strong>أخيراً، وبعد طول انتظار انعقد مؤتمر باريس ـ 3 في حضور ممثلين عن أكثر من 40 بلداً ومنظمة، وانتهى بوعود مساعدات للبنان تتجاوز 7.6 مليار دولار، وبدعم دولي وعربي لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة «الشرعية والمنتخبة ديموقراطياً»
تحت شعار «اختبار النيات» اختتم مؤتمر باريس 3 أعماله. وتحت عنوان «العجلة» تراكمت المساعدات للبنان في سلة المؤتمر لتزيد من إشعاعه الإعلامي وسط حضور صحافي كثيف، فيما كان الغائب الوحيد عن المؤتمر «التبصر بمستقبل البلد والحل السياسي على الأرض خارج الإطار الخطابي». وفسر المراقبون والخبراء هذا الغياب برغبة المشاركين في«التحضير للغد»، وخصوصاً أن الكثير من الوعود والمساعدات تم ربطها بشكل مباشر بـ«نوع من الاستقرار السياسي».
وما ميز المؤتمر أيضاً انقسام المشاركين إلى فريقين يفرق بينهما خيط الشروط التي وضعوها لمساعداتهم. فقد بدا ظاهراً أن بعض المشاركين من الدول الـ٣٦ ربط ما قدمه بتقدم على مسار الحل السياسي، إما في شكل مباشر أي استتاب الأمن، أو في شكل غير مباشر، أي أن تكون مساعداتهم لتحقيق مشاريع معينة أو ضمن إطار مراقبة شديدة. وأطلق بعضهم على مجموعة الدول هذه تسمية «الدول المحايدة» مستبعدين أن تسارع «بالدفع». أما المجموعة الأخرى التي ستقدم مساعدات «مباشرة وسريعة»، فهي الدول التي سميت في أروقة المؤتمر «الدول المؤيدة للحكومة» والمنتظر أن تسعى ليكون «الدفع سريعاً».
ويتفق الخبراء على أن وضع لبنان يتطلب هذين النوعين منالمساعدات، بصرف النظر عن الطروحات السياسية التي تقف وراء تموقع الدول في الفريقين. ويذكُر هؤلاء أن الدين المستحق على لبنان في الأشهر الثلاثة المقبلة يبلغ 2.3 مليار دولار، وأن على الحكومة إيجاد سبل لدفع قسم منها أو على الأقل دفع فوائدها. ولعل هذا ما يفسر أن بند «دفع الديون» كان حاضراً في مقدم كل الطروحات العلاجية، أكان ذلك تحت تسمية «إعادة التوازنات المالية» أو تسمية «خفض معدلات الدين العام» والتشديد على رقم نسبة الدين المرتفعة «١٨٠٪ من الناتج المحلي».
إلا أن بعض المصادر الخبيرة والمشاركة في المؤتمر تعترف بأن مسألة الدين وخدمته، هي من أهم معوقات إنعاش الاقتصاد وتحسين ظروف البيئة المناسبة لرفع معدل النمو، إلا أنهم يشددون على أن طريقة تسديد القسم الداخلي من هذا الدين المستحق خلال الفصل المقبل أي حوالى 1.4 مليار دولار هي التي تسبب بعض الامتعاض وتقارب الشق السياسي من الصراع في لبنان. إذ أنها تفتح باب «سندات الخزينة» وديون المصارف اللبنانية للدولة بمعدلات فائدة مرتفعة بالنسبة إلى السوق العالمية (تدور حول ٩٪) وهي بخلاف اليورو بوند لا تتجدد تلقائياً.
ويقول دبلوماسي شارك في المؤتمر ان «الليبرالية الناظمة للاقتصاد العالمي اليوم» تجعل مجرد التفكير في محو ديون متعاقد عليها «ضرباً من ضروب الخيال»، إلا أن هذا لا يمنع «عملية استبدال القروض الداخلية» بقروض جديدة وبفوائد أقرب «الى واقعية الفوائد في السوق العالمية». علماً بأن كل خفض لواحد في المئة من فوائد الدين العام يساهم في توفير ٤٢٠ مليون دولار، بحسب أحد الخبراء الماليين.
