strong>تصوير: هيثم الموسوي
شن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله هجوماً عنيفاً على الحكومة متهماً بعض فريق 14 آذار بتحريض الأميركيين على الطلب من إسرائيل شن حرب على المقاومة كاشفاً للمرة الأولى جملة وقائع في هذا المجال، وأكد مواصلة الاعتصام حتى تأليف حكومة وحدة وطنية محذراً السلطة من العناد لأن «هدفنا سيصبح إسقاط الحكومة وتأليف حكومة انتقالية تجري انتخابات نيابية مبكرة»، لافتاً الى أن مبادرة بكركي تتضمن العديد من الإيجابيات

بدأ السيد حسن نصرالله كلمته بتحية «المعتصمين من أجل لبنان وسيادته واستقلاله وكرامته وحريته»، متمنياً لو كان بينهم «في ساحة من ساحات الشرف والصمود والمقاومة». كما تمنى عدم اطلاق النار بعد انتهاء كلمته، «وأعتبر هذه الليلة أن من يطلق الرصاص مدسوس، يريد الإساءة إليّ وإلينا والى كل المعارضة الوطنية». ثم عزّى ذوي الشهيد أحمد محمود، «وأقول لهم: إن إبنكم استشهد في ساحة الدفاع عن لبنان وكرامته وعزته وتحريره، وهو شهيد المقاومة بامتياز، وليس شهيداً في شوارع لبنان الداخلية، بل شهيد في الدفاع عن استقلال لبنان وسيادته وفي التحرك من أجل إنقاذ لبنان».
وتابع: «أتوجه بالشكر إليكم، يا أشرف الناس وأطهر الناس وأحبّ الناس وأعزّ الناس، الى كل الذين جاؤوا من كل المناطق اللبنانية، الجمعة، الى ساحتي رياض الصلح والشهداء، من أجل إنقاذ لبنان، والى كل الذين ما زالوا يحتشدون في كل ليلة من أجل إنقاذ لبنان. ما تقومون به أمر عظيم وشريف، لأنه يخدم هدفاً وطنياً نبيلاً وشريفاً، وهو إنقاذ لبنان من خلال إنهاء حالة الاستئثار والتسلّط والتفرّد وإقامة حكومة وحدة وطنية للمشاركة والوفاق والتوافق والتعاون والتضامن. لقد حاولوا في الأيام الماضية، من خلال الشغب والاعتداء على المعتصمين وصولاً الى قتل الشهيد أحمد محمود، أن يدخلوا الخوف الى قلوبكم، لكنهم فشلوا ونسوا أنكم شعب لا مكان للخوف في قلبه. اليوم، يراهنون على تعبكم ومللكم، وهم لا يعلمون أنكم شعب لا يملّ ولا يكلّ. بالأمس، توقعوا أن تنطلق من ساحتكم صرخة الاستسلام، وتناسوا كيف وقفتم 33 يوماً، تحت أعنف قصف جوي ومدفعي، وصمدتم رغم التهجير والقتل والمجازر، احتضنكم أهلكم اللبنانيون في كل المناطق اللبنانية ومن كل الطوائف اللبنانية، ولم تستسلموا». وأضاف: «قولوا لهم، غداً، من ساحة الاعتصام في صلاة الجمعة وكل ليلة ويوم الأحد في الحشد الكبير وبعد الأحد، انكم أيها المراهنون على استسلامنا واهمون واهمون واهمون. نحن أقوى من التعب والجوع والبرد والكلل، وأقوى من قصف الصواريخ، فكيف بالكلمات؟ نحن أقوى من الحرب، فكيف بالتهديد؟ نحن شعب، في معركة الإرادة، لن ننكسر. ليس من الصدفة أن تكون القوى اللبنانية، على اختلاف انتماءاتها الطائفية والمذهبية والمناطقية، التي احتضنت المقاومة وشعبها في حرب تموز وآب، هي نفسها اليوم التي تشكّل المعارضة،. وليس صدفة أن الشعوب والحكومات التي وقفت الى جانب المقاومة في الحرب، هم الذين يقفون الى جانب المعارضة اليوم. وليس صدفة أن كل الذين دعموا الحرب الإسرائيلية يدعمون بقية الحكومة الساقطة».
