الجنوب ـ كامل جابر
خيّم القلق و«الرعب» في عطلة الأسبوع، على مختلف المناطق الجنوبية، جراء إطلاق جيش العدو الإسرائيلي رزماً من البالونات المسمة، بمواد كيميائية، هدايا أخرى، بعد القنابل العنقودية، إلى أطفال الجنوب، لتوقع هذه المرة ثماني إصابات، برائحتها، وتمنع الأهالي من ارتياد البراري.
فبعد أقل من عشرة أيام على بالونات مماثلة، ظنها الجنوبيون «مسالمة» منفلتة من حفل ميلاد أو خطوبة، وصبيحة بيان للجيش اللبناني يحذر الجنوبيين من «بالونات معبأة بغاز، قد يكون ساماً»، حطت فجر السبت رزمة «عنقودية» من بالونات خضراء مربوطة، عليها كتابات عبرية باللون الأبيض، ذكرت المصادر الأمنية أن طائرة استطلاع إسرائيلية أطلقتها ليلاً، في حديقة منزل المواطن خليل علي ملّي (1964)، في محلة الرويس، في بلدة النبطية الفوقا، فتسببت صباحاً بإصابته مع زهرة حسين قطيش (1973) وزينب سليم قطّين (1977) وشقيقتها ليندا (1979) ووصال علي عواضة (1945)، بحال من الدوار والإعياء وضيق في التنفس، جراء تنشّقهم رائحة خفيفة كريهة تنبعث من هذه البالونات، ونقلوا فوراً إلى المستشفى الحكومي في النبطية، حيث خضعوا للعلاج.
وقبل أن تضع القوى الأمنية المختصة يدها على الموضوع، بإرسال فريق متخصص إلى مكان سقوط البالونات، وعزله درءاً للخطر، وأن يكون حبر بيان قيادة الجيش قد جفّ بعد، أرسل مخفر درك النبطية دورية من عنصرين، غير مزودين أي أجهزة، للإيفاء بالمعلومات، أضحيا هما الآخران ضحية هذه البالونات، إذ نُقل الرقيب في قوى الأمن الداخلي محمد عقيل والدركي خضر حطيط إلى مستشفى النجدة الشعبية اللبنانية في النبطية، مصابين بالأعراض عينها. وكذلك نقلت الزميلة في مكتب «النهار» في النبطية، رنا الجوني إلى غرفة العناية الفائقة في مستشفى النجدة الشعبية بعد نحو خمس ساعات على تصويرها البالونات المسمة في النبطية الفوقا.
وذكر الطبيب المعالج الدكتور سامر سليمان، أن «حالة الجوني تفاقمت، بسبب تأخرها عن تلقي العلاج»، لافتاً إلى أن الحالات التي نقلت إلى المستشفى تشبه المصابين بالقنابل المسيلة للدموع «ولكن يحتاج الأمر إلى ضرورة فحص المواد التي تحتويها البالونات، كي نستفيد من سرعة المعالجة بالمضادات اللازمة». أما الزميلة الجوني فقد أكدت أنها بدأت تشعر «بأدوار من الإعياء والغثيان، ثم بضيق في التنفس، بعد نحو ساعة من تصويري البالونات التي عثر عليها في النبطية الفوقا. حاولت معالجة الأمر، في البيت، بيد أنه قبل حلول المساء، انهرت تماماً ولم أعد أقوى على الوقوف، أو أشعر بما يجري حولي، فاستفقت وأنا في غرفة العناية في المستشفى».
أما البالونات فقد نقلتها قوة من فوج الهندسة في الجيش اللبناني إلى ثكنة الجيش في النبطية لفحصها.
وأمس، عثر على رزم أخرى من البالونات «المرعبة» قرب شاطئ مدينة صور، وشاطئ بلدة المنصوري، جنوبي المدينة، وفي محاذاة منزل المواطن إبراهيم حرز بين بلدتي معروب وباريش، فأبلغ بأمرها الجيش اللبناني الذي كثّف من دورياته في العديد من البلدات الجنوبية، خشية وجود مجموعات أخرى قد يكون الهواء نقلها إلى أماكن أخرى. وجدد الجيش تحذيره للمواطنين من الاقتراب من أماكن وجودها. وعلم أن الجيش اللبناني سلم عينات من هذه البالونات إلى متخصصين في الكتيبة الإيطالية العاملة في إطار قوات «اليونيفيل» المعززة، بغية فحصها والتأكد من حقيقة المواد التي تحتويها.
وأورد الزميلان آمال خليل وعلي عطوي من صور أن أهالي مدينة صور فوجئوا قبل ظهر السبت بوجود بالونات «غازيّة»، وصلت إلى الشاطئ الجنوبيّ للمدينة، آتية من الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة. وفور شيوع الخبر، حضرت عناصر من قوى الأمن الداخليّ والجيش اللبناني، وضربت طوقاً أمنيّاً منعَت اقتراب الناس من المكان المذكور، بعدما تجمهر عدد كبير من الناس حول الشاطئ، وأخرجَ الكثير منهم هواتفهم الجوّالة لالتقاط الصور.
من جهة ثانية، أثارت مجموعة من «البالونات» الملونة والمختلفة الأحجام والأشكال الخوف والرعب في بلدة بر الياس (قضاء زحلة) بعدما عثر عليها صباح أمس مرمية في أحد أحياء البلدة و«عالقة» قرب عمود كهربائي. ولكن سرعان ما تبين ان هذه البالونات ليست من الطائرات الاسرائيلية التي رمتها أول من أمس في الجنوب، بل إنها «طارت» من حفل فرح وهبطت في بر الياس سالمة وآمنة.