strong>ابراهيم عوض
مرة أخرى يثير موقف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني تساؤلات في الأوساط السياسية وداخل الصف السني خصوصاً.
حصل هذا إثر استقبال قباني رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع صبيحة عيد الفطر الماضي حيث تداعى قادة سنّة للبحث في انتخاب مفتٍ بديل، فيما طلعت أصوات قوى سياسية ومعها هيئات وجمعيات داعمة للمفتي ومستنكرة الحملة، مع ملاحظة يوردها المراقبون ترى أن الأرجحية هي للمدافعين عن المفتي.
واليوم يتكرر المشهد بعد «الظهور المفاجئ» له في السرايا الحكومية ظهر أمس وأخذه بيد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، في إشارة معبّرة عن دعمه له، لأداء صلاة الجمعة بمشاركة عدد من الوزراء المقيمين في السرايا، بالتزامن مع تدفق جموع المتظاهرين الى ساحتي رياض الصلح والشهداء.
وحرص قباني على التحدث الى الصحافيين معلناً «ثقته الكاملة ودعمه الكامل» بالسنيورة و«حكومته». وقال: «إن ممارسة العمل السياسي الديموقراطي تكون من خلال المؤسسات الدستورية وعبر المجلس النيابي ومجلس الوزراء. ولا يجوز إطلاقاً أن نعرّض لبنان وأمنه وسلامه واستقراره للضياع. الشعب اللبناني بتنوعه لا يمكن أن يرضى بأن تحل الفوضى غداً في شارعه، ينزل هؤلاء ثم ينزل أؤلئك في المقابل». وفيما لفت قباني إلى أن «التعبير عن الرأي مكفول بحكم الدستور» رأى «محاولة إسقاط الحكومة في الشارع دعوة الى الإفساد بين الناس». وتابع:«إن الخوف بدأ يدب في صفوف اللبنانيين فنحن نطلب من المعارضة أن تتعقل وأن تلجأ إلى المؤسسات الدستورية وأن تقلع عن استخدام الشارع لإسقاط الحكومة». ورأى أنه «ينبغي على رجال المعارضة الحكماء أن يتعقلوا إذ لا يجوز إطلاقا أن نعمل على إسقاط الحكومة في الشارع وإلا فغداً سيكون هناك تصرف مقابل وكل حكومة اذا لم يرض بها أحد سيعمل على إسقاطها في الشارع، هذه سابقة خطيرة في تاريخ لبنان».
وما إن انهى المفتي تصريحه حتى غادر الى المملكة العربية السعودية في زيارة مقررة، فيما بقيت أصداء كلمته موضع اهتمام في السرايا وخارجها وصولاً الى دار شخصية سياسية عربية زائرة للبنان راحت تثني على صاحبها ومبادرته بالحضور الى السرايا للتعبير عن وقوفه الى جانب السنيورة وما يمثله موقعه من رمزية سنية. وقالت الشخصية لـ«الأخبار»: «إن الأمور لم تعد خافية على أحد بعد أن أضحى النزاع مذهبياً ومن استهدافاته «ضرب» السنة في لبنان وإضعافهم. لذلك حسناً فعل المفتي بإسماع صوت طائفته للفريق الآخر، تماماً كما يفعل «مفتي الشيعة» الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله». وأعربت الشخصية عن أسفها لعدم تنبه أطراف وشخصيات سنية لما يحاك ضد طائفتها ومساهمتها من حيث تدري أو لا تدري بإلحاق الضرر بها.
في هذا الاطار قال الرئيس عمر كرامي لـ«الأخبار» إن «مشاهد الحشود أمس تجعل المرء عاجزاً عن الكلام»، لافتاً الى أنه «لم يفاجأ برؤية المفتي داخل السرايا»، معتبراً أن «ما جرى أمس بداية النهاية لمن يستهزئون بالمعارضة والاقلية، بعد أن ظهرت الأحجام على وتبدّدت الأوهام». وفيما ذكر كرامي «أن الحديث في موضوع المفتي سيحين أوانه في ما بعد»، أوضح أنه «لطالما نصح بإبقاء دار الفتوى مرجعاً للجميع أبناء الطائفة».
بدوره رأى رئيس جبهة العمل الاسلامي فتحي يكن في مجيء المفتي قباني الى السرايا أمس «إضعافاً كبيراً لموقعه ودوره» وقال إنه «يربأ بمفتي الجمهورية أن يقدم على ما أقدم عليه بحيث قبل أن تتمترس الحكومة خلفه وفي ذلك دليل على أنها ساقطة». وحمل على «من يحاول تفسير ما يجري على أنه صراع بين السنة والشيعة»، واصفاً هذه المقاربة بـ«السلاح القذر»، مؤكداً «أن الحشود التي شهدتها بيروت أمس تمثل كل الفئات والمذاهب والاتجاهات». لافتاً الى «أن المشاركين في تظاهرات التأييد للمقاومة التي شهدها العديد من الدول العربية إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان إنما ينتمون في غالبيتهم الى الطائفة السنية الأمر الذي يدحض مزاعم التفرقة ويثبت تآلف السنة والشيعة».
وأصدرت أمانة الشؤون الدينية في المؤتمر الشعبي اللبناني بياناً انتقدت فيه حضور المفتي الى السرايا ورأت أنّه «انحياز صارخ ضد مصالح المسلمين».
في المقابل أعلن مفتي عكار الشيخ أسامة الرفاعي في خطبة الجمعة أمس تأييده لمواقف السنيورة ودعاه الى «الثبات على الحق» ورأى في ما قاله نصر الله «انقلاباً سياسياً».
كما انتقد مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس في خطبة الجمعة «إصرار الأمين العام لحزب الله على النزول الى الشارع وإهمال كل دعوات التهدئة والتعقّل»، ورأى أنّه «بمثابة إعلان حرب على الشرعية المتمثلة بحكومة الرئيس السنيورة التي لا يمكن أن نقبل بإسقاطها في الشارع».
وأعرب عدد من العلماء والمشايخ في بيروت وطرابلس عن تأييدهم لموقف المفتي قباني ورفضهم إسقاط السنيورة.