ودعا «باسمكم، الدول العربية الحريصة على لبنان أن لا تتدخل كطرف، ولا تدعم فريقاً على حساب آخر. من يُرد سلامة لبنان ووحدته وخلاصه، يجب أن يمدّ يده الى كل اللبنانيين، وألا يكتفي بتقارير سفرائه في لبنان. تعرّفوا على الحقائق السياسية والشعبية والميدانية عن قرب، وابذلوا جهودكم المشكورة من أجل مساعدة لبنان وإنقاذه. وأقول لبقية الحكومة الفاقدة للشرعية: إن استنادكم الى الدعم الأميركي والغربي لن يجديكم نفعاً على الإطلاق. من تستندون إليه، وفي مقدمهم جورج بوش، هو أحوج ما يكون الى المساعدة والى من ينقذه».
وتابع: «هذه الحكومة اللبنانية، على مدى سنة ونصف سنة، تلقّت وما زالت من الدعم الأميركي والغربي ما لم تتلقَّه أي حكومة في تاريخ لبنان. ألا يثير هذا الشكوك والشبهات؟. لماذا هذاالغرام الأميركي بهذه الحكومة ورئيسها؟. ما يثير الشبهة والشكوك أكثر هو المديح الإسرائيلي اليومي للفريق الحاكم في لبنان. هل هناك وراء الأكمة ما لا نعرف؟ أليس من العار أن تجتمع الحكومة الصهيونية المصغّرة، للبحث كيف يمكن أن تساعد هذه الحكومة المتهالكة؟. قال بعضهم: يمكن أن نساعدهم بأن نخرج من القسم الجنوبي من بلدة الغجر، وقال آخرون: فلنخرج من مزارع شبعا، ولنقدّمها هدية ودعماً سياسياً ومعنوياً للفريق الحاكم في لبنان. ولكن، ماذا فعلوا لكم؟ لم يخرجوا لا من الغجر ولا من مزارع شبعا، حتى في هذه زهدوا في أن يقدّموا لكم دعماً معنوياً. ألا يدعو كل هذا الدعم الأميركي والغربي والإسرائيلي الى التوقف والتأمل؟». وأكد «اننا في المعارضة الوطنية نصرّ على مطلبنا وهدفنا، وهو تشكيل حكومة وطنية لبنانية حقيقية، إرادتها لبنانية، وسادتها لبنانيون. ونرفض أي وصاية أجنبية، سواء كانت لعدو أو لصديق أو لشقيق».
وأضاف نصر الله: «يسألوننا: لو أصبحتم في يوم من الأيام أكثرية نيابية، وشكّلتم حكومة، هل تعطوننا الثلث الضامن؟. أقول لهم، باسم «حزب الله»: نعم، نحن نؤيد إعطاء أي معارضة في لبنان ثلثاً ضامناً، لأننا نؤمن بالشراكة والتعاون، ولا نؤمن بحكم فريق على حساب آخر. وعندما نعطي لأي معارضة، لو كنا الأكثرية، الثلث الضامن، فإننا نعطيها إياه لأننا واثقون وليس هناك ما نخافه، وليست لدينا أية التزامات دولية أو إقليمية».