ورجحت مصادر مطلعة ان يربط بعض المانحين بين عروض المساعدات التي قدموها وقدرة السنيورة على تمرير الورقة الاصلاحية التي تواجه رفضاً شعبياً، وتشمل خططاً للخصخصة وخفض الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب.
وقد تصدرت المملكة العربية السعودية قائمة المانحين بعدما تعهدت تقديم مساعدات ومنح تنموية بقيمة 1.1 مليار دولار، فيما تعهدت الولايات المتحدة تقديم 770 مليون دولار، وعرض صندوق النقد العربي والبنك الدولي تقديم نحو 700 مليون دولار لكل منهما.
وأعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك بعد انتهاء المؤتمر أن «المبلغ الاجمالي الذي تم جمعه للبنان يصل الى ما يزيد قليلاً على 7.6 مليار دولار، وإنني سعيد للغاية بذلك، فيما دوت القاعة بالتصفيق».
وكان شيراك قد وصف المؤتمرفي كلمته الافتتاحية بأنه «استحقاق حاسم وفرصة فريدة لنؤكد مجدداً، وبقوة، تطلعنا لقيام لبنان موحد ومتوافق ويتمتع بالسيادة»، مشدداً على وجوب تطبيق كل قرارات مجلس الأمن بشأن لبنان.
وأكدت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التزام بلادها «الدفاع عن الديموقراطية» في لبنان، ودعم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، لافتة الى أن «شعب لبنان يستحق إصدار قرارات بشأن مستقبله السياسي بعيداً عن تهديد العنف وبعيدا عن الترهيب السياسي».
وأكد السنيورة أن «ما نحتاج إليه هو دعمكم لبرنامجنا المتوسط المدى على شكل مساهمات وقروض ذات امتيازات خاصة مع مبالغ كبيرة مقدمة للفترة الأولى تتعدى مدة البرنامج»، معتبراً أن الفشل في تحقيق أهداف البرنامج «ستعرّض أهداف النظام الديموقراطي للخطر».
وأكد وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أن بلاده تبذل كل مساعيها على المستويين الثنائي والدولي لاحتواء الأزمة لافتاً الى أن «المملكة تهيب بجميع الأطراف في الساحة اللبنانية العمل على احتواء الخلافات الداخلية وضبط النفس وتغليب المصلحة الوطنية وحماية الوفاق الوطني وتجنّب المواجهات واللجوء الى الحوار لحل خلافاتها حفاظاً على وحدة لبنان الوطنية واستقراره واستقلالية قراره السيادي»، وشدد على أن المملكة «تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف في لبنان، وتجدد دعمها لمبادرة الامين العام للجامعة العربية التي تمثّل الحل التوافقي الانسب في ظل الظروف التي يعيشها لبنان».
بان كي مون
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «جميع اللبنانيين الى التعاون لبناء دولة مستقرة، اذ يمكن الديموقراطية اللبنانية أن تزدهر فقط إذا كان القادة اللبنانيون أحراراً في قرارهم بعيداً عن كل تدخل خارجي»، وحضّ «جيران لبنان على احترام سيادته».
وأشار الى أن نجاح «مؤتمر باريس ــ 3» لن يقاس فقط بحجم المساهمات الدولية، بل بتطبيق الإصلاحات أيضاً، داعياً اللبنانيين الى «بدء عملية المشاورات، لتحقيق إجماع وطني على هذه الإصلاحات الملحّة».
وتطرّق الى دور قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان التي «عزّزت وقف إطلاق النار، وما زالت تساعد الحكومة اللبنانية والجيش في عدة مهمات»، موضحاً أن جهود هذه القوات «تتركز، اليوم، على رفع الآثار والعوائق التي تعترض طريق إعادة الإعمار».
