حظي الخطاب العاشورائي الذي ألقاه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، أول من أمس، باهتمام القوى السياسية في لبنان، لما تضمّنه من مواقف، كان أبرزها إعلانه أن الحل لا يمكن أن يكون إلا سياسياً، مع إشارته الى دعم أي مبادرة تصبّ في خدمة هذا الهدف، إضافة الى مطالبته بمحاسبة المتورطين في القتل واستخدام السلاح، قضائياً.واللافت، في هذا الصدد، صدور مواقف من جانب «أكثريين»، أجمعوا على اعتبار خطاب نصر الله «إيجابياً» وخطوة نحو تهدئة الأجواء المشحونة، داعين الى التجاوب مع مواقفه بروح المسؤولية المطلوبة.
فقد أصدر المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة بياناً، خصّص للتعليق على الخطاب، فرحّب بموقف نصر الله «لتأكيده التمسك بالحل السياسي، في هذا الظرف بالذات»، معتبراً أن كلامه «خطوة إيجابية». وأشار البيان الى أن نصر الله «عمد الى التشديد، في أكثر من مناسبة، على نبذ الفتنة واستخدام العنف أو السلاح في التعاطي الداخلي»، مضيفاً: «هذا سعي مطلوب وتأكيد مشكور، ندعمه ونؤيده ونسعى إليه بكل قوة، إذ لا خلاص لنا نحن اللبنانيين إلا بالحوار السياسي الهادئ البعيد عن التشنج».
ورأى وزير العدل شارل رزق أن خطاب نصر الله «خطوة نوعية نحو التهدئة»، بما «يؤكد رفضه كل مظاهر العنف، وقد أعلن هذا الرفض منذ البداية، وهو يكرّر انتهاج الحل السياسي الذي يرجوه جميع اللبنانيين»، متمنياً أن تكون مثل هذه المواقف «دليل بداية للتقارب في ما بين الأطراف كافة، للوصول الى حل للمشاكل المستعصية».
وأعرب رزق، في حديث الى «هيئة الإذاعة البريطانية»، عن تفاؤله بحتمية الوصول الى حلول للأزمة اللبنانية الراهنة، عازياً سبب هذا التفاؤل الى اعتبارين: «الأول: آني، ورد في خطاب السيد نصر الله، وما قابله من رد إيجابي من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة. والثاني يتلخص في المساعي المستمرة، محلياً وإقليمياً ودولياً، منذ أكثر من شهرين، ولا سيما الاتصالات السعودية ــ الإيرانية الجارية».
بدوره، رأى نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أن كلام نصر الله عن رفض الفتنة المذهبية والحرب الأهلية «جيد وإيجابي، لكنه ليس كافياً لضمان الاستقرار، إذا استمر التحريض الإعلامي وخطابات التخوين».
ورحّب النائب بطرس حرب بموقف نصر الله الذي «جاء ليعقلن العمل السياسي الممكن في لبنان، بحيث تسقط الممارسات غير السياسية في حياتنا الديموقراطية، وتسقط كل نظرية أو دعوة إلى حسم خلافاتنا السياسية بوسائل غير سياسية أو غير ديموقراطية، وخارج إطار ما تسمح به القوانين وأحكام الدستور»، داعياً كل الأطراف السياسيين في المعارضة والموالاة الى «ملاقاة نصر الله، والتجاوب معه بروح المسؤولية المطلوبة»، مطالباً قوى «الأكثرية» خصوصاً بضرورة «تأكيدها للسيد نصر الله بالذات تصميمها على توحيد جهودها لتحقيق حركة إصلاحية جذرية، في سبيل بناء دولة المشاركة الحقيقية ودولة الوحدة والتعاون والتكاتف من أجل إخراج لبنان من كل أزماته السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية».
وأمل حرب في «عدم تفويت فرصة الحل مرة جديدة»، مؤكداً أن «الاتفاق يغلق أبواب الجحيم التي يحاولون دفع لبنان باتجاهها».
من جهتها، أشادت كتلة نواب «القوات»، إثر جلسة عقدتها في بزمار أمس، بـ«إيجابية» ما ورد على لسان نصر الله في ذكرى عاشوراء، بما يتيح المجال أمام «العودة الى لغة الحوار والتسويات السياسية ومنطق الدولة»، وأعلنوا استعدادهم لـ«الانضمام الى أي شكل من أشكال الحوار يطرح في محاولة للعودة الى الحياة الديموقراطية السلمية الحقة في لبنان»، مطالبين رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ«تلقف الأجواء الإيجابية المستعدة للغة العمل السياسي وحلول التسويات السياسية ومنطق الدولة، والمبادرة الى العودة للدعوة الى الحوار في الإطار الذي يجده مناسباً».