وقال: «عندما سدّت أبواب الحوار، وعطّلت طاولة التشاور، وووجهنا بالاستئثار والإصرار على التسلّط. كان خيارنا الأخير النزول الى الشارع. لكننا، ونحن في الشارع، لم نقفل أبواب التفاوض. أبواب الحوار والمبادرات مفتوحة. ولكن بالتأكيد، لسنا بحاجة للعودة لطاولة حوار فضفاضة لتضييع الوقت. لن ننجرّ ونخرج من الشارع لنذهب الى طاولة حوار يتم خداعنا فيها من جديد. من يُردْ أن يتفاوض ويتحاور مع المعارضة، فأبواب قادتها مفتوحة. اليوم، هناك مبادرة لمجلس المطارنة الموارنة الذي نحترم، تحمل العديد من الإيجابيات وتستحق أن تناقش وأن يتم التلاقي على أساس بنودها، فيقبل ما يقبل ويعلّق ما يعلّق. الباب مفتوح للتفاوض، وليس صحيحاً أن المعارضة لا تحاور ولا تفاوض. فاوضونا وحاورونا، ونفاوضكم ونحاوركم. ولكننا، باسم كل المحتشدين الليلة وأمس وغداً، لن نخرج من الشارع قبل تحقيق الهدف الذي ينقذ لبنان. وما دمنا مستمرين باعتصامنا، أريد أن أؤكد على الثوابت التي تحدثنا عنها منذ اليوم الأول: لا شتائم. بعض المتحمسين في ساحات الاعتصام قد يطلق شعارات مهينة لشخصيات في الحكومة. نحن نرفض أية إهانة شخصية لأي أحد. نؤكد على اعتصامنا وتحركنا السلمي والمدني والحضاري. عندما قتلوا الشهيد أحمد محمود، أرادوا أن يجرّونا الى صدام مسلح والى القتال. ولكن، باسم الشهيد أحمد وباسم كل رفاقه وباسم كل رجل وامرأة وطفل صغير وشيخ كبير في المعارضة الوطنية، أقول للفريق الحاكم ولقواه السياسية، وللأسف لبعض ميليشياته: نحن نرفض الحرب الأهلية ونرفض الفتنة بين الطوائف أو الفتنة بين أتباع المذاهب، أو الفتنة بين القوى السياسية، ونرفض أي صدام مسلح وأي نوع من أنواع التصادم في الشارع، أردناه تحركاً حضارياً سلمياً، وأثبتنا ذلك يوم الجمعة في الحشد الذي ليس له سابقة في تاريخ لبنان. في الحرب الأهلية، الكل خاسر. وما يعدنا به بعض الملوك العرب من حروب أهلية في لبنان والعراق وفلسطين، خسارة لنا جميعاً، وربح لإسرائيل وأميركا والمحافظين الجدد أصحاب نظريات الفوضى الخلاقة. نحن في لبنان لن ننجرّ الى أي فتنة، ولو قتلتم أحمد محمود وألفاً مثله، ولن نرفع السلاح بوجه أحد (...) بعض الزعماء السياسيين والدينيين يحرّضون المجالس الداخلية، ويقولون إن لدى حزب الله 30 الف صاروخ موجهة الى بيوتكم، ولم يكن هذا سلوكنا في يوم من الأيام. أقول لهؤلاء والى من يصغي اليهم: من هدّمنا له داراً في لبنان ومن سفكنا له دماً فليأت ويطالبنا. ولكن، أنتم الذين تحرّضون، كم دمرتم من بيوت وكم قتلتم من أنفُس وكم سفكتم من دماء؟».
وأضاف: «في بعض المناطق، خصوصاً في بيروت، يثيرون الكثير من الشائعات، ويقولون لهم إن قوى سياسية معينة في المعارضة، ذات لون مذهبي تريد أن تهاجم أحياءكم من أجل استثارة نعرات مذهبية وطائفية. فليسمعني أهل بيروت وكل اللبنانيين: إن دم كل لبناني، من أية طائفة أو مذهب أو حزب أو تيار سياسي أو منطقة لبنانية، هو دمنا، وعرضه عرضنا، وماله مالنا، وبيته بيتنا.. هذا هو الخط الأحمر الذي نحميه بدمنا لو سفكتموه، وبرموش عيوننا لو تآمرتم علينا أو أردتم جرّنا الى فتنة.».
