strong>فاتن الحاج
قطع قرار رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر، بتعليق الدروس في فروع الجامعة كافة أمس الأربعاء، الطريق أمام أي فتنة قد تحصل بين الطلاب «المتحمّسين» بعد يوم طويل من الشحن الطائفي والمذهبي. وقد ترك القرار ارتياحاً في صفوف الكثيرين، علّهم يعودون اليوم، وقد هدأت النفوس، إلى كلياتهم التي تنتظرهم لتحويلها إلى مساحات للتلاقي والحوار.
وعلى الرغم من موقف التعبئة التربوية في حزب الله الرافض للقرارات الأخيرة لرئيس الجامعة المتعلقة بالأوضاع الراهنة وخصوصاً تأجيل الانتخابات الطالبية، يبدي مسؤول التعبئة يوسف مرعي «تفهمنا للقرار الأخير الذي يسمح للدم بأن يبرد، بعدما بلغ الاحتقان حداً قد يثير الاحتكاك بين الطلاب».
من جهته، يصف مسؤول الجامعة اللبنانية في التيار الوطني الحر روك مهنا الخطوة بالصائبة مبدئياً، فهي تنبع من موقع المسؤولية لتفادي المشاكل، «بعد اللي صار، مش بعيدة يفوّتوا العصي والجنازير على الجامعات ويوصل الدم للركب». أما الأمين العام لمنظمة الشباب التقدمي ريان الأشقر فيدرج قرار رئيس الجامعة في إطار عدم تحويل الجامعة إلى مكان للفتنة، محملاً «طلاب قوى 8 آذار مسؤولية إعادة الحوار داخل أسوار الجامعة وخارجها، بعد «الانقلاب» الذي شهدناه ضد مؤسسات الدولة الاجتماعية والدستورية». ويرحب رئيس جمعية شباب المستقبل نادر النقيب بأن يصدر الموقف عن رئيس الجامعة بدلاً من أن تتخذه «قوى الشغب» التي دأبت في الآونة الأخيرة على منع الطلاب من حضور صفوفهم، وتحديداً في مجمع الجامعة في الحدث». فالقرار، يردف النقيب، خفّف من زيارة طلابنا للمستشفيات».
في المقابل، عاشت الجامعات الخاصة، أمس، يوماً دراسياً عادياً. فقد تمكنت إداراتها من تسوية الأمور مع طلابها للتعويض عما فاتهم خلال الإضراب، ولا سيما بالنسبة إلى الامتحانات، وضبط الأمن في جامعاتها. وقد تلقى طلاب الجامعة الأميركية في بيروت، في وقت متأخر من نهار أول من أمس رسالة إدارية عبر البريد الإلكتروني أكدت استعداد الجامعة لإعادة الامتحانات الفصلية للعدد الملحوظ من الطلاب الذين تغيّبوا، وفق جدول يعلن عنه لاحقاً.
وفيما لم تخل حوارات الطلاب في بعض الجامعات الخاصة من إبداء الملاحظات والتقييم الهادئ للإضراب، مرّ اليوم الأول بسلام في جامعة سيدة اللويزة (NDU)، بعدما بلغ التشنج أشده بين طلاب الجامعة. وكان أنصار «التيار الوطني الحر» و«حزب القوات اللبنانية» قد تربّصوا لبعضهم بعضاً، عبر تنظيم تجمّعات «حزبية»، فيما عززت إدارة الجامعة الإجراءات الأمنية من خلال زيادة أعداد رجال أمن الجامعة والتدقيق في بطاقات الطلاب الجامعية. كما عقدت الإدارة اجتماعاً لممثلي القوى الطالبية دعتهم فيه إلى التحلي بالوعي والمسؤولية. إلا أنّ الحزازات بقيت موجودة، يقول نهرا بعيني (القوات اللبنانية)، «فنحن لا نستطيع أن ننسى ما حصل قبل يوم واحد من إقفال للطرقات والمداخل والتصادم مع أهلنا الذين يريدون متابعة حياتهم الطبيعية، ومع ذلك نحرص على عدم انتقال الأجواء المشحونة إلى داخل الجامعة». الحرص نفسه عبّر عنه جو صليبا (التيار الوطني الحر)، غير أنّ الجو متشنج، على حد تعبيره، وكل فريق يجمّع شبابه وينتظر الآخر من دون أن يخلو الأمر من بعض التلاسن.
من جهته، وجّه رئيس الجامعة الأب وليد موسى رسالة إلى الطلاب دعاهم فيها إلى عدم التطرف في المواقف وعبادة الزعماء والسير وراءهم، مؤكداً أنّ الاختلاف في الرأي يوجب علينا احترام الآخر لا محاولة إلغائه أو إقصائه. ورأى الأب موسى في رسالته أنّ ما نعيشه من أحداث في لبنان تتخذ حجم الصراعات، وتميل إلى التطرف، وتنعكس فرقة وانقساماً على الصعيدين الشعبي والوطني.
وقال الأب موسى: «إنّ ما يجري يكاد يدفعنا وإياكم إلى الكفر واليأس، كما يدفع البعض إلى السفارات لحجز تأشيرة سفر. إن هذا الوضع يؤلمنا جميعاً، ويدعونا إلى التفكير عقلانياً، والصلاة، روحياً، لإيجاد حلول لهذه الأزمات والمآسي».