طرابلس - صفوح منجد المنية - عبد الكافي الصمد

خيّمت على الشمال عموماً وطرابلس خصوصاً أجواء من التوتر، مع استمرار شحن الأجواء بالدعوات التصعيدية. وزاد من تفاقم الأوضاع ممارسات استفزازية وسقوط بعض الجرحى في العديد من المناطق الشمالية

باتت الأجواء المتشنجة في طرابلس تنذر بتطورات على جانب كبير من الخطورة، بفعل حالة الاحتقان في الشارع الطرابلسي بمختلف أطيافه. وما زالت دعوات «التعبئة» من قبل قوى 14 آذار، تتزايد لتأمين جهوزية جمهورها والإبقاء على حالة الاصطفاف، تبعاً للتطورات الراهنة على الساحة اللبنانية. وساهم في استمرار هذه الأجواء المشحونة المواكب السيارة التي تجوب الشوارع والساحات العامة، وخاصة في مناطق القبة وأبي سمراء والميناء والتبانة، مطلقة عبر مكبرات الصوت الأهازيج والشعارات، بمفرداتها الطرابلسية القديمة، مع استبدال للأسماء لتتلاءم مع الظرف الراهن، والتي تتوجه بالعبارات النابية ضد قوى وقادة 8 آذار، ولا سيما حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المردة.
وترافق ذلك مع تعليق عشرات اللافتات بشكل عاجل في الطرقات والساحات العامة بتوقيع «شباب لأجل سعد وفؤاد»، تؤيد تيار المستقبل والرئيس فؤاد السنيورة، وجاء في إحداها «يا سنيورة لا تعبس... بدك عسكر تنلبس». وانعكست هذه الأوضاع سلباً على أجواء المدينة التي بدت خالية من الحركة. وسيطر الجمود على أسواقها التجارية والصناعية، التي باتت تعاني ركوداً كبيراً.
وزاد من تفاقم هذه الأوضاع ما تشهده أحياء طرابلس، خلال ساعات الليل، من إطلاق العيارات النارية، من أسلحة حربية مختلفة بشكل كثيف، بالتزامن مع دوي المفرقعات والأسهم النارية، وخاصة أثناء التجمعات والتظاهرات المحلية في عدد من مناطق المدينة، وما يرافقها من استفزازات. فقد أطلقت عيارات نارية باتجاه المكتب الرئيسي لحزب البعث العربي الاشتراكي الكائن في بولفار طرابلس. وكانت مجموعة من المتظاهرين حاولت الاقتراب من منزل الرئيس عمر كرامي، مطلقة الهتافات وأعيرة نارية من أسلحة حربية، فتدخلت القوى الأمنية، وأقامت حواجز وقطعت الطرق.
على صعيد آخر، توتر الوضع الأمني مساء أول من أمس في محلة بعل محسن في طرابلس، إثر تلاسن حاد وقع بين أبناء من المحلة مع أنصار لـ«تيار المستقبل»، كانوا يعبرون المكان على دفعات، وهم في طريقهم إلى معرض رشيد كرامي الدولي، حيث أقيم اعتصام تضامني مع الحكومة. وتطور الوضع بشكل سلبي أكبر، إثر وصول سيارة إسعاف تابعة لـ«الرابطة العلوية الخيرية» إلى مستشفى الزهراء، وقد بدت عليها آثار اعتداء كانت قد تعرضت له في منطقة عكار. دفع هذا الأمر عدداً من شبان المنطقة للنزول إلى الشارع، تعبيراً عن غضبهم، محاولين قطع الطريق التي تربط بين محلتي القبة والملولة بالحجارة وإطارات السيارات.
تدخل الجيش وقوى الأمن الداخلي، هذه المرة أيضاً، لمنع انفلات الأمور بصورة أكبر، جراء الاحتقان المخيم على المنطقة منذ أيام، فقطعت الطريق من محيط نادي الضباط نزولاً إلى مستديرة الملولة صعوداً، لأكثر من ثلاث ساعات، وجرت عملية تفتيش دقيقة للسيارات.
وفي شارع سوريا الذي يفصل بين محلتي بعل محسن وباب التبانة، سيّر الجيش اللبناني دوريات مؤللة طوال فترة المساء، وأقام حواجز ثابتة ومتنقلة بهدف ضبط الأمور، فيما كان يُسمع بشكل واضح إطلاق الرصاص والمفرقعات النارية في أرجاء المنطقة.
وقبل ظهر أمس، رفع شبان تجمعوا عند مدخل الشارع الرئيسي في محلة بعل محسن أعلاماً لـ«حزب الله» و«التيار الوطني الحر» و«تيار المردة» والأعلام اللبنانية .
المنية
لقي مدير مدرسة الحكر الرسمية في المنية محمد طالب حتفه، بعدما صدمته سيارة شحن سورية على الطريق الدولية في المنطقة، إثر محاولة سائقها الهروب من عدد من الشبان، تجمعوا على الطريق المذكورة، حيث كانوا يرشقون الحجارة باتجاه أيّ سيارة أو شاحنة تمر بالمكان وتحمل لوحة تسجيل سورية.
وقد عمد السائق بعد الحادثة إلى تسليم نفسه إلى مخفر درك المنية، خشية تعرضه لاعتداء من قبل شبان في المنطقة، كانوا يقومون بملاحقته إثر الحادث.
في موازاة ذلك، تعرضت سيارتا أجرة سوريتان لاعتداء في بلدة البداوي المجاورة، من شبان عملوا على رشقهما بالحجارة، فتكسر زجاج السيارتين، وأصيب السائقان بجروح طفيفة. تدخلت القوى الأمنية، بالتعاون مع بعض الأهالي، لإيقاف مسلسل التعديات على السيارات والشاحنات السورية في المنطقة، بعدما شهدت في الآونة الأخيرة تصاعداً غير معهود من قبل في هذا المجال.
وأفاد سائقون سوريون «الأخبار» بأنّ «السلطات السورية تنصح السائقين السوريين، عند المراكز والنقاط الحدودية بين البلدين، بعدم العبور إلى لبنان مساءً، خشية تعرضهم لاعتداءات، فضلاً عن استحسان عدم تجولهم كثيراً داخل الأراضي اللبنانية إلا عند الضرورة».