الجنوب ــ كامل جابر
تحولت طرقات مدن الجنوب وقراها أمس إلى ساحات انتفاضة الصوت الطلابي المطالب على مختلف مشاربه بسقوط الحكومة، هاتفاً لنزول رئيسها وعدد من وزرائها، وللديموقراطية والحرية. وأعاد هذا المشهد الطرقات والمناطق المحتشدة بالتلامذة، من شباب وصبايا، إلى نمط الستينيات والسبعينيات، يوم خرج المعلمون، بغية إنصافهم، ومزارعو التبغ لاكتساب حقهم ومنع استغلالهم، وللقضية الفلسطينية، والقضايا العربية.
أعلام ارتفعت، مختلفة الألوان، يعلو فوقها جميعها العلم اللبناني؛ ولا استئثار، على نحو ما كان يجري في السنوات العشرين، المنصرمة؛ والمشاركون من حزب الله ومن حركة أمل، شيوعيون، قوميون سوريون، بعثيون، ووسطيون أو من غير انتماء، ساروا في تظاهرات حاشدة، عمت المدن الجنوبية والعديد من القرى، قطع بعضها كيلومترين أو ثلاثة كيلومترات، من ثانوية إلى ثانوية، ومن مهنية إلى معهد وجامعة، لإشراك الجميع في التعبير عن هموم التلامذة، غير المنفصلة عن هموم الوطن ومناطقه.
فمن صيدا كتب الزميل خالد الغربي أن بعض المدارس الابتدائية والثانوية تحولت إلى ساحات للعراك والمنازلات بين التلامذة على خلفية ما يحصل من توتر للأوضاع السياسية في لبنان، بين مؤيد ومعارض، وقد اتخذت العديد من المشاكل المنحى الطائفي والمذهبي. ودفع الأمر العديد من إدارات المدارس (التي كان بعضها طرفاً في النزاع) إلى طلب النجدة من القوى الأمنية للفصل بين المتحاربين.
وأفادت مراسلة «الأخبار» في صور، آمال خليل، بأن التظاهرات انسحبت على تلامذة المدارس، فخرج المئات من ثانوية صور الرسمية للصبيان في تظاهرة عفوية إلى شوارع المدينة احتجاجاً على مقتل الشاب أحمد محمود في منطقة قصقص. التظاهرة التي واكبتها إجراءات أمنية مشددة وحضور كثيف لعناصر من قوى الأمن الداخلي وشرطة بلدية صور، هتف فيها التلامذة مطالبين باستقالة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ومنددين بالوزير فتفت. كما رفع المتظاهرون صوراً للسيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون والرئيس نبيه بري. وكان المتظاهرون يتوجهون نحو المدارس الرسمية والخاصة في المدينة مطالبين رفاقهم بالانضمام إليهم.
ومن النبطية أفادت مراسلتنا كارولين صباح بأن تلامذة المدارس وطلاب الجامعات نظموا، لليوم الثاني على التوالي مسيرات في شوارع المدينة الرئيسية، للمطالبة باستقالة الحكومة. المشاركون حملوا الأعلام اللبنانية وأعلام التيارات المعارضة، وتجمعوا أمام السرايا الحكومية، وسط إجراءات أمنية مشددة، مرددين الهتافات المناهضة لرئيس الحكومة والمؤيدة للجنرال عون والسيد حسن نصر الله. ثم توجهوا نحو بلدة كفررمان، قاطعين نحو كيلومترين لإشراك تلميذات ثانوية النبطية الرسمية للبنات في التظاهرة، وعادوا بأعداد ضخمة نحو النبطية، ليجولوا على عدد من مدارسها الرسمية والخاصة ولإشراك تلامذتها بالتظاهر.
ومن دير الزهراني كتبت أمل طفيلي أنه تحت شعار «يوم دراسة ليس أغلى من دماء الشهيد أحمد محمود» وهتاف: «بالدم بالروح نفديك يا لبنان»، نفذ تلامذة مدرسة دير الزهراني عند الساعة الثامنة صباحاً اعتصاماً في ملعب المدرسة مطالبين الإدارة بالسماح لهم بالخروج في مسيرة رمزية مؤيدة للمعارضة. ونظراً لعدم استجابة الإدارة لمطلبهم قاموا بخلع قفل بوابة المدرسة الرئيسية وانطلقوا رافعين الأعلام اللبنانية وهاتفين «لسقوط حكومة السنيورة». كذلك عمدوا إلى قطع طريق عام دير الزهراني النبطية لبضع دقائق، ثم جابوا طرقات البلدة حيث انتقلت الحماسة إلى أهالي البلدة الذين شاركوهم الهتافات والشعارات.