ودعا كي مون «كل جيران لبنان» الى «احترام سيادة هذا البلد واستقلاله ووحدته»، مشدّداً على أن ازدهار الديموقراطية اللبنانية رهن بضرورة «أن يكون القادة اللبنانيون أحراراً في قرارهم، بعيداً عن أي تدخل خارجي».
موسى
واستهلّ الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى كلمته بتهنئة الرئيس جاك شيراك على دعوته إلى هذا المؤتمر وعلى تنظيمه بهدف مساعدة لبنان، واصفاً المؤتمر بأنه «بالغ الاهمية»، و«يستهدف دعم لبنان امام ظروف صعبة وتحديات متشابكة تهدد نسيجه الاجتماعي ووجهه الانساني كما تضع تنميته الاجتماعية وفرصه على المحك».
ورأى «أن المطلوب، اضافة الى العمل السياسي الذي تقوم به الجامعة العربية في لبنان باسم الدول العربية ومدعومة منها، هو توفير أعلى المستويات الممكنة من الدعم حتى ينهض لبنان مرة اخرى وبسرعة. ان لبنان واستقراره مهمان للعالم العربي وللشرق الاوسط على اتساعه، وما استمعنا اليه الآن من تعهدات مالية يبشر بسقف عال، ويشير إلى هذا الاتجاه، بالاضافة الى هذين الامرين: العمل السياسي والتنمية الاقتصادية، اود أن اؤكد اهمية انهاء احتلال شبعا باعتبارها مسألة مهمة لتحقيق الاستقرار وخطوة نحو تحقيق استقرار أوسع في هذه المنطقة». وأشار الى انه «من هذا المنبر اناشد، بل اطالب كل اللبنانيين واللبنانيات ان يتعالوا، في سبيل لبنان، على خلافاتهم، وان يتحملوا بمسؤولياتهم التاريخية في انقاذ لبنان المجتمع ولبنان الوطن».
وأكد موسى «استعداد الجامعة، بل تصميمها على استئناف نشط لمبادرتها، ومن هذا المنطلق تطالب الاطراف اللبنانية جميعاً باستنفار ارادتهم الوطنية الجماعية وأن يضعوا مصير لبنان واستقراره نصب اعينهم ليعود لبنان الى لعب دوره الثقافي والتنويري الكبير على اتساع المنطقة». وخلص الى «ان الجامعة العربية بكل مؤسساتها الاقتصادية والاجتماعية والمالية والسياسية مصممة على ان تلعب دورها في اطار تسوية لبنانية تقوم على قاعدة اللاغالب ولا مغلوب، ومن منطلق المشاركة في اعادة البناء الاقتصادي والاجتماعي في لبنان».
سولانا
وأكد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا باسم المجلس الأوروبي «أننا لن نألو أي جهد لدعم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة».
وأعلن خوسيه مانويل باريزو في كلمة رئيس المفوضية الأوروبية أن مساعدات المفوضية ستكون بقيمة 500 مليون يورو تقريباً. ووصف رئيس البنك الدولي بول وولفوفيتز الورقة الإصلاحية للحكومة بـ«الطموحة»، وأبدى استعداد البنك لتقديم 700 مليون دولار لدعم تطبيق البرنامج الإصلاحي للحكومة، و300 مليون دولار ليتمكن لبنان من تمويل القطاع الخاص». ورأى مساعد المدير العام الأول لصندوق النقد الدولي جون ليبسكي أن وصول الدين العام الى 40 مليار دولار «يمثّل خطراً كبيراً على الاستقرار المالي»، ورحّب بالورقة الإصلاحية.
