strong>غسان سعود
مع بداية الشهر الثالث قررت المعارضة تزخيم اعتصامها في الوسط التجاري بعد البرودة التي سرت في أوصاله أخيراً، ومع تزايد الشائعات عن احتمال إقدام قوى 14 آذار على استهداف مخيم الاعتصام.
ويلفت أحد قياديي المعارضة إلى أن قائد «القوات اللبنانيّة» سمير جعجع «الذي انشغل وحزبه طوال الأسبوع الماضي في تبرير ما فعله أنصاره في المتن الشمالي، لن يقدم على الانتحار السياسي» بدفع مؤيديه إلى «التحرش» بالمعتصمين، فيما يؤكد أمين سر التيار الوطني الحر أنطوان مخيبر أن تحذير المعارضة من التعرض للمعتصمين أدى مفعوله، «وأية محاولة لاقتحام المخيم ستدفع أهله إلى التمدد في كل وسط بيروت من دون استثناء».
ومن المقرر أن تستعيد الساحتان برنامجاً يستقطب أنصار المعارضة، ويهيئهم للمرحلة الثالثة من الحركة الاحتجاجية التصاعديّة، التي، خلافاً لما يشاع، قد لا تستثني الشارع مجدداً. وعُلم في هذا السياق أن خطوة تصعيدية كبيرة، قد تمتد لبضعة أيام ستتخذ قبل الدعوة إلى العصيان المدني. ويشير أحد قياديي المعارضة إلى أن الأجواء الإيجابية التي تصدر عن هذه المرجعيّة أو تلك، تهدف للتخفيف من حدة الاحتقان في الشارع فقط. والدليل، تأكيد عضو تكتّل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان أنّ الاتصالات بين مختلف الأفرقاء السياسيين ليست جديّة، وقد تنظم في ساحة الشهداء، في الأسبوع المقبل، خمسة مؤتمرات تشهر بوجه السلطة خمس ملفات، أولها اقتصادي «يوثق أبرز السرقات التي حصلت خلال السنوات الماضية، ودور الرئيس فؤاد السنيورة، وزير المال يومها، في القرارات التي اتخذت. وثانيها، يُظهر استفادة السنيورة شخصياً ومعاونين له من تمديد مشروع تأجير المنطقة الحُرة في مطار بيروت، وبحسب مصادر معارضة أفادت هذه العملية السنيورة بملايين الدولارات. وثالث الملفات يتعلق بمضاعفة الاستثمار مرتين في منطقتي «البيال» ورأس بيروت. واستفاد آل الحريري، بحسب المعارضة، في عملية عقارية واحدة تلت قرار المضاعفة بقرابة 600 مليون دولار أميركي. ورابع الملفات يكشف تفاصيل «تمرير تركة الحريري التي تقدر بمليارات الدولارات» دون دفع رسوم لخزينة الدولة. أما الملف الخامس، والأبرز، فيوثق انتهاكات للقانون في عدد من الوزارات، وخصوصاً وزارات المهجرين، الشؤون الاجتماعيّة، الصناعة، والاقتصاد.
ويضاف إلى هذه، تسليط الضوء مجدداً على عدم التزام تيار المستقبل بوعده في إعادة التوازن إلى السلطة، وعدم إعطائه أياً من حلفائه المسيحيين أي وزن داخل الحكومة. كما لم يعطَ المسيحيون ما يستحقونه في التعيينات الإدارية إن كان في بلدية بيروت أو المديريات العامة أو قوى الأمن الداخلي، التي حاول تيار «المستقبل»، بحسب المعارضة، «أن يحولها من مؤسسة رسميّة محترمة إلى مجموعة مذهبية تدين بالولاء فقط إلى فريق الحريري السياسي». كما سيثار ملف التوطين.
وبانتظار الإعلان الواضح عن الخطوة التصعيدية الرابعة، بعد استقالة الوزراء، التظاهر، والإضراب العام، يقول أحد أقطاب المعارضة إن السلطة تحاول فرض معادلة جديدة عنوانها «إما أنا أو الفوضى». وتؤكد المعارضة أنها ليست أمام حائط مسدود، بل حاجز وضع في الطريق يتمثل بالفتنة، لكنها استطاعت تخطيه الخميس الفائت، وستتابع الطريق.
وكانت المعارضة فعّلت أمس النشاط في وسط بيروت باحتفال خطابي، كان أول المتحدثين فيه الوزير السابق وئام وهاب الذي أثار حماسة الجمهور بقوله: «نحن نريد بيروت على صورة سليم الحص، وهم يريدونها على صورة وليد عيدو». واتهم «نزيل السرايا» بـ«أكل حقوق العسكريين» و«اغتصاب» مستحقاتهم منذ عام 1996. وأكد أن المعارضة «باقية في وسط بيروت»، لافتاً إلى أن «السرايا ليست أغلى من الخيم المنصوبة». وأكد أنهم لن يخرجوا من الساحات إلا «أجرنا وأجر السنيورة سوا». وجزم بأن الحسم في جيب المعارضة.
وسأل الأمين العام لحركة الناصريين المستقلين خالد الرواس أهالي بيروت «عمّا إذا كان الفريق الحاكم وفياً لما أوصاهم به رفيق الحريري»، لافتاً إلى «حرص الحريري على المقاومة وعلى العلاقة الجيدة مع سوريا». ورأى أن «ما يحصل اليوم هو انقلاب على رفيق الحريري»، متهماً مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني بأنه «أظهر نفسه كطرف. وكان يفترض به أن يبقى لجميع اللبنانيين وجميع المسلمين». وناشده أن «يضع كل المسلمين في كفة واحدة، ويصلح بينهم». وتوجه إلى «سنّة بيروت» بالقول: «أنتم أبعد ما يكون عن الطائفية والتعصب، لكن بعضكم وقع ضحية مشروع أجنبي، وسبب الانزلاق هو التحالف الذي يجمع السيد سعد الحريري بـ(النائب وليد) جنبلاط وجعجع. فالأول يحمل مشروع الإدارات المدنية، والثاني صاحب مشروع الفيدرالية. وبالتالي كيف يكون سعد الحريري ابن رفيق الحريري في موقعه الصحيح، ومدرسته مناقضة لمدارس المتحالف معهم». ودعا النائب سعد الحريري إلى مناظرة إعلاميّة.
وختاماً، شكر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن قواعد المعارضة على ثباتها، ووجه التحية إلى شهداء المعارضة وجرحاها. وقال إن الحكومة أصبحت «حكومة ميليشيات فاقدة للشرعية»، بعد إطلاقها النار على المضربين وطلاب جامعة بيروت العربية. وأعلن باسم المعارضة المضي في التحرك، ومتابعة التحرك من أجل تحقيق الأهداف التي أعلنتها. وأكد أن تحقيق الهدف الأساسي يتطلب رفع الوصاية عن حكومة الميليشيات. ودعا من أطلقوا مواقف إيجابية إلى أن يكونوا إيجابيين بالفعل وليس بالقول فقط.