حسن عليق
نظمت قوى المعارضة يوم أمس تجمعاً حاشداً لمناصريها في ساحتي الشهداء ورياض الصلح. كما نظمت الموالاة مهرجاناً في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس. ومر اليوم بهدوء تام، ولم تحصل أية إشكالات أمنية تذكر. ويعد ذلك إنجازاً أمنياً

عاش لبنان يوم أمس استقراراً أمنياً لافتاً رافق الحشود والمهرجانات والتجمعات الشعبية في عدد من المناطق. كان الحشد الأبرز في بيروت، وكذلك الانتشار الأمني الكثيف الذي شهدته شوارع العاصمة. وبالرغم من التوتر السياسي الذي تعيشه البلاد، فقد نجح التنسيق بين قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني والقوى السياسية المختلفة في المحافظة على أمن المتظاهرين والمعتصمين. فقد واكبت اعتصام قوى المعارضة أمس، إجراءات أمنية مشددة في مكان التجمع وعلى الطرق المؤدية إليه. انتشر عناصر الجيش بكثافة. حضرت قوى الأمن، بالاضافة إلى عناصر الانضباط التابعين بغالبيتهم لحزب الله.
وفي اتصال مع «الأخبار» ذكر المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أن 4000 من عناصر قوى الأمن الداخلي شاركوا أمس في تأمين طرقات المتظاهرين وحماية المؤسسات الرسمية والخاصة. وذكر ريفي أن التنسيق كان على أعلى المستويات بين قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني وكافة القوى السياسية التي كانت تنظم أمس تحركات في مختلف المناطق اللبنانية. وأضاف أن قوى الأمن الداخلي التي كانت مستنفرة بكل عديدها، تعتز بهذا اليوم الذي خلا من أي إشكال على كل الأراضي اللبنانية. ووجه ريفي تهنئة للضباط والعناصر الذين شاركوا في تأمين أمن المواطنين في هذا اليوم الطويل.
الإجراءات الأمنية
أمّن الطرقات المؤدية إلى مكان التجمع في بيروت أكثر من 4000 عنصر من الأمن الداخلي وعدد كبير من عناصر الجيش اللبناني، بالإضافة إلى أكثر من 15 ألف عنصر من «انضباط» حزب الله. يبدأ انتشار القوى الأمنية الكثيف من حدود الغبيري ــ بيروت. يقف على مستديرة شاتيلا عدد من العناصر مع مجنزرتين للجيش تسدان الطريق. معهم اثنان من «الانضباط». يمنعون السيارات والمشاة من سلوك الطريق المؤدية إلى شارع قصقص. فقد تحول الشارع المذكور «خطاً للتماس»، منذ الإشكال الذي أدى إلى استشهاد الشاب أحمد محمود وجرح عدد من مناصري المعارضة والحكومة قبل ثمانية أيام. تقفل هذه الطريق ليلاً، حتى ساعات الفجر الأولى. لكن أقفلت أمس منذ الصباح من مدخليها، الجنوبي والشمالي، وتم تحويل السير الآتي من الضاحية إلى مستديرة الطيونة، ومنها إلى رأس النبع. تزداد كثافة العناصر الأمنية و«الانضباط» كلما اقتربنا من ساحات التجمع. كان الوجود الأبرز للجيش والأمن الداخلي على جانبي خط رأس النبع ــ بشارة الخوري. فهذه المنطقة باتت، على ما يبدو، تعامل كخط للهدنة. يسد عناصر الجيش والأمن الداخلي، بأجسادهم، المفارق المؤدية إلى الشوارع التي يسلكها المتظاهرون. تؤدي هذه المفارق، بمعظمها، إلى مناطق يغلب على أهلها تأييد تيار المستقبل. تستعين القوى الأمنية بمدرعات، مجنزرات وآليات برمائية. يمنع مرور السيارات والدراجات والمشاة. يزداد عدد عناصر الانضباط أمام مسجد «ذي النورين»، المقابل لتمثال بشارة الخوري. يمنعون المتظاهرين من المرور على الرصيف المحاذي له، ويشكلون «حاجزاً» بينهم وبين القوى الأمنية.
تشكل مستديرة بشارة الخوري خط الحدود الأول لمكان التجمع. يصبح وجود الانضباط طاغياً على الوجود الامني اللبناني. يقيمون حاجزاً. يقف على يسارهم عناصر من لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله، ومن فرع بيروت في مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، بالاضافة إلى آليات عسكرية وسيارات لقوى الأمن الداخلي. يقوم عناصر الحزب بتفتيش الأكياس والحقائب التي يحملها المتوجهون إلى ساحة الشهداء. يأخذون الأعلام الحزبية منهم، ويبقون على العلم اللبناني. يرتفع عدد «الانضباط» كلما اقتربنا من الساحة. وجودهم الأبرز على مدخل شارع مونو من الجهة الغربية. يتدخلون لفض إشكال ناتج عن محاولة أحد العناصر أخذ علم لحركة «أمل» من متظاهر، كان قد «هرَّبه» على «حاجز بشارة الخوري». ينتهي الإشكال بهتاف للمتظاهرين: «جنود.. ضباط.. بأمر الانضباط». نزولاً باتجاه ساحة الشهداء، نعرف المباني الحكومية ومباني الشركات المهمة من «تجمهر» عناصر الانضباط أمامها. كذا كانت الحال أمام مبنى وزارة المالية. يعود الجيش للظهور على المداخل الفرعية لشارع مونو.
يختفي عناصر الجيش والأمن الداخلي في الساحة التي تخلو لعناصر الانضباط. يقدّرهم أحد مسؤوليهم بـ«أكثر من خمسة عشر ألفاً خارج ساحتي التجمع». يعود الانتشار الأمني للبروز على مدخل الأشرفية من جهة جسر فؤاد شهاب. جيش وقوى أمن، وعناصر حزب الله على حدود الجميزة. في ساحة الشهداء، يفصل الانضباط عن القوى الأمنية، ومن ورائهم ضريح الرئيس الشهيد الحريري وتمثال الشهداء، سلك شائك طويل. يضيع الانضباط بين المتجمعين. يظهرون على الرصيف الملاصق لمسجد محمد الأمين، «حتى لا يتعرض له أحد بالأذى»، كما يقول أحدهم. على حدود ساحة النجمة، يقف أمن المجلس النيابي من جيش وقوى أمن وعسكر بلباس مدني.
يتولى فوج المغاوير حماية السرايا. خلفهم عناصر مكافحة الشغب وآلية للدفاع المدني. زادوا أمس المساحة «المحظورة» من الجهة الجنوبية الغربية للسرايا، «منعاً لإعادة محاصرتها». الطريق بين ساحة رياض الصلح والسفارة الكويتية نسخة عن طريق رأس النبع بشارة الخوري ساحة الشهداء. الانتشار الأمني نفسه، والشعارات نفسها، وعناصر الانضباط يعملون على إسكات «الشتامين» من المتظاهرين.