جورج شاهين
أجمعت المصادر السياسية والحزبية على ان المساعي التي توزعت في اكثر من اتجاه ما زالت مقفلة على المخارج، ولم ترتسم بعد امام المراقبين للوساطات وحركة السفراء، ما يوحي امكان قرب الوصول الى صيغة توافقية تبشر بانفراجات أو بصيص أمل بإمكان كسر الحلقة المغلقة التي باتت تطوق الجميع في الموالاة والمعارضة في آن واحد.
وترافقت هذه الأجواء مع ما نقل عن سفير عربي، بات منهمكاً الى حد بعيد في حركة اللقاءات اليومية، من انه لم يجد حتى هذه اللحظة اي اقتراح يشكل خرقاً حقيقياً للجدار السميك الذي يلف الوضع، نافياً ان يكون الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى قد توصل الى مبادرة ما، لكنه شدد على التحذير من
الفتنة المذهبية اذا بقيت المواقف على تصلبها، وما دام لم يبد أحد بعد استعداداً للتراجع ولو كان على خطأ.
ورأت مصادر واسعة الاطلاع على اجواء المعارضة لـ«الأخبار» أن المواقف التي اطلقها فريق الموالاة وفي مقدمهم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وعدد من المرجعيات الدينية البيروتية، قد رسمت «نهاية سريعة» للمهلة القصيرة أصلاً، التي وضعها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطاب الخميس واستعداده للقبول بمبدأ التوسيع والترميم للحكومة الحالية الى حين.
وقالت المصادر ان المرحلة المقبلة ستشهد عروضاً جديدة في الشارع، كما على المستوى السياسي، منها ما يندرج في سياق استعراض القوة في ساحات بشارة الخوري والشهداء ورياض الصلح ومتفرعاتها المتوقع نهار غد الأحد، على ان تكون هذه الخطوة بداية لخطوات أخرى اشد قساوة شكلاً ومضموناً، مع ما قد تحمله من احتمالات ليست في الحسبان.
وتقول المصادر إنه إلى جانب ما انطوت عليه المواقف التي توزعت بين السرايا الكبيرة وما بعد منابر صلاة الجمعة، تبلغت مرجعيات أمنية بضعة سيناريوهات تخضع للدرس لدى قوى من 14 آذار وأخرى بيروتية التوجه، ومن هذه السيناريوهات محاصرة المجلس النيابي في ساحة النجمة رغم الشلل التام في قاعاته ومكاتبه حيث تقتصر الحركة على حضور بعض الموظفين والاداريين، بعدما تراجعت سيناريوهات أخرى كانت تقول بالتوجه الى قصر عين التينة والتظاهر والاعتصام امامه. لكن اتصالات عاجلة طوت هذه السيناريوهات ووضعتها جانباً، وعلى الأقل في المدى المنظور.
وعلى الضفة المقابلة تقول مصادر بيروتية في صفوف قوى 14 آذار لـ«الأخبار» ان ما شهدته الساعات الماضية من مواقف سياسية وحزبية قد زاد حدة التوتر، ولا يمكن التكهن بما ستؤدي اليه أجواء الشحن المذهبي واستمرار اقفال وسط بيروت على ابواب الأعياد التي يندر ان تتــــلاقى المسيحية والأسلامية منها كما هو حاصل هذا العام.
وقال احد اقطاب هذه القوى ان حزب الله، ومن خلال قيادة التحرك في الشارع، قد وضع نفسه وحلفاءه في موقدة الصراع الإيرانية ــ الدولية في ظل عدم تكافؤ الطرفين، رغم الأجواء التي تلت صدور تقرير بايكر ــ هاملتون التي أوحت تراجعاً اميركياً في المنطقة قد يشكل انتصاراً للفريق الآخر، وهو امر لا يمكن الركون الى حقائقه والنتائج المتوقعة منه.
ورفض هذا القطب تحميل الفريق الحكومي مسؤولية ما آلت اليه العلاقة بين السلطتين الثانية والثالثة بعد القطيعة النهائية مع الأولى، لكنه لم ينكر سلسلة الأخطاء الحكومية التي تراكمت في الآونة الأخيرة بعد استقالة الوزراء الشيعة، واكتفى بالقول إن الأزمة انتقلت من كونها أزمة حكومة الى أزمة حكم فعلية
قد تكون أودت بإنجازات الحكومة على الكثير من الصعد، ولا سيما على مستوى النظام الداخلي للمحكمة الدولية ومشروع الاتفاق المشترك بين لبنان والأمم المتحدة الذي قد يكون أولى ضحايا الصراع بين طرفي النزاع.
وعلى هذه الخلفية المتشائمة تبنى القراءة السياسية المتردية التي سادت العديد من الأوساط المتابعة، حيث الاقتناع بأن ما يمكن ان يكسر «الطوق الخانق» للحلول
لم يحصل بعد، والأخطر من كل ذلك أن تأتي المخارج من «عمل اجرامي»، آخر يدفع بالأمور الى المزيد من التدهور فلا تعود بعده الحلول ممكنة، ولا في متناول اطراف الداخل، ويصبح التدخل الدولي حاجة ماسة ولا مفر منه تفرضه حال من الفوضى خلاقة أو غير خلاقة، تذهب بالبلاد الى حيث لا يريد اهلها... ما عدا قلة منهم.