عمر نشابة
بُعَيدَ اغتيال الرَّئيس الشهيد رفيق الحريري اُطلِق شعار «الحقيقة» وعُمِّمَت كلمة «الحقيقة» باللون الأزرق على اللافتات والمنشورات واللَّوحات الإِعلانية وفي الإِعلانات التلفزيونية. كما أُضيف عَدَّاد إِلكتروني إِلى جانب الشِّعار للإِشارة إِلى الأَيام الَّتي مرَّت منذ اغتيال الحريري في 14 شباط 2005. وبعد صدور التَّقارير الأُولى لِلَجنة التَّحقيق الدُّولية بِرئاسة ميليس أَعلن عددٌ كبير منَ القوى الَّتي تجَمْهَرت في ساحة الشُّهداء في 14 آذار 2005 أَنَّ «الحقيقة معروفة» وأَنَّ كل ما يلزم هو تحقيق «العدالة».
استشهد يوم الأحد الماضي الشاب أحمد علي محمود بعد إطلاق النار عليه. وبينما قالت قوى المعارضة عبر وسائل الإعلام إنها تعرف «حقيقة» من قتل محمود، طلبت قوى 14 آذار انتظار نتائج التحقيق قبل تحديد «حقيقة» المجرمين. فالانتقال من «الحقيقة» إِلى «العدالة» أمر مغلوط. لا بل إن إِحدى المشكلات الأساسية هي أَنَّ ذَلِكَ الانتقال ينبغي أَن يكون معكوساً. إِنَّ «العدالة» نظام متكامل يتضمَّن مراحل متسلسلة توصِلُ تدريجياً إِلى كشف «الحقيقة». وإِنَّ التَّحقيق، قضائياً كان أو صحافياً أو حزبياً، لا يُحدِّد الحَقيقة كما يَعتَبِر الكثيرون من قوى «ثورة الأَرز» ومن قوى المعارضة، لكن آخر مرحلة من نظام العدالة هي الَّتي تكشف حيثيات الجريمة وتحدِّد المجرمين والمتواطئين معهم. إِنَّ نظام العدالة يكشف الحقيقة بعد عملية بحث معمَّقة لكلِّ المعلومات التي يقدِّمها التَّحقيق من خلال الهيئة الاتِّهامية وبعد إعطاء المتَّهمين الحقَّ والوقت الكافي للرَّد والتَّشكيك بما تقدِّمُه الهيئة الاتِّهامية. ولضمان «الحقيقة» والتَّأَكد من صحة الحكم ينبغي أيضاً إعطاء الدِّفاع حق استئناف ذلك الحكم بعد صدوره.
إنَّ نظام العدالة يتبع تسلسلاً منهجياً يبدأ بالتَّحقيق وينتهي بكشف «الحقيقة». فهل سيتبع هذا النظام في جريمة اغتيال الشاب أحمد علي محمود أم أن «الحقيقة معروفة» كما هو الحال في جريمة اغتيال الرئيس الحريري؟