strong>أخلي أمس سبيل فريق عمل «تلفزيون الجديد» والمسؤول عن المبنى الذي كان يقيم فيه الشاهد والمدّعى عليه محمد زهير الصديق في خلدة، نسيم المصري والحارس خليل عبد الله بعد 44 يوماً من توقيفهم لقاء كفالة قدرها خمسمئة ألف ليرة عن كل منهم
«يرجى من جميع الزملاء التوجه إلى مدخل التلفزيون لاستقبال فراس وعبد ومحمد». يتكرر هذا النداء أكثر من مرة في مبنى «تلفزيون الجديد» الذي استقطب أمس العديد من الإعلاميين المهنئين بقرار المحقق العدلي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي الياس عيد إخلاء سبيل الزملاء فراس حاطوم وعبد العظيم خياط ومحمد بربر. القرار الذي بث في خبر عاجل عند الظهر تحوّل إلى حقيقة عند الساعة الثالثة مع وصول الزملاء في سيارة المحامية مايا حبلي إلى مركز عملهم حيث استقبلوا بالزغاريد ونثر الأرز.
ترافق هذا الاستقبال مع عودة الإعلان عن بث الجزء الثاني من «كش ملك» قريباً. إعلان له دلالته لدى إدارة التلفزيون التي تعيد قرار إخلاء السبيل إلى ما تضمّنه الجزء الأول من البرنامج. فبحسب مديرة الأخبار في التلفزيون مريم البسّام إن التحقيق الذي أجراه فراس حاطوم في سوريا «يؤكد أن الهدف من دخول الشقة التي سكن فيها الشاهد السوري محمد زهير الصديق في خلدة كان مهنياً».
وتروي: «لقد غيّر عرض (كش ملك) مجرى القضية كلها، عرضنا كل المادة التي صوّرها فراس في سوريا بما فيها تلك التي حذفتها المخابرات السورية وهذا دليل على صدقيتنا وأننا لم نكن في صدد مسايرة أحد».
تبدو البسام حريصة على إيراد هذه النقطة، مشيرة إلى أن المعلومات التي توافرت لها عن سير التحقيقات كانت تدل على شكوك قضائية تربط بين رحلة فريق «تلفزيون الجديد» إلى سوريا ودخول الشقة: «ربما شكّوا بأن يكون السوريون أوعزوا إلى فريق عملنا بتغيير معالم الشقة أو وضع شيء فيها. لقد فهمت أن الأسئلة تركزت على تفاصيل الرحلة إلى سوريا علماً بأن الشباب أوقفوا بجرم دخول الشقة».
من هنا كان العمل على إنجاز الحلقة الأولى من «كش ملك» التي لم يكن فراس حاطوم قد أنجزها بالكامل: «أكملتها كرمى خياط وكما كان فراس صادقاً مع القضاء وقال كل ما يعرفه حرصنا على أن نكون مثله وعرضنا الحلقة من دون أن نحذف شيئاً منها، وبعد عرضها طلبها القضاء رسمياً».
لهجة التفاؤل التي تسم حديث البسام تختلف عن حالة الاكتئاب والحزن التي عاشتها في الأيام الماضية. «كنت خائفة من التسييس لأن «نيو تي في» كشفت حقيقة هسام هسام ثم الصديق. وكلنا نعرف أن القاضي سيرج براميرتس أعلن عدم علاقته بتوقيف الضباط الأربعة، عندها قلت لنفسي لقد صار القفص فارغاً ويريدون شخصاً يضعونه فيه». زاد خوفَها ما سمّته «تخلي المسؤولين عن مسؤولياتهم، كوزير الإعلام الذي انحاز إلى حزبه وموقفه السياسي وليس إلى مهنته وموقعه في الدفاع عن الإعلام».
بالمقابل، أكد وزير الإعلام غازي العريضي في اتصال مع «الأخبار» أنه كان «يتبنى القضية منذ بدايتها، والسيد تحسين خياط يعرف هذا الأمر»، مضيفاً أن القضية كانت أمام المحقق العدلي بجريمة اغتيال الرئيس الحريري وليس أمام محكمة المطبوعات أو تبعاً لقانون المرئي والمسموع: «أنا مشيت بمسيرة القضاء الذي يضع الزملاء في «نيو تي في» ثقتهم به. فالخطأ جرى في سياق العمل الإعلامي ولا تستطيع السياسة أن تتدخل لدى القضاء العدلي، وبالمناسبة، أنا كنت كل يوم على اتصال بالنائب العام من أجل الإسراع بالتحقيقات، ولكن بعيداً عن الأضواء».
المحامية مايا حبلي كانت قد تقدّمت للمرة الخامسة بطلب إخلاء سبيل وافق عليه القاضي الياس عيد على أساس استكمال التحقيقات. وبالفعل أعاد استجواب الزملاء يوم الاثنين الفائت. ونقل أصدقاء فراس الذين زاروه أمس عنه تفاؤله بأجواء التحقيق.
غير أن قرار إخلاء السبيل لا يعني انتهاء القضية، إذ إنها لا تزال قيد المحاكمة. ومجدداً تبدي البسام ثقتها بأن القضاء سيبرئ الزملاء «لأن هناك العديد من المعطيات التي ستتكشف». أما فراس فيبدي تخوّفه من استمرار ملاحقته، ويقول: «أشعر بأن العين لا تزال عليّ، لكن هذا لا يعني التراجع».
حاطوم الذي سيعدّ بنفسه الجزء الثاني من «كش ملك» يعترف بأنه أخطأ «لأني صدّقت أن هناك شيئاً مقدساً اسمه حرية الصحافة. وأؤكد أني لم أخطئ قانونياً: لقد أخذت إذناً من محمد زهير الصديق، ومن حارس المبنى وكان باب المنور مفتوحاً. الطريق كانت مفتوحة فكيف لا أدخل بحثاً عن الحقيقة؟».
وفيما يتحفظ عن سرد أي معلومات عن الأسئلة التي وجهت إليه حفاظاً على سرية التحقيق، تعلّق البسّام قائلة: «فراس كان حقل اختبار للصحافة الاستقصائية. أي صحافي سيضع رجله في هذا الحقل صار يعرف أين سيكون اللغم. كل ما نتمناه هو أن لا يكون فراس وزملاؤه مثلاً سلبياً، بل إيجابي في الاندفاع بحثاً عن الحقيقة».
(الأخبار)