عساف أبو رحال
بعد اتفاقية الهدنة في عام 1949بين لبنان وإسرائيل، أطلقت تسمية «الخط الأخضر» على خطوط الفصل، ثم اضيفت تسمية «الخط البنفسجي» بعد وقف النار في نهاية حرب الأيام الستة من عام 1967، ثم رسم جيش الاحتلال داخل لبنان ما سمي بـ«الخط الأحمر» وضم حزاماً أمنياً أزيل مع الانسحاب وتحرير الجنوب في أيار عام 2000، ليضاف لون جديد وخط جديد هو «الخط الأزرق» الذي رسمته الأمم المتحدة بالتعاون والتنسيق مع الحكومة اللبنانية آنذاك. هذا الخط قد لا يمثل بنظر بعض المراقبين الحدود الدولية بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة التي حددت زمن الانتداب في عام 1923، لوجود ثغر وتحفظات لبنانية على نقاط عدة أعلن عنها خلال عملية الترسيم وأبرزها منطقة مزارع شبعا المحتلة ومرتفعات حرمون الجنوبية، وبالتالي يبقى هذا الخط خط انسحاب جيش الاحتلال الاسرائيلي من جنوب لبنان، وحدده خبراء الأمم المتحدة وفق تفسيرهم لمفهوم القرار 425 الصادر في آذار 1978إن تعدد الخطوط والألوان يمكن أن يؤدي إلى حال ارتباك لجهة التحديد أو الترسيم النهائي الثابت والرسمي للحدود الدولية، لكن التفسير السياسي يقر بأن الخط النهائي يرتبط بحل شامل وانسحابات تشمل الجولان السوري ومنطقة المزارع ومرتفعات جبل الشيخ.
وفي بلدة الغجر المحتلة، ما زال الوضع الميداني على حاله، فالسياج الشائك والبوابة والسواتر الترابية شهود عيان على تحركات الاحتلال وسط الأحياء السكنية الشمالية في الوقت الذي أعلن فيه عن السماح بدخول قوات اليونيفيل إلى بلدة الغجر، وإلى الشرق سجلت تحركات عسكرية ناشطة لدبابات وآليات عسكرية بين موقع الضهرة والأطراف الجنوبية لبلدة العباسية. وواصلت دورية من الكتيبة الهندية تمركزها على مدار الساعة عند مقربة من الشريط الشائك الفاصل، وللمرة الأولى تمكنت مجموعة من المراسلين الصحافيين سلوك الطريق الغربي الرابط بين الوزاني والغجر في محاولة للوقوف على حقيقة ما يجري داخل البلدة لجهة إمكان الانسحاب منها، لكن قوات الاحتلال كانت تراقب كل التحركات وعمدت أخيراً إلى التجوال بسيارات مدنية، الأمر الذي حال دون الاتصال بالسكان المحليين.
الكتيبة الإسبانية العاملة في قوات الطوارئ الدولية كثفت دورياتها على امتداد الخط الأزرق وعلى الطرق المؤدية الى محور الوزاني ــ الغجر، وشوهد الجنود يعملون على تعبئة أكياس الرمل والتراب في خطوة قد تكون مقدمة للاستعداد والانتقال إلى داخل البلدة في حال تم الانسحاب منها.
وأوضح مصدر مقرب من الكتيبة الهندية عدم تبلغ الكتيبة شيئاً عن موضوع الانسحاب، وقال انها مجرد دعايات حتى الساعة، والكتيبة لم تتخذ أي إجراء بهذا الخصوص.
وفي وقت لاحق، اكد ميلوس شتروغر الناطق باسم اليونيفيل، أن القوات الإسرائيلية لم تنسحب امس من القسم اللبناني لبلدة الغجر الحدودية في جنوب لبنان. وقال شتروغر «لا تغيير في الوضع على الارض، وقوات يونيفيل لم تنتشر في الجزء الشمالي للغجر». وأضاف «نستمر بالعمل مع الجانبين الاسرائيلي واللبناني للوصول الى انسحاب اسرائيلي من الجزء الشمالي للغجر». وعما اذا كان هناك اجتماع قريب بين «اليونيفيل» والجانبين اللبناني والاسرئيلي، رفض شتروغر اعطاء تفاصيل بخصوص ذلك.
وتشير المعطيات الميدانية إلى أن موضوع الانسحاب من الغجر قد يلزمه بعض الوقت، ويدخل حالياً في اطار مناورة تخدم اهدافاً سياسية يسعى الاحتلال إلى اللعب على وتر حساس يمكن من خلاله تحويل الأنظار ولو مؤقتاً عن المزارع وما حولها وما يدور فيها من أعمال شق طرق واستحداث مواقع، اضافة الى أعمال التسلل اليومي إلى مرتفعات سدانة، ويبقى الجزء الشمالي من بلدة الغجر محتلاً في انتظار الانسحاب حتى الخط الأزرق تطبيقاً للقرار 425.