صور- آمال خليل
يقطع علي شرف الدين (23 عاماً) يومياً مسافة أكثر من ثمانين كيلومتراً، ليشارك في اعتصام المعارضة، عملاً بدعوة السيد حسن نصر الله وأملاً بتغيير الواقع الاقتصادي للشباب اللبناني والحد من الهجرة. علماً بأن علي يتمنى أن يتغيّر الواقع قبل هجرته قريباً إلى أفريقيا للعمل، لأنه درس هندسة الاتصالات ولم يجد وظيفة هنا.
يجول علي يومياً على أصحابه وجيرانه في الحي ليحثهم على النزول إلى بيروت، حيث اعتصام المعارضة يذكي ناره، كما يقول «أبناء الجنوب محروقون بالغدر بعد العدوان». وهو يقود مجموعات غفيرة من صور للانطلاق إلى بيروت. وهناك جهّز «خيمة باسم مدينة صور يتجمّع فيها الصوريون الآتون من كل حدب وصوب».
أسبوع مرّ على وجود الجنوبيين في سوليدير، أو بلاد العجائب كما وصفها البعض، أي على بعد عشرات الكيلومترات عن بيوتهم وحقولهم المتضررة في أحسن الأحوال. أعداد غفيرة من المشاركين يقسّمون يومهم بين أعمالهم أو دراستهم والمشاركة في اعتصام المعارضة. إذ تنتظرهم في كل قرية، يومياً بعد الظهر، باصات تقلّهم إلى بيروت. وهناك يتناوبون على النوم.
حسين مملوك (34 عاماً) يشبه الكثير من هؤلاء الذين لا يعرفون هذه «البيروت» بالذات. فقد أمضى معظم حياته في الضيعة وعندما نزل فيها خلال العدوان كمهجّر، لم تستقبله هنا بل في مدرسة رسمية في إحدى الضواحي. وبعد أيام على مكوثه هنا بعيداً عن بيته المدمّر وقريباً من بطالته، بات يشعر بالنقمة، واستجدّت لديه «أسباب أخرى لإسقاط هذه الحكومة».
«ليس عادياً الحضور اليومي إلى الخيم»، يقول علي. لأنه يتعرّف يومياً على الآخر في بيئته وانتمائه. ويذكر أنه التقى في الاعتصام أناساً استقبلوه أثناء تهجيره في العدوان الأخير في القرنة الحمراء.
أما أحمد الأمين، فلا يرى المشهد مختلفاً عن واقع الجنوبيّين أثناء العدوان إلا جغرافياً. ففي العدوان بقي في قريته يقاوم وأرسل عائلته إلى بيروت. ويتابع قائلاً إن «عائلته عادت بفضل مقاومته العسكرية في الجنوب وحان الآن دور مقاومته المدنية في بيروت».