ابراهيم عوض
ظلت قضية البحث في تأليف حكومة وحدة وطنية تراوح مكانها في ظل امتناع السلطة عن إعطاء المعارضة «الثلث الضامن» وتمسك الأخيرة بمطلبها شرطاً أساسياً للمشاركة ووقف التظاهرات والاعتصامات والانسحاب من الشارع.
وهذا ما بدا واضحاً للقاء الوطني الذي عقد اجتماعاً استثنائياً أمس في منزل رئيسه الرئيس عمر كرامي في بيروت، استمع خلاله الى شرح قدمه عضو اللقاء رئيس جبهة العمل الإسلامي الداعية فتحي يكن عن اجتماعه برئيس الحكومة فؤاد السنيورة أول من أمس للوقوف على رأيه في المبادرة التي نقلها اليه باسم اللقاء، والتي تتضمن في شكل أساسي توسيع الحكومة الحالية لتصبح ثلاثينية مع الإبقاء على السنيورة رئيساً لها ومنح المعارضة الثلث الضامن.
وتبيّن للمجتمعين أن السنيورة وفريقه الوزاري حاولا استغلال المبادرة للإيحاء بوجود انقسام داخل صفوف المعارضة وتراجع عن دعوتها لإسقاط الحكومة في الشارع وإعلانها القبول ببقاء السنيورة رئيساً للحكومة المنوي تعديلها، واعترافها بالتالي بشرعية الحكومة الحالية واستمرارها. ورأى المجتمعون أن السلطة لم تتلقف الأهداف الحقيقية من «مبادرة الإنقاذ» التي انطلقت من الحرص على أجواء الوفاق والسلم الأهلي مع ما يستدعي ذلك من «تنازلات» مطلوبة من الطرفين، فردت عليها بالإصرار على مواقفها والتذرع بأن تسليم المعارضة «الثلث المعطل» يعني الإمساك برقبة الحكومة وتعطيل عملها وإسقاطها ساعة تشاء. وهذا ما عبّر عنه صراحة عضو اللقاء الوزير البير منصور إثر انتهاء الاجتماع شارحاً تفاصيل المبادرة وقوامها حكومة مشاركة فعلية ترتكز على الثلث المعطل زائد واحداً على الاقل، أي حكومة اتحاد وطني يكون برنامجها الآتي: 1- الاتفاق على موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي. 2- إقرار قانون انتخاب جديد يحقق صحة التمثيل الشعبي. 3- إجراء انتخابات نيابية مبكرة. 4- إجراء انتخابات رئاسية.
وذكر منصور ان اللقاء دعا «الى الاستمرار في الاعتصام حتى تحقيق الأهداف المطروحة». وعما اذا كانت المبادرة فشلت، أجاب: «حتى الساعة لم يأت جواب إيجابي». وأوضح أن «مبدأ طرح المبادرة لا يعني أن اللقاء يعيد النظر بمشاركته في الاعتصام وقد جاءت من باب الفرصة الأخيرة ومحاولة إنقاذية لإخراج البلاد من المأزق الذي وضعتنا فيه السلطة. كما أن طرحنا هو للتأكيد أمام الرأي العام على الحل الإنقاذي بقيام حكومة مشاركة فعلية تنقل النقاش من الشارع الى مجلس الوزراء».
وأكد «ضرورة الاتفاق على المحكمة ذات الطابع الدولي لإخراج هذا الموضوع من الصراع». وأضاف: «هناك إجماع على مبدأ المحكمة والموضوع هو مناقشة تفاصيلها بحيث لا تُستخدم أداة سياسية بل تبقى أداة لإظهار الحقيقة في اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وبالتالي وضع قانون انتخاب يعيد تحقيق صحة التمثيل الشعبي وإجراء انتخابات تحقق تمثيلاً شعبياً صحيحاً يصار بعدها إلى انتخاب رئيس الجمهورية، بعد ذلك تصبح هناك حكومة وفاق وطني تعيد بناء الدولة والمؤسسات في جو من الاستقرار والامن والاطمئنان».
وجرى التداول أمس في معطىً جديد يتعلق بإشكالية «الثلث الضامن» كشف عنه الرئيس السنيورة في الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع الرئيس كرامي قبل أيام في معرض مناقشته لخطة الإنقاذ التي طلع بها الأخير خلال زيارته رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل معزياً.
وعلمت «الأخبار» أن السنيورة أبلغ كرامي صراحة أن المعارضة تخطئ بقولها إن تأليف الحكومة الحالية لحظ وجود «الثلث المعطل» فيها، مشيراً الى أن الوزير طارق متري لا يمكن أن يحسب في عداده لكونه «ربيبي، وأنا من جئت به وهو تالياً محسوب عليّ». وهكذا فإن الوزراء الباقين (الياس المر، شارل رزق، يعقوب الصراف، فوزي صلوخ، طراد حمادة، محمد فنيش، طلال الساحلي، محمد جواد خليفة) الذين أدرجوا ضمن الثلث المذكور وعددهم ثمانية لا يشكلون الثلث أصلاً ناهيك عن انتقال بعضهم الى الضفة الأخرى.
من جهته نفى يكن ما ذكره بعض وسائل الإعلام عن إبلاغه السنيورة بإمكان البحث في الاقتراح المقدم منه والقاضي بتأليف حكومة على أساس 19+ 9 +2. وقال لـ«الأخبار» إن «هذا عرضهم لا عرضنا. اذ كنت واضحاً خلال الاجتماع بتأكيد منح المعارضة الثلث الضامن أو الثلث المعطل في مقابل تعهدها عدم استخدام هذا الثلث لتعطيل عمل الحكومة أو إسقاطها، كذلك التعهد أن تبحث القرارات المركزية والمصيرية، كمسألة الحرب والسلم، داخل مجلس الوزراء وأن يصار الى التوافق في شأنها». وفيما لفت يكن إلى أن مبادرته هذه مستوحاة مما صدر عن الاجتماعات الاخيرة لجلسات التشاور أكد مضيّه فيها آملاً ألا تقطع خطوط التواصل اللازمة لها.
بدوره قال عضو «اللقاء الوطني» النائب السابق عدنان عرقجي إن اللقاء «لم يوصد الباب نهائياً أمام محاولات البحث عن حلول للخروج من الأزمة»، متهماً الأكثرية «بالسعي الى استثمار المبادرة وعدم التقدم بأي أفكار ومقترحات من شأنها تهدئة الأجواء». وأكد مضي المعارضة في إقامة صلاة حاشدة ظهر غد في ساحة الشهداء يشارك فيها مصلون من السنة والشيعة ويؤمها يكن «وتكون بذلك رداً واضحاً على كل من يحاول زرع الفتنة بين أبناء الطائفتين».