جورج شاهين
قد تكون هذه هي المرة الأولى التي لا تتعدد فيها المبادرات للخروج من الأزمة التي يعيشها لبنان. ويعترف المطلعون بأنه بعد الفشل الذي أصاب ما كان يشبه المبادرة العربية، بقيت «رزمة الأفكار» التي طرحها الرئيس أمين الجميل والتي ناقشها أول من أمس مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ومع آخرين عبر حركة الموفدين والاتصالات بين قريطم والمختارة وسن الفيل.
فقد ثبت لدى أحد المطلعين على آخر الصيغ التي تبودلت خلال الساعات الماضية «أن موسى لم يصل إلى أي صيغة توفيقية بين طرفي النزاع، واكتفى بإبلاغ من التقاهم بسلسلة من رسائل تحذير من فتنة داخلية، واحتمال انتقال التجربة العراقية إلى لبنان، من دون أن يأخذ في الاعتبار الخصوصيات اللبنانية التي تحصن ساحاتنا ضد عدوى شبيهاتها العراقية».
وقبل أن يغادر موسى على عجل إلى القاهرة بعد ظهر أمس بقليل، التقى رئيس الجمهورية واستمع منه إلى عرض مسهب لوجهة نظره وصيغة تكفل الخروج من المأزق وتقول، كما روت مصادره لـ«الأخبار» بتأليف حكومة وفاق وطني تعمل بسرعة على إقرار قانون جديد للانتخابات يصلح لإجراء الانتخابات النيابية المبكرة وبعدها انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وقال المطلعون لـ«الأخبار» إنه، عند هذه المشاورات، توقفت مبادرة موسى الذي اضطر إلى ترك بيروت على عجل للعودة إلى القاهرة حيث يمضي أياماً قليلة تفصله عن زيارة إلى الولايات المتحدة للمشاركة في ندوات سياسية ودبلوماسية ستبعده بالتأكيد عن الملف اللبناني.
ولذلك اكتفـــــــى بإجراء اتصالات تعويضـــــــــاً عن مواعيــــــــد قد طلبها من شخصــــــــيات، وكلف مساعده في بيروت السفير عبد الرحمن الصلح نقل المزيد من التفاصيل اليهم بدءاً من اليوم.
وبالتزامن مع الفشل المؤقت الذي منيت به «سلة الأفكار» التي بدأ موسى بتكوينها مع من التقاهم، أحيت الزيارة التي قام بها الجميل إلى نصر الله «رزمة الأفكـــــــــــار» التي كان قد طرح بعضها على الرئيس بري يوم الخميس الماضي، والتي تزامنت مع المشـــــــــــروع الثلاثي الذي كشف عنه الرئيس عمر كرامي في حينه، قبل أن تتطور لاحقـــــــــــــاً في ضوء المشاورات التي أجراها مع حلفائـــــــــه ومراجع أخرى، بالإضافة إلى التعديلات الموضوعية التي فرضها نزول المعارضة إلى الساحـــــــات، وانتقل بها من مشروع «يقسّط» الدخول إلى الأزمة من بعض الملفات بالمفرق، إلى سلة كاملة غير مجزأة تتناول مختلف جوانب الأزمة، من ملف الرئاسة بانتخاب رئيس توافقي جديد للجمهوريــــــــــة يليه تأليف حكومة وحدة وطنية تضع قانوناً جديداً للانتخاب من أجل انتخابات نيابية مبكرة، فتكتمل مراحل التغيير الشامل في مهلة أقصاها تسعة أشهر وتستوفي الشروط لولادة طبيعية لسلطة جديدة، على أن تترافق المرحلة الأولى بتشكيل لجنة تدرس البنود المختلف عليها في القضايا الاقتصادية والأمنية والمحكمة الدولية، تمهيداً لإقرارها في بداية عهد الحكومة الجديدة.
وعلمت «الأخبار» من مصادر اطلعت على التحضيرات التي سبقت اللقاء بين الجميل ونصر الله أن هذا اللقاء كسر الجليد بين نصر الله وقوى 14آذار، والجميل وبالإضافة إلى الشكر الذي قدمه إلى نصر الله وعبره إلى قيادة «حزب الله» على تعزيتهم بنجله الشيخ بيار، هو أحد اقطاب الأكثرية ولديه أكثر من صفة، سمحت له بأن يكون مشروع جسر توافقي بين القوى المتصارعة.
ولذلك قال المطلعون إنه، في الوقت الذي وعد فيه نصر الله بإجراء الاتصالات اللازمة مع حلفائه، وعد الجميل بمثلها قبل أن يعودا إلى التشاور خلال الـ 72 ساعة المقبلة، وتنفيذاً لوعده أمضى الوزيران مروان حماده ونعمة طعمة ساعتين ونصف ساعة في مكتبه في سن الفيل تخللها لقاء مع السفير السعودي عبد العزيز خوجة لساعة وجرى تبادل المعلومات حول لقاءات الساعات الماضية فأطلعهم خوجة على نتائج اتصالاته التي شملت ليل أول من أمس عمرو موسى، وبادله الجميل نتائج لقائه مع نصر الله، فيما كانت خطوط الاتصال مفتوحة مع قريطم والسرايا ومواقع أخرى، فكان اتفاق في النهاية على أن تبقى الخطوط مفتوحة لعلها تحمل ما يدفع الأمور في اتجاه مخرج ما. فهل ما زال هناك من يؤمن بالمعجزات ؟ لعل وعسى!