أنطون الخوري حرب
في مشهد مقابل لمشهد الانقسام السياسي الذي بلغ ذروته مع انطلاق التحرك الشعبي لإسقاط الحكومة، وفي ظل انسداد أفق المبادرات التسووية، بادر عضو كتلة البقاع الغربي النيابية روبير غانم وعضو كتلة «المستقبل» عبد الله حنا وعضوا اللقاء الديموقراطي عبد الله فرحات وهنري حلو، «باستقلالية كاملة» عن تجمع البريستول، بمحاولة لكسر المواجهة الثنائية بين المعارضة والسلطة، التي «تكاد تطيح البلد»، بحسب تعبير غانم الذي أكد أن تحركه مع زملائه «أتى نتيجة قراءة وتحليل عميقين لجذور النزاع خلصوا بنتيجته إلى أن المخاطر المحيطة بلبنان اليوم «تتعدى أزمة المشاركة الحكومية لتشمل خطر استعمال السلاح وإذكاء الفتنة المذهبية، لأن هذه المرحلة تشبه مراحل الصراعات والنزاعات التي مررنا بها منذ عام 1985. لكن أخطر ما في المرحلة الحالية هو التفلت الميثاقي من كل الضوابط التي تتطلبها قاعدتا العيش المشترك والديموقراطية التوافقية».
وأوضح غانم أن هدف تحركه هو وزملائه الثلاثة ليس «زيادة مبادرة على المبادرات المطروحة، بل محاولة التوصل إلى تفاهم مسيحي ــ مسيحي على الثوابت الوطنية والتزام منهجية واحدة لمقاربتها. وحضّ شريحة الصامتين على تظهير مطلب الاعتدال في مواجهة ارتفاع منسوب التطرف. فالجمهور الصامت مقتنع بأن ضمان المسيحي هو وجود المسلم معه لا أميركا وفرنسا، وضمان المسلم أن يكون المسيحي معه لا السعودية وسوريا ومصر. هذه المجموعة النيابية تقر بوجود هواجس جوهرية لدى الطوائف، وهذه الطوائف لها ارتباطاتها الخارجية باستثناء الطائفة المسيحية. فعندما يهب الشيعة في لبنان يأتي الدعم من إيران وسوريا والعراق، وعندما يهب السنّة يأتي الدعم من مصر والسعودية وتركيا وليبيا والجزائر .لكن إذا هبّ المسيحيون فمن أية دولة إقليمية يأتيهم الدعم، اللهم إلا أن يصلّي الفاتيكان على أرواحنا».
ويرى غانم أن «التخوف المسيحي من هيمنة السنّة على الرئاسة الأولى غير دقيق. واغتيال الرئيس (رفيق) الحريري أحدث تحوّلاً في الموقف السنّي التاريخي، وإذا افترضنا أنه تحول ظرفي فيجب أن نستفيد منه لبناء الدولة، ويجب أن يكون كل من استشهد في سبيل لبنان، بدءاً من الرئيس الحريري وشهداء 14 آذار إلى كل شهداء المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، حافزاً يجمع الكلمة بين اللبنانيين وليس سبباً لخراب لبنان وضياعه بعدما نال استقلاله الجديد. لكن السفارات تتعاطى معنا على قاعدة تلبية طلباتها، وهذا امر في غاية السلبية ويسمح بوجود وصاية عند الطرفين، وتدخل القوى الخارجية أصبح على المكشوف، وهي تعلم أن زعزعة استقرار لبنان ستؤدي إلى تفجير المنطقة بكاملها».
وعن الخطوات التي قام بها النواب الأربعة في سياق تحركهم، يكشف غانم أنهم «قاموا، بموافقة بكركي، بسلسلة لقاءات واتصالات شملت مرجعيات سياسية لعقد لقاء للنواب المسيحيين من أجل التوصل إلى تفاهم على مواضيع المحكمة ذات الطابع الدولي والتغيير الحكومي ورئاسة الجمهورية والقرار 1701 ومسألتي التعددية والحرية، للوصول مع ممثلي الطوائف الأخرى إلى تسوية تنزع فتيل التفجير». وأوضح أن الاتصالات «شملت الأطراف المسيحية في المعارضة التي رحّبت بالخطوة، وكنا في صدد التحضير للقاء بين النائب عبد الله حنا والعماد ميشال عون. لكن المتضررين من المعارضة والحكومة، على السواء، أطلقوا النار على المبادرة وعتّموا علينا في إعلامهم وعرقلونا مؤقتاً. ولكننا مستمرون في مساعينا على رغم الصعوبات، متسلحين بتأييد المجتمع المدني ورجال الأعمال والاقتصاد والمثقفين».
ويختم غانم «بالتأكيد على دور الحكماء والغيارى في تحقيق التلاقي كشركاء يقدمون المصلحة العامة على مصالحهم الفئوية، وهذا لا يعد تنازلاً أو تخاذلاً».