تحوّل مؤتمر «الصحافة تحت الحصار» الذي أقيم في «البيال» أمس في الذكرى الأولى لاستشهاد النائب جبران تويني الى مهرجان سياسي أطلقت خلاله مواقف سياسية تتناغم مع النهج المعتمد لدى قوى 14 آذار.أبرز المواقف جاء في الكلمة التي ألقتها كريمة الراحل نايلة جبران تويني التي رأت فيها أنّ تحرك المعارضة «انقلاب على وطن وثورة الأرز وانقلاب لحماية القتلة». أما رئيس الحكومة فؤاد السنيورة فحمل على المعارضة أيضاً وهو يخاطب الحضور مباشرة من السرايا،
فتساءل عن «ماهية القضية الكبرى التي تدفع الى القيام بهذا الصخب السياسي التوتري الشديد، والاعتصامات المفتوحة»، مكرراً ما أعلنه سابقاً أن «لا طلاق بين اللبنانيين ويدنا مبسوطة للجميع للتلاقي».
شهد المؤتمر حضوراً كثيفاً لوزراء ونواب وشخصيات سياسية وحزبية من فريق السلطة والأكثرية، فيما شارك عدد من نواب كتلة الإصلاح والتغيير الذين أُجلسوا في الصف الاول لكن بعيداً عن زملائهم في قوى 14 آذار. كما حضر النائب ياسين جابر ممثلاً لرئيس مجلس النواب نبيه بري.
بدأ المؤتمر بكلمة متلفزة للشهيد تويني، فكلمة لرئيس مجلس إدارة الاتحاد العالمي للصحف تيموتي بالدينغ رأى فيها «أن شهيدي الصحافة جبران تويني وسمير قصير والشهيدة الحية مي شدياق دفعوا ثمناً كبيراً للحرية وحرية التعبير». ثم عُرض فيلم وثائقي عن جبران تويني وحياته وخياراته السياسية ونضاله من أجل لبنان انتهاءً بالقَسَم من أجل لبنان.
وألقت نايلة تويني كلمة أكدت فيها ان «النهار» مستمرة في دفاعها عن لبنان وعن الحرية والديموقراطية في كل مكان». أضافت: «أقف اليوم أمامكم والوطن يعيش انقلاباً حقيقياً على قيم التعددية والحرية، إنه انقلاب على وطن ثورة الأرز، يهدف إلى إعادته الى عهد الوصاية وجعله مرتبطاً بمحاور خارجية لشن حروب الآخرين على أرضه. إنه انقلاب لمنع قيام المحكمة الدولية حتى لو أجمعت المواقف الكلامية على تأكيد قيامها، إنه انقلاب لحماية القتلة ومنهم قتلة والدي. لن نرضى في ظل الظروف القاهرة وعمليات الاعتقال والتفجير وحرب تموز أن تسقط الحكومة في الشارع فيما يستمر رئيس الجمهورية الممددة ولايته خلافاً لإرادة اللبنانيين في موقعه».
وألقيت شهادات في الراحل لكل من الكاتب في صحيفة «نيويورك تايمز» وعضو «لجنة بوليتزر» توماس فريدمان والكاتب في «واشنطن بوست» دايفيد اغناسيوس والفنانة ماجدة الرومي والمدير العام لقناة «العربية» عبد الرحمن الراشد.
وقال ناشر ورئيس مجلس إدارة جريدة «النهار» النائب غسان تويني والد المحتفى بذكراه «إن الصحافة لا تدافع فقط عن حرياتها الذاتية، بل معركتها الكبرى هي من أجل الحريات العامة، والسياسية منها بنوع أخص، ومن أجل حقوق المواطن في الرأي الحر، كحق الوطن في الحكم الذاتي وتقرير مصيره وبسط سيادته على ترابه بدون أي شكل من أشكال التسلط الخارجي الذي يأسر الاستقلال. من هنا لا حرية بدون ديموقراطية، ولا حكم ديموقراطياً دستورياً بدون حريات. أي لا وطن حراً بدون مواطنين أحرار، متحررين من الخوف، متمتعين بالحق في الأمان والسلامة والعدالة.. وخصوصاً العدالة». وتابع: «إن الحصار على الصحافة ليس من السلطة فحسب بل كثيراً ما يكون من القوى السياسية المتطرفة التي لا تحتمل أن تواجهها الصحافة بالنقد والعقلانية والدعوة الى احترام رأي الآخر. فضلاً عن توق الصحافة، بل صراعها، من أجل التمتع بالحرية الاقتصادية ومقاومة القامعين وكل محاولات النظم والتنظيمات الاستبدادية على أنواعها للتسلط على الصحافة والإعلام عموماً بتحويل الصحف والإذاعات والتلفزيونات الى منابر للرأي الحاكم، بدل أن تكون منابر الرأي الحر لمراقبة الحاكم أو الطامع بالحكم استئثاراً ومنع فساده وجنوحه عن العدالة ومبادئ المدينة الفاضلة وأخصها مناقبية السلطة في كل مراتبها ومتفرعاتها جذوراً وأصولاً ومجالس وإدارات».
وخاطب الرئيس فؤاد السنيورة الحضور مباشرة من السرايا فاستهل كلامه بالحديث عن مزايا الراحل ومواقفه الوطنية وقال: « ما عرف العالم العربيّ في تاريخه المعاصر اغتيالات سياسية بقدر ما عرف لبنان، وفي الفئتين معاً: فئة رجال السياسة، وفئة رجال الصحافة. ماتوا جميعاً واقفين من أجل الحرية، ومن أجل الوطنية، ومن أجل شرف الكلمة والموقف (...) وثورة الأرز، ثورة رفيق الحريري وباسل فليحان وسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وبيار الجميل ورفاقهم، ما كانت لتتحقّق لولا دماؤهم، ودماء الشهداء، وأمانة الشهداء، وإرادة الحياة الكريمة لدى الشهداء»..
وردد السنيورة قسم الراحل، وأكد أن «لا طلاق بين اللبنانيين، يدنا مبسوطة للجميع من أجل التلاقي. لن نوصد الأبواب، بل سنعمل على فتحها الى الآفاق الرحبة. وكما وقفنا في وجه محنة الاجتياح الإسرائيلي موحدين ندافع عن بلدنا سنقف في وجه هذه المحنة ندافع عن قيمنا ونظامنا الديموقراطي ووفاقنا الوطني، نفتح قلوبنا للجميع استناداً الى الثوابت الوطنية والقومية والديموقراطية، وهدفنا الأعلى حفظ الوحدة والتماسك والثقة بلبنان وشعبه ومستقبله».
وختاماً أعلن الرئيس السابق لاتحاد الصحف العالمية روجير بارسكون تسليم جائزة جبران تويني الدولية السنوية الأولى إلى الصحافية اليمنية ناديا السقاف وهي أول امرأة عيّنت رئيسة للتحرير.
(الأخبار)