ابراهيم عوض
شكل الاجتماع الذي عقده «اللقاء الوطني» المعارض أمس برئاسة الرئيس عمر كرامي واستمر ثلاث ساعات خطوة متقدمة على صعيد «كسر» حلقة انعدام التواصل بين السلطة والمعارضة
كلف اللقاء الوطني رئيس جبهة العمل الإسلامي الداعية فتحي يكن بزيارة رئيس الحكومة السنيورة والتباحث معه في مبادرة توصل إليها المجتمعون تتضمن توسيع الحكومة الحالية مع الإبقاء على الرئيس السنيورة رئيساً لها ومنح «الثلث الضامن» لفريق المعارضة.
وعلمت «الأخبار» أن البحث في هذه المبادرة انطلق من عرض المشروع ـ الخطة التي سبق لكرامي أن عرضها على الرئيس الأسبق أمين الجميل وجرى رفضها من قبل السنيورة.
وقال كرامي لـ«الأخبار» مساء أمس، قبل توجه يكن للقاء السنيورة في السرايا، أنه لا يتوقع قبول الأخير بالمبادرة المقترحة باعتبار أن الأكثرية جعلت مسألة التنازل عن «الثلث المعطل» من «رابع المستحيلات».
وفيما ذكر أن «اللقاء الوطني» لم يكن في وارد الإعلان عن مبادرة وأن الفكرة «بنت ساعتها» أفاد بأن ما دفع إلى إطلاقها الحرص على طرق أبواب الحلول وعدم تفويت أي فرصة يمكن النفاذ منها لتهدئة الأجواء وتنفيس الاحتقان السائد في البلد.
وأبدى كرامي استياءه من الذين يدفعون بالصراع إلى الساحة المذهبية والطائفية ويجهدون لزرع الفتنة بين السنة والشيعة. وذكّر في هذا الإطار ما سبق أن أدلى به في مقابلة تلفزيونية أشاد فيها بـ«حزب الله» وانضباطه ومناقبيته، معلناً أنه لم يسجل مأخذاً عليه ولم يشعر يوماً بأنه ينطلق في جهاده وتحركه وتوجهاته من موقع طائفي ولو وجد العكس لما تردد في اتخاذ الموقف المناسب.
وفي حديث إذاعي قبل عقد اجتماع اللقاء الوطني في منزله في بيروت، قال كرامي: «إن على الأطراف كافة القيام ببعض التنازلات». ورأى أن الحل هو في «وضع قانون انتخابي جديد من أجل إجراء انتخابات مبكرة». كما حذر من «حصول فتنة لا يعرف إلا الله مداها»، محملاً السلطة «مسؤولية ما يجري في البلاد».
وذكرت المعلومات أن تطورات الأوضاع على الساحة اللبنانية وما بلغته من تأزم نتيجة الشحن المذهبي والطائفي استحوذت على الجانب الأكبر من المناقشات في اجتماع اللقاء الوطني. وأفاد مصدر مطلع على أجواء اللقاء بأن كلاماً صريحاً جرى تداوله في ما يخص الحوادث الامنية التي وقعت في اكثر من منطقة، حيث لم يستثن المجتمعون فريقاً دون تحميله مسؤولية ما جرى ويجري. وكما كانت للحالة السنية ــ الشيعية حصة بارزة في المباحثات بعد ان شدد الفريق السني في اللقاء على ضرورة ايلائها الاهتمام اللازم لتعطيل المحاولات الهادفة الى احداث الفرقة بين ابناء الطائفتين وتأجيج العصبات.
وقال عضو اللقاء النائب السابق عدنان عرقجي لـ«الأخبار» ان «ما قام به اللقاء اليوم (أمس) يحصن موقفنا ويجعلنا نواجه أي لوم يلقى علينا من قبل من يخالفنا الرأي داخل طائفتنا بالحجة والتأكيد على اننا بادرنا ومددنا ايدينا الى خصومنا في السلطة والاكثرية في محاولة للخروج من المأزق الذي نعيشه. كما اثبتنا للمشككين أن لنا موقعنا المميز في العارضة ولسنا مجرد اضافة فيها».
ولفت الى انه «في حال قبول المبادرة وبوشر العمل بها نكون قد جنبنا الوطن المزيد من الخضات وأعدناه الى سكة السلام والأمن، اما اذا رفضت ـ وهذا ما يتوقعه ـ فعندها يتبين للجميع وخصوصاً لأبناء طائفتنا من هو المعطل والمعرقل، الامر الذي يسهل علينا التحرك بفعالية اكبر وبحرية اكثر، ويجعل المترددين في الانضمام الينا يخرجون عن تحفظاتهم».
وفيما شدد عرقجي على «ان المشكلة في الاصل سياسية لا مذهبية، محذراً ممن يستغل ذلك لمآربه الشخصية»، اوضح «ان اعادة بناء الثقة عامل ضروري لأي حل بحث تنتفي معها حجة الأكثرية بالامتناع عن اعطاء المعارضة «الثلث الضامن» في اي حكومة يتم تشكيلها»، متسائلاً «اذا ما كان هذا الثلث ملكاً خاصاً لها ام ملكاً للبنان؟».
من جهته اعرب الداعية فتحي يكن قبل لقائه السنيورة، عن تفاؤله بنجاح المبادرة التي يحملها وقال لـ«الأخبار» إنه يرى فيها «خروجاً من عنق الزجاجة بعد ان بلغت الامور درجة كبيرة من الخطورة تنذر باستفحالها يوماً بعد آخر مسببة المزيد من الخسائر التي تصيب الكل دون استثناء».
هذا وكان من المقرر ان يعقد اجتماع للأعضاء السنة في اللقاء الوطني بعد انتهاء اللقاء الموسع لكن جرى ارجاؤه لموعد آخر. كما اتفق على عقد اجتماع استثنائي عند الساعة الثانية عشرة من بعد ظهر اليوم للاطلاع على تفاصيل الاجتماع الذي جرى بين الرئيس السنيورة وعضو اللقاء فتحي يكن واتخاذ الموقف المناسب بشأنه. وتردد أن عدداً من أعضاء اللقاء طرح فكرة اقامة صلاة ظهر يوم غد الجمعة في ساحة الشهداء على أن تكون موحدة يشارك فيها مصلون من الطائفتين السنية والشيعية ويؤمها الداعية فتحي يكن.
وكان الوزير السابق البير منصور قد ادلى بتصريح عقب انتهاء اجتماع «اللقاء الوطني» اعلن فيه تكليف يكن القيام بمبادرة لمحاولة الخروج من الأزمة تعرض على الرئيس السنيورة للوقوف على رأيه حولها، لافتاً الى ان هذه المبادرة جرى التنسيق بشأنها مع قوى المعارضة والقوى المشاركة في طرحها.
وسئل كيف ترى التصرف الميليشيوي الذي يتم خصوصاً بعد سقوط شهيد للمعارضة فرد قائلا: « مؤسف ان يتحول الشارع الى هذا التصرف الغوغائي الميليشيوي، وهذا أمر ندعو الى تجنبه، لأنه يسيء الى صورة لبنان الحضارية، علماً بأن التظاهر الذي حصل كان تظاهراً حضارياً سلمياً بأعلى الدرجات، وبالتالي كل تصرف غوغائي في المقابل يسيء الى سمعة لبنان وصورته ويؤدي الى اثارة فتن مذهبية لا تخدم الا العدو الاسرائيلي والمخططات الاميركية في المنطقة».