ابراهيم عوض
ريفي لـ «الأخبار» لا دليل على علاقة سوريين بتظاهرات الشمال

ماذا يجري في طرابلس؟ ومن يطلق النار بغزارة ولساعات دون ان تحرك القوى الامنية ساكناً؟ هل هناك محاولة لـ «ترهيب» المدينة أو بالتحديد الفريق المعارض فيها حتى تخلو الساحة لأصحاب الصوت الواحد الموالي للسلطة؟ كيف يتعاطى المسؤولون مع هذا الواقع الذي تفوح منه رائحة الفتنة المتربصة بالبيت الواحد؟ وأي دور يقوم به المعنيون في الاكثرية والمعارضة لدرء الخطر عن عاصمة الشمال؟.
اسئلة حملتها «الأخبار» الى قادة أمنيين ومرجعيات سياسية وشخصيات طرابلسية، فجاءت اجاباتهم لترسم صورة الواقع كل من زواياه وقراءته لمجريات الاحداث.
النائب سمير الجسر المنسق العام لـ «تيار المستقبل» في الشمال، يرى في التظاهرات التي تشهدها المدينة وعمليات اطلاق النار ردة فعل عفوية على ما يشاهده الناس ويسمعونه من مواقف استفزازية. وفيما وصف الاتهامات الموجهة الى «تيار المستقبل» بالوقوف وراء عمليات اطلاق النار والتظاهرات السيارة بأنها افتراءات، لفت الى أن المتظاهرين سبقوا السياسيين بالاعلان عن مواقفهم «وبات علينا الاسراع للحاق بهم وضبط تحركهم». وأوضح ان القادة الامنيين في طرابلس يعرفون تماماً ما يقوم به «تيار المستقبل» لتهدئة الخواطر والاجواء وعدم الإخلال بالأمن، محملاً الإعلام مسؤولية اساسية في شحن النفوس واستغلال بعض الاحداث لاثارة النعرات المذهبية.
المهندس عبد الله كبارة، شقيق النائب محمد عبد اللطيف كبارة وأحد مؤسسي «لجنة متابعة حقوق طرابلس»، حمّل فريقاً من «المندسين» مسؤولية اطلاق النار في طرابلس، ولم يستبعد ان تكون بينهم مجموعة من السوريين، «متسائلاً من أين جاء كل هذا السلاح خصوصاً ان الشعب الطرابلسي غير مسلح». الا انه عاد وتحدث عن مشاركة طرابلسية بهذه العملية مبرراً الامر بأنه رد فعل على «موجات السباب والشتائم التي تنطلق من ساحتي رياض الصلح والشهداء في بيروت وتطاول مرجعياتنا السياسية والدينية». وأكد «ان ما من نائب او حزب او تيار في طرابلس دعا الناس إلى التظاهر، وكل من قام بذلك انطلق للحفاظ على وطنه وشرعية الدولة فيه».
ورفض كبارة القول ان هناك أكثرية ومعارضة في طرابلس، معتبراً أن ابناءها «واعون لما يجري وجميعهم من الاكثرية ان لم أقل هم الاكثرية».
الدكتور خلدون الشريف عضو اللقاء الوطني اللبناني المعارض والقريب من الرئيس عمر كرامي، قال «ان ما يجري محاولة واضحة لافتعال المشاكل على كل المستويات، واطلاق العنان للغرائز الطائفية والمذهبية»، مستغرباً الاقدام على اطلاق الرصاص تحت اعين عدد من الاجهزة الامنية.
وفيما اعلن الشريف عدم وقوع اي حادث حتى الساعة، اعرب عن تخوفه من ان يؤدي الوضع، اذا استمر على ما هو عليه، الى صدام لا تحمد عقباه. وأكد رغبة ابناء المدينة بتجنيبها اي أذى قد يلحق بها، مذكراً بأنها لم تنل حصتها من الإعمار ولا من الانماء «فيما هناك من يتعامل مع اهلها كرصيد «غب الطلب» ويحرمها من اي مكاسب حياتية واجتماعية واقتصادية عندما يجري توزيعها على المناطق الاخرى».
وأفاد الشريف بأنه «ازاء الاستفزازات التي تشهدها المدينة، قمنا بحماية مراكزنا ومنازلنا ودعونا مناصرينا الى ممارسة اقصى درجات ضبط النفس». كما رأى «ان اطلاق الرصاص لإرعاب الناس يظهر فاعليه على حقيقتهم وهو بالتالي يخدمنا ولا يضرنا».
الشيخ بلال سعيد شعبان الأمين العام لحركة التوحيد الاسلامي، رأى ان ما حصل في طرابلس على مدى اليومين الماضيين انما هو «اخلال امني غير مقبول ولا يبشر بالخير ويذكر بأيام غياب الدولة والحرب الاهلية، وقد أثار استياء الجميع، بخاصة ان معظم المسيرات لم تكن تحمل شعارات سياسية بل سيلاً من الشتائم والاستفزازات والكلام الذي يدخل في اطار تهديد العيش المشترك وتأجيج مشاعر مناطقية ومذهبية ونكء جراح قديمة اندملت». ولفت الى أن قوة امنية من الجيش تدخلت مساء أول من امس ومنعت كل المظاهر الاستفزازية «مع العلم بأن لكل انسان الحق والحرية في التعبير شرط الا يخرج ذلك عن الآداب العامة والقوانين». ورأى «ان ما حصل يدق جرس الانذار ويضع الجميع، وزراء ونواب ومسؤولين سياسيين ودينيين، امام مسؤولياتهم».
عبد الإله ميقاتي مسؤول «جمعية العزم والسعادة» التي يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي رأى «ان ما يجري يسير بنا الى الهاوية ان لم يتدارك الحكماء والعقلاء من كل الاطراف الامر». وأكد «ان الخلاف سياسي محض وهو بمجمله يعكس الخلافات الاقليمية في المنطقة، لذلك فإن الدعوة الى التهدئة يجب ان تكون مصحوبة بالتضحية، وإن لم نفعل ذلك فلن يقدر عليه احد من الخارج».
وحذر ميقاتي من «الخطر الذي يهدد كيان الوطن لا طائفة دون اخرى، وقال «ما دام الجميع مؤمناً بالحوار مخرجاً من هذا المأزق فلتؤلّف لجنة مصغرة من الحكماء لوضع اسسه وبرنامجه»، مشدداً على «عدم الخروج من هذا الحوار الا بعد التوصل الى اتفاق».
ازاء ما تقدم، تتجه الانظار الى من بيدهم حفظ الامن لمعرفة الاجراءات التي سيتخذونها للحؤول دون تفاقم الامور؟
اللواء أشرف ريفي المدير العام لقوى الامن الداخلي، اكد ان تعليمات واضحة صدرت للقوى الامنية في طرابلس «بالنزول بقوة ووضع حد نهائي لاطلاق النار ولأي محاولة إخلال بالأمن مع الحرص على عدم الاصطدام مع أحد». ورأى ريفي أن ما جرى في طرابلس في اليومين الماضيين مسيء، لكنه عزا الامر الى «اندفاع الناس وقيامهم بردات فعل عفوية»، داعياً من يريد التعبير عن رأيه إلى ان يفعل ذلك بطريقة حضارية.
ورداً على سؤال عما يشاع عن وجود مجموعات سورية تقوم باطلاق النار والمشاركة في التظاهرات، لم يستبعد اللواء ريفي ذلك لكنه أوضح في الوقت نفسه ان «لا دليل قاطعاً لدينا بهذا الشأن».