في 22 أيلول 1991، عقد العونيون آخر لقاءاتهم في تلك المرحلة في بلدة السواقي الزغرتاوية. يومها تحدث بيار رفول، الرجل الذي يُعرِّفُه العونيون بأنه مُبتدع فكرة الجموع في بعبدا وتحويل قصر الرئاسة إلى «بيت للشعب». ونظم مئات النشاطات الناجحة التي أعطت حيوية للخطاب السياسي في بعبدا، وجعلت الناس يحجون إلى قصر الرئاسة رغم القصف والأخطار الكثيرة. يومها قال بيار: «عم نلتقي هون تنفرح قبل ما يصير الفرح غنيّي وتنحبس الحريي ويصير الوطن هيهات والمصير يا ريت والشرف ذل وعار والكرامي وطاوي إذا بزقت عليها بتقلك عم تشتي». وأنهى كلامه بعبارة: «يا شعبنا العظيم يلي هون ومش هون، ورحمة ل راحوا وبعدهن بالبال وحياة الزغار ل مجدهن جايي، هيدا الوعد: يا القبر.. يا النصر.. والله العظيمثم اختار بيار المنفى ملتحقاً بالعماد ميشال عون صديقه المقرب منذ أكثر من ثلاثين سنة. ومن أوستراليا، نظّم الانتشار العوني، وأنشأ صحيفة لبنانية كانت ناطقة بلسان المعارضة في الخارج. وبيار ــ الذي يعاني معظم العونيين صعوبة التعرف إليه أو اكتشافه، نظراً لشغله الكثير بحكم موقعه كمنسق عام للتيار الوطني الحر ــ أطل أمس من وسط الحشود، التي يجهل معظمها هويته، أمسك المذياع، وبثوانٍ قليلة جذب نحوه الآلاف المحتشدة في ساحتي رياض الصلح والشهداء عبر لهجته الزغرتاوية. وبعيداً عن الفصحى، خاطب الجمهور الذي يجهله قائلاً: «اطّلعوا ببعضكم، حبوا بعضكم، هذا المحور هو محور لبنان. أنتم مثلما قال العماد عون: أنتم شعب لبنان العظيم، لا، بل أنتم أعظم شعب في العالم». ردت الجموع بهتاف هائل وتصفيق، وتفاعُل قلّ نظيره مع الخطباء الآخرين. ابتسم الرفول، غامزاً أحد الواقفين بقربه مشيراً إلى الشبه بين حشد الأمس وحشد «بيت الشعب»، وتابع قائلاً: «مليونا مسيحي لا يزيدون مسيحيي العالم شيئاً، ومليونا مسلم لا يؤثرون على مسلمي العالم بشيء، لكنّ مليوني مسيحي ومسلم متحدين في هذا البلد قادرون على تغيير العالم». وختم رفول بالتأكيد: «نحن شعب ما بيركع إلا ليصلي.. وما بنحني راسنا إلا لنصلي..». غادر بيار المنصة والجمهور يردد وعده بالبقاء في الساحة حتى استرجاع كل حقوق المعارضة. رفول، الذي ظهر أمس قيادياً عونياً، للمرة الأولى بهذه العلنية، سيلعب، وفقاً للمتوقع، الدور الرئيسي في الحالة اللبنانية التي انطلقت أمس وستُعزز في الأيام المقبلة. غ. س.