واعتبر ان «الأخطر في ما يجري اليوم هو التحريض المذهبي، وقد كفوا عن التحريض الطائفي. اليوم ليس هناك حديث عن مسلمين ومسيحيين في لبنان، كل الحديث عن سنة وشيعة. قالوا عن الحشد الكبير يوم الجمعة إن هذه مظاهرة شيعية، وتجاهلوا المشاركة الكبيرة من كل الطوائف، ليصوروا كأن المسألة مظاهرة شيعية في مواجهة حكومة سنية. لا المظاهرة شيعية ولا الحكومة سنية. ثم جاؤوا بعد ذلك ليقولوا إن التظاهرة هي لحزب الله. في المرحلة الأولى أرادوا أن يحيدوا بقية أطراف المعارضة من خلال الطابع المذهبي للتظاهرة ثم جاؤوا ليحيّدوا حركة أمل وليقولوا، ثم جاؤوا بعد ذلك ليركزوا حملتهم الجديدة على حزب الله، وخطابهم الاعلامي المنسق والمتفق عليه يقولون اعتصام حزب الله وحلفائه ويودّون ان يتجاهلوا بقية قوى المعارضة الحقيقية. على كل حال خلال الأيام الماضية انكشف زيف هذا الادعاء، وأن التظاهر والاحتشاد الليلي تعبير حقيقي وصادق عن كل أطياف المعارضة الوطنية. أما الشعار المذهبي فسقط وسيسقط. لكنهم يواصلون العمل على أساسه بكل الادعاءات السابقة في إعلامهم وفي خطابهم يستهدفون ويخاطبون الشارع السني في لبنان ومن خلاله ايضاً الشارع السني على امتداد العالم العربي والاسلامي ويتصورون أنهم بذلك يسيئون الى مكانة حزب الله والى مكانة القوى المشاركة في المعارضة. تارة يقولون المعارضة تريد تغيير اتفاق الطائف، وهذا افتراء، وأخرى يقولون التظاهر هدفه التغطية على قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ثم يستحضرون العراق وغيره، ولا أريد أن أدخل في التباسات هذا الاستحضار، واخر الاكاذيب يناقضون انفسهم بها عندما يقولون إن السرايا محاصرة، لكن في الوقت نفسه يبثون عبر شاشاتهم مشاهد الوفود التي تتقاطر الى السرايا».
ووصف التحريض المذهبي بأنه «خطيئة، وجريمة تاريخية ودينية وسياسية كبرى واذا اخذت مكانها الطبيعي فانها تحرق الجميع، التحريض المذهبي لعب بالنار. واطالب بلجنة تحقيق عربية او اسلامية لتحقق عمن يقدم خطابا طائفيا او مذهبيا، ومن يوزع بيانات تحلل قتل ابناء هذه الطائفة او تلك، ومن الذي يحول الصراع السياسي الى صراع مذهبي. من يحرض مذهبيا او طائفيا خائن. وهم يعرفون اننا في حزب الله وفي بقية قوى المعارضة حساسون تجاه الفتنة الطائفي والمذهبية بين الشيعة والسنة، كما يحاولون النيل من حزب الله ويقولون ان مكانتنا في العالم العربي تراجعت. حصلنا على هذه المكانة لان العالم العربي يعرف اننا اصحاب قضية مقدسة ولسنا طلاب مناصب وشهرة، وحتى في حكومة الوحدة المقبلة لا نطالب بحصة لحزب الله. اعلن امامكم بوضوح انالمقاعد الوزارية التي تعطى لحزب الله في حكومة الوحدة سنتخلى عنها ليشارك فيها حلفاؤنا. لسنا طلاب سلطة. نحن اصحاب قضية نفتديها بدمائنا وابنائنا وليعرفوا من يخاصمون ومن يواجهون اليوم: نحن قوم لا نخاف من الشتائم ولا من السباب، ولا من الاتهامات، فليسمعوني جيدا: نحن نخلص لقضيتنا وشعبنا وامتنا ونقدم من اجلها ابناءنا ودماءنا وارواحنا وماء وجوهنا ولا فرق عند الواحد منا ان يجلس على العرش او ان يشيع في نعش».
وأضاف: «اخاطب كل لبناني وكل الشعوب العربية والاسلامية واسألهم: هل يرضى اي لبناني او اي عربي ان نسكت او ندعم حكومة يعلن عن دعمها كل يوم جورج بوش وايهود اولمرت؟ هل تقبلون ان ندعم او نسكت عن حكومة ثبت بالدليل القاطع انها لا تملك قرارا وطنيا وانما تخضع لارادة السفير الاميركي فيلتمان ومن ورائه كوندوليزا رايس؟ يختبئون خلف العنوان المذهبي السني والشيعي، ويحاولون ان يصوروا للسنة في لبنان والعالم العربي ان المعارضة تستهدف حكومة السنة في لبنان. هذه الحكومة غير الشرعية ليست حكومة السنة وليست حكومة وطنية. فليتوقفوا عن اللعب بالمذهبية، ولو أردتم ان تُدخلوا ملف فلسطين الى ساحة الصراع وصفحة قوى المعارضة اللبنانية مشرقة ومضيئة في ما يعني فلسطين، لكن أين صفحتكم؟ لو أردتم ان تدخلوا التباسات الموقف في العراق فأنتم تعرفون، نحن أصلاً ضد الغزو الاميركي للعراق، وأعلنا هذا بوضوح، وشُتمنا ولم نهتم بالشتائم لأن الموقف كان محقاً، أما أنتم فأدعياء بقاء الاحتلال الاميركي، تمدحون الاحتلال وترونه صائباً، وتعارضون إنهاءه، بل تدعون ادارة بوش الى احتلال سوريا والى احتلال المزيد من الارض العربية والاسلامية».
