تعيش المؤسسات الأمنية والعسكرية قلق التردي التدريجي للوضع من دون أن يقدم السياسيون على حل سياسي يضع حداً لفوضى تخشى هذه المؤسسات حصولها، وتجعل الشارع يفلت من السياسيين في الحكم وخارجه. وهي تعتقد أن فاعلية الدورين العسكري والامني تقف عند حدود إنهاك الجيش وقوى الامن الداخلي في ما يشبه مطاردة عناصر الشغب الى أي جهة انتموا، وخصوصاً أن الاحداث المتلاحقة في الايام الاربعة الاخيرة ابرزت للمؤسسات الامنية والعسكرية انها آخذة في التطور المثير للريبة والقلق والتنقل بين الاحياء، بالتزامن مع تولي محطات تلفزة فريقي النزاع تشجيع الاحتقان المذهبي في الشارعين. وحمل هذا القلق قيادة الجيش امس على اتخاذ إجراء جزئي قضى بإقفال الطريق التي دارت فيها شجارات الايام الاخيرة في قصقص من التاسعة مساءً حتى الصباح ومنع العبور عليها منعاً للاحتكاك او العبور خطأ في احياء مشحونة بالاحتقان فيتولد الشجار والاشتباك بالايدي كما ليل الاثنين، وكان هذا الموضوع مدار بحث اجتماع مجلس الامن المركزي في اجتماعه الدوري امس لتعطيل بؤرة افتعال الصدامات التي اوقعت قتيلاً وعدداً من الجرحى.إلا أن هذا الاجراء يبدو في نظر المؤسسات العسكرية والامنية اقصى ما يمكنها اتخاذه ما لم يبادر السياسيون الى استيعاب صدامات الشارع بحل سياسي جذري اعتقاداً منها بأن الحل سياسي لا عسكري ولا امني.
ويبدو ان آثار الاحتقان المذهبي والسياسي بدأت تنعكس بنتائجها السلبية، جزئياً، على عناصر قوى الامن الداخلي، الامر الذي حمل قيادتها على اصدار مذكرة خدمة رقمها 330/204/ ش 4 تاريخ الاول من كانون الاول 2006 وقعها المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، قضت باتخاذ سلسلة اجراءات استناداً الى ما لاحظته المديرية العامة لقوى الامن من «تفشي بعض الممارسات بين عناصر قوى الامن لجهة:
1 ــ متابعة نشرات الاخبار والبرامج السياسية عبر اجهزة التلفزة او الراديو في العديد من مراكز قوى الامن الداخلي او خلال القيام بمهمة الدورية.
2 ــ ضبط الاجهزة الخلوية على نغمات حزبية او اغان ثورية او خطابات سياسية، اضافة الى وضع صور لقادة سياسيين او شعارات لأحزاب سياسية على شاشاتها.
3 ــ الاستماع عبر الراديو او المسجلة الى اغان وخطابات لمسؤولين سياسيين.
وحيث ان هذه الممارسات تخالف القواعد العامة للانضباط التي يجب على عنصر قوى الامن التحلي بها، كما تسيء الى صدقية مؤسسة قوى الامن وحيادية عناصرها تجاه المدنيين وتولّد الاستفزازات وتخلق جواً من الشحن الطائفي او المذهبي بين العناصر انفسهم،
لذلك، فقد تقرر الآتي:
اولاً ــ يحظر على عناصر قوى الامن الداخلي متابعة نشرات الاخبار والبرامج السياسية على اجهزة التلفزة او عبر الراديو في مختلف مراكز قوى الامن الداخلي. كما يمنع منعاً باتاً الاستماع عبر الراديو في المراكز ولدى القيام بمهمة الدوريات الى اغان ثورية او خطابات سياسية.
ثانياً ــ يمنع منعاً باتاً إدخال اجهزة الهاتف الخلوي الى المراكز الآتية:
أ ــ السجون والنظارات وأماكن التوقيف.
ب ــ مراكز وقاعات الامتحانات.
ج ــ مكتب التحريات.
د ــ أماكن انعقاد الاجتماعات والجلسات عامة، ولا سيما قاعات هيئات المجالس التأديبية ولجان التحقيق الصحي وقاعات الشرف.
ثالثاً ــ على جميع العناصر المكلفين خدمة السير او عمليات حفظ الامن والنظام والعناصر المكلفين حراسة الإدارات والمؤسسات العامة والبعثات الديبلوماسية الامتناع عن وضع اجهزة الهاتف الخلوي بشكل ظاهر، كما يحظر عليهم استعمالها اثناء تأديتهم لوظائفهم.
رابعاً ــ عند الدخول الى جميع مراكز قوى الامن يوضع الجهاز الخلوي في وضعية السكوت (Silent).
خامساً ــ لدى دخول زائر الى احد المراكز المذكورة في البند (ثانياً) السابق، اضافة الى مخفر الثكنة او السجن، يُسأل عما اذا كان ينقل هاتفاً خلوياً، وفي الحالة الايجابية يحتفظ بهذا الجهاز في المخفر على ان يعاد إليه عند خروجه.
سادساً ــ يحظر على عناصر قوى الامن الداخلي وضع صور لقادة سياسيين أو شعارات لاحزاب سياسية على شاشات اجهزتهم الخلوية.
سابعاً ــ لقادة الوحدات اتخاذ التدابير الآيلة الى ضبط استعمال اجهزة الهاتف الخلوي في القطعات التابعة لهم، على ان يتم ذلك بموجب مذكرة خدمة تقدم نسخة عنها الى المديرية العامة لقوى الامن الداخلي ــ شعبتي الخدمة والعمليات والتخطيط والتنظيم.
وحرصاً على إشاعة جو من الوئام وعكس صورة حسنة من عناصرها، تشدد هذه المديرية العامة على التقيد بأحكام هذه المذكرة. وهي لن تتوانى عن اتخاذ التدابير المسلكية المشددة بحق المخالفين لأحكامها وعلى الرؤساء مراقبة التنفيذ للوصول الى افضل النتائج».
(الأخبار)