المشاركون
ومن أبرز المشاركين في مؤتمر باريس 3: الرئيس جاك شيراك، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي ــ مون، الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ووزراء خارجية: السعودية الأمير سعود الفصيل بن عبد العزيز، الولايات المتحدة كوندوليزا رايس، بريطانيا مارغريت باكيت، ألمانيا فرانك والتر شتاينماير، الإمارات الشيخ عبد الله بن زياد آل نهيان، إسبانيا ميغيل أنخل موراتينوس، إيطاليا ماسيمو داليما، الأردن عبد الإله الخطيب، تركيا عبد الله غول، وزير المال الكويتي بدر مشاري الحميضي، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، رئيس البعثة الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، بالإضافة إلى ممثلين لدول: أوستراليا، النمسا، البحرين، بلجيكا، البرازيل، كندا، الصين، قبرص، كوريا الجنوبية، الدانمارك، مصر، فنلندا، اليونان، اليابان، اللوكسمبور، ماليزيا، النروج، عمان، هولندا، قطر، روسيا، السويد. كما شارك ممثلون للمؤسسات الدولية التالية: البنك الإسلامي للتنمية، البنك الأوروبي للتنمية، البنك الدولي، مجلس التعاون الخليجي، الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، صندوق النقد العربي، صندوق النقد الدولي، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.



السنيورة: فشلنا يعرض النظام الديموقراطي للخطر
أكد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في كلمته أمام المؤتمر أن البرنامج الإصلاحي الذي أعدّته الحكومة «يركّز على إصلاحات هيكلية تعزّز النمو»، وأن تحقيقه «يتطلّب مساعدة دولية»، مشيراً إلى أن التضامن يقوّي لبنان في سعيه لاستعادة دوره الفريد «كجسر وليس كساحة حرب، وكمكان للتلاقي وليس للاختلاف». وواعداً ببذل «قصارى الجهد لمعالجة نتائج الهجوم الإسرائيلي على لبنان، بشكل سريع وفاعل»، أعلن الاستمرار في مدّ اليد للمعارضة للتوصلّ إلى حل عبر المؤسسات الديموقراطية، لأن «الحوار هو الطريق الوحيد لحلّ الخلافات السياسية»، لافتاً إلى أن حكومته «ملتزمة إنشاء المحكمة الدولية الخاصة، كما تمّ الاتفاق عليها مع الأمم المتحدة، بهدف خدمة العدالة».
وأشار السنيورة الى أن لبنان، بسبب انفتاحه وتنوّعه، «ضعيف» تجاه المخاطر والتحديات التي يعاني منها الشرق الأوسط، بما فيها الاحتلال والاضطرابات الطائفية والمذهبية والتطرف والعنف والعوائق أمام إحلال الديموقراطية والتنمية البشرية. وتطرّق الى «التجربة القاسية التي تمر بها ديموقراطية لبنان منذ شهرين»، ورأى أن ذروتها كانت يوم الثلاثاء الماضي خلال «المحاولة الدراماتيكية لتحقيق أهداف سياسية عبر وسائل غير مشروعة، من التخويف والإخلال بالنظام العام»، مضيفاً: «لقد وقفت حكومتنا بحزم في حماية المبادئ الديموقراطية وحكم القانون. لذا، حققنا تقدماً في تطوير برنامجنا الإصلاحي الاقتصادي». وأكد أن لبنان «لا يستطيع وحده أن يتخطى التحديات الاقتصادية، القديمة منها والجديدة، لأنه لا يزال غارقاً تحت كلفة الدمار والعبء الثقيل للدين المتراكم على مدى سنوات عديدة، وهو ما يعيق النمو والتطور».
ومؤكداً أن الإصلاحات المقترحة «لا تكفي وحدها لتحقيق النمو المستدام والعادل وتأمين خدمة الدين»، أضاف: «ما نحتاج إليه هو دعمكم لبرنامجنا المتوسط المدى على شكل مساهمات وقروض ذات امتيازات خاصة مع مبالغ كبيرة مقدمة للفترة الأولى تتعدى مدة البرنامج»، مشيراً إلى أن الفشل في تحقيق أهداف البرنامج «سيعرض أهداف النظام الديموقراطي للخطر».
