انتظر العماد ميشال عون حتى ساعة متقدمة من عصر أمس ليعلن لجمهور المعارضة والموالاة عن سبب التوقف المفاجئ لتحرك المعارضة أول من أمس، فكشف أن الإضراب أوقف بقرار منه. لأن المعارضة كانت قد دعت إلى إضراب سلمي بوسائل سلمية دون اعتداءات، لكن ظهور البندقية في الساحة اللبنانية ونزف الدماء كان يمهد للفتنة التي سبق لأحد النواب أن هدد بها. وعدّد عون بعضاً من الحوادث. وأكد أن «القواتيين الذين قاموا بهذه الاعتداءات ضد مواطنين مسالمين كانوا يتجهون بمجموعات صغيرة إلى نقاط الاعتصام. هم أنفسهم عادوا بعد ساعات قليلة ليهاجموا الحواجز. وأتت هذه الحوادث لتثبت صحة معلوماتنا عن سعي للفتنة وتنكر عناصر ميليشياوية بثياب القوى الأمنية، واعتداء مجموعات أخرى منهم على المحلات التجارية والسيارات لتقليب الرأي العام ضد المعارضة».ورأى عون أن الجيش كان مضطراً إلى ملاحقة هذه الاعتداءات الفرديّة، التي كانت كما وصفها أحد الصحافيين أشبه بأحداث 5 شباط مع فارق أن تلك حصلت بلحى أصولية وهذه بصلبان مشطوبة. وكان طبيعياً، من ناحية ثانية، أن تصر المعارضة على إبقاء حواجزها بمواجهة هذه الذهنية». وسأل عون عن هوية الذين قاموا بأعمال اعنف، والذين أنشأوا المجموعات المقاتلة، ورئيسها. علماً أنها معروفة بالأسماء، وأشخاصها ينتمون إلى القوات اللبنانيّة. وشدد على أهمية السؤال عمّن أعطى «السلطة إلى ميليشيا بأن تنزل الى الشارع وتعتدي وتهدد المتظاهرين»؟
واستعاد العماد عون سؤاله للرئيس بشير الجميل إثر أحداث 7 تموز عن الثمن الذي سيدفعه المسيحيون تجاه قراره «توحيد البندقيّة المسيحيّة». ورأى أن البندقية التي دخلت إلى جنوب المدفون لم تخرج بعد، حتى بعد محاولته إخراجها عام 1989، فاختبأت بضع سنوات لتعود وتظهر أمس. وسأل من استعملها إذا كان يفكر كيف سيخرجها. واستغرب كيف يهنئ البعض نائباً سابقاً كان يهرب السلاح على سلامته. مجدداً التأكيد أن الإضراب أوقف لوقف الفتنة. لافتاً إلى وجود مجموعة مسيحية لا تحيا إلا على الشغب. والتيار لا يمكنه الانجرار إلى هذا المستوى، وخصوصاً أنه اختار الدولة والمؤسسات مقابل خيار المليشيا، الحواجز، الضرائب، الصندوق الوطني، والأمن الذاتي. وقال إن أمام الشعب خيارين: «إما الشرعية التي هي خيارنا أو الميليشيا وهي خيارهم». معتبراً أنه والمعارضة يمثلون ذهنية إقامة الدولة. ومشدداً على استحالة السيطرة على المجتمع المسيحي بهذه الوسائل. وأضاف إلى «فريق السرايا» لقباً جديداً هو «الحكومة المجرمة». لافتاً في الوقت نفسه إلى أن الممارسات التي تحصل تتعلق بالأشخاص وليس بالمؤسسات.
وسأل أيضاً كل المؤسسات الروحية وخصوصاً البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير والمفتي قباني، كيف يمكن أن يستنكروا حرق الدواليب ولا يستنكروا قتل الناس على الطريق، مؤكداً افتخار المعارضة بما فعلته أمس، وقدرتها على تحمّل الميليشيات التي كانت منتشرة في الشوارع. ولفت إلى أن الإضراب لاقى تجاوباً وتأييداً كبيراً من الشعب اللبناني، الذي أكد دعمه لأفكار المعارضة السياسية والاقتصادية. ورداً على أسئلة الصحافيين، رأى عون أن كل الأمور التي لجأت اليها المعارضة في إضراب الأمس قانونية، وتُعبّر عن صرخة بوجه الإجحاف عسى يسمع المتشبثون برأيهم. والدليل على قانونية الإضراب الأخلاقية، أن غاندي، رمز «اللا عنف» لم يكن يتردد في قطع السكك الحديدية. وإذا كانت الخطوة غير قانونية، فمن واجب القوى الأمنية أن تقمعها.
(الأخبار)