ابراهيم عوض
استذكر مسؤول كبير سابق بعد سماعه مساء أول من أمس خبر إحراز مبادرة المبعوث السوداني مصطفى عثمان إسماعيل بعض التقدم واهتمام السلطة والمعارضة بها أغنية المطرب الشعبي المصري شعبان عبد الرحيم «بحب عمرو موسى وبكره إسرائيل». وأوضح أن القصد من هذه الاستعارة الدلالة على أن جميع الأطراف المعنية في لبنان ترضى بالتعامل مع الأمين العام لجامعة الدول العربية فيما هناك أفرقاء، وتحديداً من المعارضة، تحاذر التعاطي مع غيره عندما يتعلق الامر بمساعٍ أو مبادرة لمعالجة وضع مأزوم كالذي نعيشه في لبنان.
ويشرح المسؤول الكبير السابق ما عناه، فيشير إلى أن أي وسيط يتقدم للتوفيق بين فريقين متخاصمين عليه أولاً أن يتحلى بصفة الحياد، الأمر الذي لم يكن متوافراً لدى الجانبين السعودي والمصري بعد أن صدرت مواقف في كل من الرياض والقاهرة انتقدتا فيها تحرك المعارضة، غير آبهة بأي مطلب لها، وأعلنت دعمها الكامل لحكومة الرئيس السنيورة، وثمة من ذهب أبعد من ذلك بالتحذير من خطر وقوع حرب أهلية وقيام فتنة بين السنة والشيعة.
من هنا يلقى التحرك الذي يقوم به موسى بالتعاون مع المبعوث السوداني الذي أكد التنسيق مع الأول قبولاً ومتابعة في بيروت، وخصوصاً من قبل المعارضة، وهذا ما توقعه رئيس الحكومة السابق سليم الحص مطلع الأسبوع الماضي بعد تلقيه اتصالاً من أمين عام جامعة الدول العربية قبل مغادرته العاصمة اللبنانية أبلغه فيه عزمه العودة إليها بعد قيامه بزيارة مقررة له إلى الولايات المتحدة، كما صارحه بضرورة حصوله على «غطاء عربي» لإنجاح مساعيه الرامية إلى إيجاد حلول للأزمة المستفحلة في لبنان.
ويقول الحص إن موسى شخصية محببة من الجميع، وهو أهل للمهمة التي سيقوم بها إذا ما توافر له الدعم العربي المطلوب خصوصاً من جانب الدول المؤثرة، وفي مقدمها السعودية ومصر وسوريا. ولم يفت رئيس الحكومة السابق تسجيل مأخذه على ما أدلى به الرئيس المصري حسني مبارك أخيراً في ما يخص الوضع اللبناني، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن المملكة العربية السعودية قادرة على القيام بدور بارز على الساحة اللبنانية «إذا ما تجاوزنا بعض المواقف الصادرة عنها».
وبالعودة إلى قضية «الغطاء العربي» فقد سئل مستشار الرئيس السوداني لدى وصوله إلى بيروت قبل أيام إذا ما كان سيزور دمشق لمتابعة اتصالاته بهدف إنجاح مبادرته فأجاب أنه سيفعل ذلك إذا ما وجد ضرورة لها. ويبدو أن «الضرورة» حصلت فقادته إلى العاصمة السورية يوم الجمعة الماضي حيث استقبله كل من الرئيس بشار الأسد، ونائبه فاروق الشرع، ووزير الخارجية وليد المعلم، قبل أن يعود إلى لبنان أمس بطلب من السنيورة. وفيما أكد إسماعيل أن سوريا تدعم المساعي التي يقوم بها. ذكرت مصادر سورية مطلعة على أجواء اللقاءات في دمشق أن القيادة السورية أبلغت الموفد السوداني اهتمامها بالمبادرة التي يقوم بها آملة أن يتم التوصل من خلالها إلى معاودة الأفرقاء اللبنانيين الحوار والتفاهم في ما بينهم على المخارج التي يرونها كفيلة بتهدئة الأجواء وانحسار الوضع المضطرب. كما أوضحت له موقفها مما يجري في لبنان مشددة على ضرورة إدراك الرئيس فؤاد السنيورة وفريقه للواقع اللبناني الذي لا يحكم وفقاً لنظرية الأكثرية والأقلية، بل عملاً بالتوافق، لافتة إلى أنه لا يمكن للبنان أن يكون مستقراً ما لم يعتمد الوفاق أساساً لأي تعاطٍ مسؤول. وأفادت المصادر نفسها بأن ما يقوم به المبعوث السوداني متفاهم عليه مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، كما أن دمشق بدورها على اتصال مع الاثنين.
هذا ولم تكد كفة التفاؤل تميل لصالح المبادرة العربية صباح أمس حتى تبدل المشهد مساء بعد أن تحدثت معلومات عن عدم حماسة السنيورة للأفكار المطروحة بشأنها ومحاولته استبدالها بمقترحات أخرى رفض المبعوث السوداني نقلها إلى الرئيس بري، مشيراً إلى أنها لا تحوز الحد الأدنى المطلوب حتى يبحث بأمرها مع فريق المعارضة.
ومع ذلك حرص السنيورة على عدم إغلاق الباب نهائياً أمام هذه المبادرة، رابطاً مصيرها بعودة عمرو موسى المتوقعة اليوم عله ينجح في فك عقدة «الثلث الضامن» أو تزداد الأمور تعقيداً وعندها يظهر جلياً من يحب عمرو فعلاً.