لكن معلومات مكثفة كانت ترد إلى بكركي طوال يوم أمس عن توجّه مجموعات تابعة لقوى مسيحية إلى أماكن تجمّع مناصري «التيار الوطني الحر» وحلفائه ، وهو أمر كاف، في حد ذاته، لإشعال الصدامات.
وكشفت المصادر أن بكركي كانت قد تلقّت تأكيدات بترك تحرّك المعارضة يمرّ من دون أي ردة فعل استفزازية من أي طرف في الجانب المسيحي. وهي إذ تبدي أسفها لعدم التزام المطمئنين بهذه التأكيدات، فإنها عبّرت عن حزنها وأسفها الشديدين للصدامات العنيفة التي رافقت تحرك يوم أمس، ولا سيما بعد حادثة جبيل التي تسببت بإصابة سيدة وشابين بطلقات نارية تسببت بانتزاع كلية الأولى وشلل أحد الشابين وإصابة الآخر في جنبه.
وتؤكد مصادر بكركي أن الجوّ السياسي الذي سبق تحرك المعارضة كان لا بد من أن يؤدي إلى الوضع الحالي، «وبالتالي لا تجوز العودة الى الوراء، ولا تجوز إعادة إنتاج الجوّ الانقسامي الذي ينطوي على الشعور بالغبن الطائفي، لذلك فإن الوضعية الحالية تحتاج الى حل يقوم على تسوية منطقية وعادلة يقبل بها جميع الفرقاء السياسيين». ورأت أن وثيقة الثوابت المارونية «ما زالت تشكل أرضية صالحة لمثل هذا الاتفاق».
ورأت أنه «على من يكثر الكلام على تبعيّتهم للخارج أن يشرحوا للناس ويقنعوهم بعكس ذلك، لأنه لا يكفي أن يكونوا وحدهم مقتنعين بعدم وجود مثل هذه التبعية، فاقتناع الناس بانتفائها يرسي أجواء مريحة ويلغي المخاوف والهواجس لدى الذين ذاقوا الأمرّين من التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي اللبناني».
ورأت مصادر بكركي «ان من الخطأ مهاجمة الجيش وإطلاق التهم ضده وهو الضامن لأمن المواطنين وحريتهم، لا سيما ان الشكاوى جاءت من الطرفين، والبطريرك أكد منذ 14 شباط 2005 على هذا الدور، ونحن نحيّي جهوده الجبارة التي بذلها لتجنيب البلاد الانزلاق الى خطيئة الفتنة الداخلية، وعليه أن يستمر في هذا الدور».
وترى مصادر بكركي أن مؤتمر «باريس ــ 3» «مهم لمعالجة أزمة الدّين العام»، متمنية أن «يتوافر له الجوّ السياسي الداعم من دون انقسام طائفي وسياسي يؤثر في نجاح هذا المؤتمر».