وفي برنامج الإصلاح الاقتصادي، لفت الى أنه «تمّ تطوير استراتيجية إصلاح حكومي إداري جيد ومفصل، تشمل كل القطاعات الحكومية، بهدف خلق إدارة عامة شفافة فاعلة ومسؤولة. كما تم وضع تدابير إصلاحية للقطاع المالي ستكون مهمة للنهوض المالي وتسهيل عملية الخصخصة وتعزيز الثقة بالسوق، إضافة الى تركيزه على القطاع الاجتماعي»، مؤكداً أن الحكومة ملتزمة «تطبيق سلسلة كبيرة من الإصلاحات القانونية والتنظيمية، بهدف تعزيز القدرة التنافسية وخفض كلفة ممارسة الأعمال في لبنان».
وفي شأن بند الإدارة المالية، أوضح أنه «يتضمن تطبيق سلسلة من التدابير، ستؤدي إلى زيادة الفائض الأولي عبر ترشيد الإنفاق وزيادة المداخيل وتقليص التأثيرات السلبية على الفقراء».
ودعا السنيورة الى ضرورة «إزالة العائق السياسي الأساسي النازف من أمام الاستقرار في الشرق الأوسط بشكل نهائي»، مشيراً إلى أن السبيل لتحقيق التقدم يكمن في «سلام عادل وشامل ودائم، يرتكز على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام الذي نادت به القمة العربية في بيروت عام 2002». وختم بالتأكيد على أن الدعم «سيكون أساسياً لتقدّم لبنان»، ويجب أن يكون «أكيداً وغير متردد، شاملاً وغير جزئي».


شيراك: استحقاق حاسم للبنان
قال الرئيس الفرنسي جاك شيراك في كلمة الافتتاح «إننا مجتمعون بدافع صداقتنا وتضامننا مع بلد يكتنز رسالة عظيمة. لبنان بلد لن تُسكت فيه المدافع حوار الثقافات، وهو بأمسّ الحاجة إلى دعم الأسرة الدولية». ولفت الى أن «لبنان معقل الحضارات، لكنه كان ضحية نزاعات إقليمية، وعاش اعتداءات مؤسفة دمرته في الصيف الماضي. هذه الأحداث المأسوية ذكّرت بالحاجة الملحة لأن تؤكد الدولة اللبنانية على سلطتها المطلقة على كل أراضيها، وعلى ضرورة إيجاد حل مستدام للمشاكل التي تسببت في هذه الأزمة. وفي هذا السياق يوفر قرار مجلس الأمن 1701 إطاراً مؤاتياً للحل. منذ تلك الفترة، تم التوصل الى إنجازات حقيقية. وواجهت الحكومة اللبنانية الشرعية والقوات التي تدعمها والمنبثقة عن انتخابات ديموقراطية، هذه التحديات، وبذلت جهوداً شجاعة، وخصوصاً في ما يتعلق بنشر الجيش في الجنوب».
وحض على وجوب تطبيق كل قرارات مجلس الأمن حول لبنان «من دون استثناء»، وذكر تحديداً القرار 1701، مشيراً الى أن تطبيقه «يفترض احترام حظر الأسلحة غير المشروعة من طرف كل الدول، وخصوصاً دول المنطقة. ويتطلب أيضاً وقف انتهاك سيادة لبنان، وخصوصاً مجاله الجوي. لكن علينا أن نتطلع الى أبعد من ذلك. لقد آن الأوان، بالتنسيق الوثيق مع الأمين العام للأمم المتحدة، للشروع في تنفيذ كل جوانب القرار 1701. وهكذا سنتمكن من تسوية مسألة مزارع شبعا، وهي مسألة حاسمة لأسباب عدة، وكذلك مسألة إطلاق سراح الجنود الأسرى».
ووصف شيراك برنامج رئيس الحكومة الإصلاحي بأنه «شجاع». ورأى «أن تقديم الأسرة الدولية دعماً مالياً كبيراً وفورياً يشكّل بنظر الجميع ضرورة مطلقة لمواكبة جهود حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، مؤكداً أن فرنسا «ستتحمل حصتها كاملة في هذا المجهود، وستقدم إسهاماً كبيراً على شكل قرض بقيمة 500 مليون يورو، بشروط ميسّرة جداً، يصرف نصفه هذه السنة». وقال: «تعلمون المصاعب التي يواجهها لبنان. لذا على اللبنانيين أن يطلقوا حواراً بناءً، وعلى أصدقاء لبنان أن يساعدوه للسير على طريق الوحدة».