أضاف: «نحن مع المقاومة في فلسطين والعراق وفي كل مكان يحمل فيه وطني شريف سلاحه لتحرير أرضه. لا تخلطوا المسائل، ولا تحتجوا بموقف فئة شيعية من هنا او هناك، ولا يجوز ان يحتج احد من الشيعة بموقف فئة سنية هنا او هناك، هل يجوز لشيعي ان يقف ويحاسب الاهل الكرام الأحباء والإخوة من اهل السنة في العالم لأن رئيساً عربياً وقّع صلحاً مع اسرائيل في كمب دايفيد؟؟ هل يجوز ان يحمّل أحد أهل السنة مسؤلية بعض الزعماء الذين يصافحون الصهاينة ويطبّعون معهم ويحاصرون الانتفاضة في فلسطين؟ الشيعة ليسوا حسابا واحدا والسنة ليسوا حسابا واحدا. فليحاسب بعضنا بعضا على اساس مواقفه الوطنية والقومية التي تخدم مصالح وطنه وامته. المؤسف انهم في الأيام الأخيرة أعادوا فتح ملف الحرب في تموز وآب، ليعيدوا تحميل حزب الله مسؤولية الحرب والتبعات الاقتصادية. انا من الذين كانوا يحرصون على تأجيل الكلام في هذا الملف، لمصلحة اللبنانيين لكن ما دمتم تصرون فاسمعوا. وقبل ان اشرح أقول للمعارضة كلها وخصوصاً للجمهور الذي يعتبر نفسه معنيا مباشرة بالمقاومة ان ما أقوله ليس له عندنا نتائج ولا ردات فعل، وسيستغرب العالم كم نحن وانتم أخلاقيون ومتسامحون، وما اقوله لن يغير من الهدف شيئا، وسوف نبقى نقول لهم تعالوا معا لنؤلّف حكومة وحدة وطنية. انا أدعو الى تأليف لجنة قضائية لبنانية او لجنة قضائية عربية من قضاة نزيهين ولتفتح تحقيقا في الحرب الاخيرة. يتهموننا ولكن انا اليوم سأتهمهم. هناك من طلب من اميركا ومن جورج بوش وديك تشيني بشكل رسمي ان تشن أميركا الحرب على لبنان لان الحوار حول سلاح المقاومة وصل الى طريق مسدود ولا امكان داخلياً لانتزاع سلاح المقاومة ولأن الجيش اللبناني وطني يرفض الصدام مع المقاومة، والطريق الوحيد ان تطلب الادارة الاميركية من حكومة اولمرت ان تشن حرباً كبيرة مدمرة ليس على حزب الله فقط، بل على حزب الله وعلى كل الذين يؤيدونه ويحتضنونه، حتى لا تبقى لهذه المقاومة باقية ولا تقوم لها حتى في المستقبل قائمة. الإدارة الأميركية قبلت هذا الطلب وأرادت أيضاً توظيفه في انتخابات الكونغرس، وحضّروا لسجن في مستوطنة روشبينا وهي قاعدة عسكرية تتسع لعشرة آلاف سجين. قبلت الإدارة الأميركية وأعطت الأمر لإسرائيل. لا اتهم كل فريق 14 آذار، ولا كل الفريق الحاكم. لم أذكر أسماءً أمام أحد، لا أمام صحافي أميركي ولا غيره، لكن الذين جلسوا مع الأميركيين وطلبوا منهم أن تشن إسرائيل علينا الحرب يعرفون أنفسهم وأعرفهم وأتمنّى ألا يأتي يوم أقول أسماءهم.