وختم شيراك بأن المؤتمر «استحقاق حاسم وفرصة فريدة لنؤكد مجدداً، وبقوة، تطلّعنا لقيام لبنان موحّد ومتوافق ويتمتع بالسيادة في إطار احترام كل مكوّناته».


رايس: ملتزمون حماية الديموقراطية في لبنان
ألقت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس كلمة رأت فيها أن المؤتمر «يعبّر عن الدعم الدولي الواسع والشامل للحكومة اللبنانية»، مشددة على أن الولايات المتحدة «لا تزال ملتزمة بناء دولة لبنانية مستقرة وموحّدة، ونحن نعمل بالتعاون مع كل اصدقائنا وشركائنا في العالم لدعم حكومة (الرئيس فؤاد) السنيورة من أجل تأمين فرص ازدهار اقتصادي للشعب اللبناني».
وأكدت رايس «اننا ملتزمون دعم هذا العمل، دعم طموحات الشعب اللبناني في تحقيق السلام والاستقرار. وسيطلب الرئيس (جورج) بوش من الكونغرس الاميركي 770 مليون دولار لدعم البرنامج الاصلاحي اللبناني، وستتضمن هذه المساعدات، مساعدات اقتصادية واجتماعية، وسنقدم قدراً كبيراً من هذه المساعدات على شكل قروض فورية».
وأضافت: «الولايات المتحدة ستقدم مليون دولار اضافة الى 330 مليون دولار التي وعدت بتقديمها خلال مؤتمر ستوكهولم. نحن نؤمن بالشعب اللبناني وبقدراته على تخطّي كل مشاكله، والمساعدات التي تقدمها اميركا ستعمل لدعم الامن وجهود اعادة الإعمار والاستقرار في البلاد، ونؤكد دعمنا برنامج الاصلاحات الذي وضعته الحكومة اللبنانية، وهذا البرنامج هو دليل على التزامها تخفيف الدين وتعزيز
الاستقرار».
وشددت على ضرورة «تطبيق كل قرارات الامم المتحدة المتعلقة بلبنان، لا سيما القرار 1701 الصادر عن مجلس الامن، وهذا القرار مهم للغاية لتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة، ونحيّي الحكومة اللبنانية لنشر الجيش في الجنوب اللبناني (...) لكن الطريق ما زالت طويلة في هذا الاطار، وينبغي أيضاً أن يتواصل الدعم لتطبيق القرار 1701 من جانب الامم المتحدة، ونتطلع الى هذا المؤتمر لكي يقدم للحكومة اللبنانية الموارد الضرورية لتحقيق هذه الاهداف».
وختمت رايس بأن «شعب لبنان يستحق أن يعيش بسلام وأن يكون قادراً على اتخاذ قراراته بنفسه، بعيداً من أي عنف ومن اي تهويل سياسي، لذلك فإن الولايات المتحدة ملتزمة هذا الهدف وستساعد على حماية الديموقراطية في لبنان».


الفيصل يدعو اللبنانيين إلى طمأنة المانحين
رأى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن «لبنان يمر الآن في أوقات صعبة في تاريخه»، مؤكداً أن بلاده تبذل كل مساعيها على المستويين الثنائي والدولي لاحتواء الأزمة، لافتاً إلى أن «المملكة تهيب بجميع الأطراف العمل على احتواء الخلافات الداخلية وضبط النفس وتغليب المصلحة الوطنية وحماية الوفاق الوطني وتجنب المواجهات واللجوء إلى الحوار لحل خلافاتهم حفاظاً على وحدة لبنان الوطنية واستقراره واستقلالية قراره السيادي»، ومشدداً على أن المملكة «تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف في لبنان، وتجدد دعمها لمبادرة الأمين العام للجامعة العربية التي تشكل الحل التوافقي الانسب في ظل الظروف التي يعيشها لبنان».