من يتحمل مسؤولية الحرب ليست المقاومة التي يعترف لها البيان الوزاري بأنّ لها الحق بالعمل من أجل تحرير الأرض والأسرى. الذي يتحمل مسؤولية الحرب والدمار هو الذي طلب من أميركا وإسرائيل أن تتخذ هذه العملية ذريعة لتشن الحرب على لبنان، وأنا أقبل بقضاء محايد ولجنة تحقيق محايدة.
في أيام الحرب قلت لكم إنّ جون بولتون يريد أن يوقع الفتنة بيننا عندما أعلن أنّ المسؤولين في لبنان قبلوا بمسوّدة المشروع الأميركي الفرنسي ثمّ تخلفوا عن ذلك، ولكنه كان يقول صدقاً. هم قبلوا بمسوّدة المشروع لكن عندما وُوجِهُوا بالرفض الوطني في لبنان عدلوا عن ذلك. قلت لكم أيام الحرب إنّ أولمرت يريد أن يوقع بيننا ولكن لم أقل لكم إنّه يكذب، عندما كان يقول إنّ جهات في الحكومة تتصل بنا لنواصل القتال، هذا الكلام من أولمرت صحيح ونعرف من هم هؤلاء، وأرجو ألا يأتي اليوم الذي أذكر فيه أسماءهم أمام العالم.
أنا أخاطبكم من هنا وبجواركم رئيس الحكومة الفاقدة للشرعية. أنا أسأله والشهود كلهم ما زالوا أحياءً، يا دولة الرئيس : في وسط الحرب عندما دمّر الصهاينة بالغارات الجوية كل الجسور والطرق والمعابر من أجل قطع خطوط إمداد المقاومة في الجنوب: ألم تأمر الجيش بمصادرة سلاح المقاومة الذي ينقل إلى الجنوب بعد ان عجزت اسرائيل عنه؟
هل يقبل لبناني سواء كان مسلماً أو مسيحياً، او سنيّا أو شيعيا أو درزيا، أن يحصل هذا في أيام الحرب؟ هل يقبل أي عربي أن يعمل رئيس حكومة لبنان على قطع خطوط الإمداد للمقاومة التي كانت تخوض معركة الدفاع عن لبنان وعن الأمّة؟ فقط لأنّه سنّي يجب أن أسكت عنه؟ لو كان شيعياً لذكرته منذ اليوم الأول. سيخرج غداً رئيس الحكومة الساقطة شعبيا ليقول «إنّ السيد حسن يتجنّى علي» أنا أقبل بلجنة تحقيق والشهود أحياء ومن أرسلتُهم ليتوسطوا لديه في الليل من أجل أن يجمّد هذا القرار ما زالوا على قيد الحياة.
ولكن الأهم والأخطر، ايها اللبنانيون، ايتها الشعوب العربية: نحن في لبنان ندفع الضرائب للحكومة وهي بدورها تدفع رواتب الموظفين في المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية وتدفع الموازنات وتشتري التجهيزات. من المفترض أن تبنى الأجهزة الأمنية لحماية اللبنانيين وأمنهم وممتلكاتهم والدفاع عنهم، في الحرب كان من المفترض أن تعمل بعض الأجهزة الأمنية التابعة للفريق الحاكم على ملاحقة الجواسيس والشبكات الإسرائيلية التي كانت تقدّم المعلومات للإسرائيليين ليقوموا بالقصف، ولكن للأسف أقول، وأنا حاضر أيضاً للجنة تحقيق مستقلة، إنّ أحد الأجهزة الأمنية الرسمية التابع للفريق الحاكم كان يعمل في فترة الحرب للبحث عن أماكن قيادات حزب الله لتشخيصها، وقد عملت مجموعة من هذا الجهاز الأمني الرسمي لتحديد المكان الذي كنت فيه أنا شخصياً.
مع كل ذلك أسامحهم وإذا أرادوا أن يحاسبوني فأنا جاهز. اليوم وأيضاً حرصاً على الحساسيات المذهبية، قبل أشهر اعتقلت مجموعة تنتمي إلى جهة أصولية سنية وكانت تخطط لاغتيالي، وقام الكثيرون من عمائم وغير عمائم وطعنوا في هذه المسألة وأنا سامحتهم. ما زالوا في السجن أمام القضاء الذي لم يحسم مسألتهم حتّى الآن. أنا أطلب من القضاء اللبناني أن يطلق سراح أعضاء هذه المجموعة التي كانت تخطط لاغتيالي وأن يعيدهم إلى بيوتهم في بيروت وفي الطريق الجديدة وسامحهم الله جميعاً. مجدداً أخاطبهم، أخاطب الفريق الحاكم المستأثر: لن تستطيعوا أن ترهبونا بالشغب ولن تستطيعوا أن تمنعوا الناس من المجيء إلى ساحتي رياض الصلح والشهداء، لن تستطيعوا جرنا إلى الفتنة المذهبية، لن تسمعوا صرخة استسلام ولا ضعف ولا وهن لأنّ مطالبنا محقة. ما زلنا نقول لكم تعالوا لنقيم حكومة وحدة وطنية، وأقول لكم: الوقت لا يلعب لمصلحتكم، أبدا، فهذا سيدكم في البيت الأبيض ترتجف أعصابه ويتهاوى في كل مكان. تعالوا لنعود إلى بعضنا البعض كلبنانيين، لا مكان للعناد، الفرصة ما زالت متاحة وأبواب التفاوض ما زالت قائمة، وما زلنا نقبل في المعارضة، لم نقل إنّ مطلبنا الوحيد هو إسقاط الحكومة، قلنا تعالوا نحول الحكومة الحالية إلى حكومة وحدة وطنية، الحكومة التي يرأسها فؤاد السنيورة، ولكم فيها الأغلبية وللمعارضة ثلثٌ ضامن من أجل أن نضمن لبنان.لكن إذا أصررتم على العناد ورفضتم، نحن الآن في المعارضة بدأنا ندرس خيارا آخر، بعد مدة لن نقبل حكومة وحدة وطنية يرأسها أحدٌ منكم. بعد مدة سيتحول هدفنا إلى إسقاط هذه الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية تجري انتخابات نيابية مبكرة وأنتم تعرفون لمن الأكثرية ولمن الغلبة. في انتخابات 2005 أخذتم الأكثرية على عجل بقانون ظالم وبتحالفات المُخَادَعَة، في الانتخابات المقبلة لن يكون مكان للخداع لأنّ المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. بعد الانتخابات المبكرة ستكون المعارضة أكثرية وستشكل حكومتها وسترأس حكومتها شخصية سنية وطنية شريفة نظيفة نزيهة. وهؤلاء في لبنان كُثُر. ولكن لن نلغيكم. سنعطيكم الثلث الضامن ونشارككم لأنّنا نؤمن أنّ لبنان بلد الشراكة والمشاركة والتوافق والتعاون.
أيها الإخوة والأخوات، للتعبير عن استمرارنا في هذا التحرك السلمي، أدعو المسلمين للمشاركة في صلاة الجمعة التي ستقام في ساحاتكم، والتي ستعبر عن وحدتنا في وجه الفتنة، بإمامة سماحة العلامة الشيخ الدكتور فتحي يكن. كما أدعوكم إلى المشاركة في الحشد الجماهيري الكبير يوم الأحد لتجديد التعبير عن الموقف ولتأكيد الإصرار الشعبي للمعارضة، كما نقول لهم في كل ليلة، سنقول لهم الأحد عصرا، سيسمعوننا في كل قصور الفريق الحاكم، من الساحات، من بيوت الفقراء، من الأكواخ، من الخيم، من البيوت المهدمة، من أحياء المهاجرين بالفقر والمهجرين بالحرب، سنسمعهم صوتنا نحن في المعارضة الوطنية اللبنانية لن نستسلم، وسنبقى في الساحات حتّى نقيم حكومة الوحدة الوطنية الضامنة للبنان، المنقذة له والمدافعة عنه والتي تعالج أزماته الإقتصادية والسياسية والإجتماعية.
أيها الإخوة والأخوات من كل الطوائف والمذاهب والأحزاب والتيارات، أنتم منتصرون حكما، وكما قلت: كما كنت أعدكم بالنصر دائما أعدكم بالنصر مجددا. هم يواصلون حرب تموز وآب ونحن نواصل معركتنا في الدفاع عن هوية لبنان ووحدة لبنان وكرامة لبنان، عشتم جميعاً، طاب ثرى الشهيد أحمد محمود طاب ثرى شهدائكم ، عشتم وعاش لبنان.