ودعا الفيصل الى انسحاب القوات الاسرائيلية من مزارع شبعا ووضعها تحت وصاية الامم المتحدة الى حين ترسيم الحدود اللبنانية ــ السورية، مجدداً ادانة بلاده «لما شهده لبنان الشقيق من عمليات ارهابية ذهب ضحيتها نفر من خيرة اللبنانيين المخلصين، ونؤكد ضرورة تحقيق العدالة عبر تقديم كل من يثبت تورطه الى المحاكمة لينال جزاءه».
ورأى «أن التحدي الراهن الذي يواجه لبنان حكومة وشعباً يتمثل في عملية اعادة بناء الاقتصاد اللبناني بشكل يمكنه من الاستفادة القصوى من الامكانات والموارد المتاحة لديه»، مقدراً «الجهود الحثيثة التي بذلتها الحكومة اللبنانية، وخصوصاً دولة الرئيس فؤاد السنيورة لتجاوز الظروف الاقتصادية القاسية التي فرضتها عليها سنوات عديدة من النزاعات الداخلية والتحديات الخارجية، وآخرها العدوان الاسرائيلي الغاشم الصيف الماضي». كما نوه «بالجهود المضنية والإنجازات الكبيرة» لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري «لوضع لبنان على طريق التنمية والازدهار». ولفت الى ان «متطلبات إعادة الاقتصاد اللبناني الى مساره الطبيعي تتجاوز قدراته الذاتية، ما يستدعي من الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات المالية الاقليمية والدولية المساهمة في ذلك عن طريق تقديم المنح والقروض الميسرة» مشيراً إلى ان «المساعدات الخارجية لن تكون مؤثرة إن لم يتزامن معها التزام قوي ببرنامج الإصلاح الاقتصادي والاستمرار فيه، ويجب ألا يكون هذا الأمر عرضة للتجاذب السياسي الذي يفوت على لبنان كثيراً من الفرص».
وناشد «جميع الاطراف اللبنانيين تحمل مسؤولياتهم في هذا الصدد والعمل على طمأنة المانحين إلى أن الأموال التي يسهمون بها ستجد البيئة المستقرة لاستثمارها بكل فاعلية».
وبعدما عرض الدعم المتنوع الذي قدمته السعودية للبنان منذ اتفاق الطائف، أعلن الفيصل عن تقديم مساعدة جديدة بمبلغ 1000 مليون دولار لدعم المشاريع التنموية في لبنان من خلال الصندوق السعودي للتنمية وبالتنسيق مع الحكومة اللبنانية، اضافة الى منحة 100 مليون دولار للحكومة اللبنانية لدعم ميزانيتها العامة.


متظاهرون يقتحمون القنصلية في باريس
دخل عشرة متظاهرين صباح أمس الى القنصلية اللبنانية في باريس للمطالبة بإطلاق جورج ابراهيم عبد الله المعتقل السياسي اللبناني في باريس، قبل أن يتفرقوا بدون تسجيل أي حادث. وجرت التظاهرة في وقت كان فيه مؤتمر باريس ـــ 3 منعقداً. وأعلنت «جمعية 25 كانون الثاني» مسؤوليتها مطالبة بالإفراج «الفوري» عن عبد الله وسحب القوات الفرنسية من لبنان».


السنيورة يلتقي بان كي مون
التقى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة على هامش مؤتمر باريس ـ3، في إحدى القاعات حيث يعقد المؤتمر، الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في حضور وزير الخارجية بالوكالة طارق متري ومستشار الرئيس السنيورة السفير محمد شطح. وتخلل الاجتماع عرض لمجمل الاوضاع اللبنانية وتطبيق القرارات الدولية وتحديداً القرار 1701 وباقي قرارات مجلس الامن الدولي.