strong>عبدو سعد
أجرى مركز بيروت للابحاث والمعلومات استطلاعاً للرأي حول الاوضاع السياسية الراهنة: موضوع المحكمة الدولية، حكومة الوحدة الوطنية، دستورية الحكومة، الوضع المتازم في البلاد، مكانة الجيش اللبناني وامور اخرى. نُفِّذ الاستطلاع في الفترة الواقعة بين 30 تشرين الثاني و5 كانون الأول 2006، وشمل عيِّنة من 800 مستطلَع، واعتمدت تقنية احصائية تلحظ التوزع الطائفي والمناطقي. وتضمنتَّ الاستمارة الأسئلة الآتية:
السؤال الأول:
هل تؤيد قيام محكمة دولية؟
السؤال الثاني:
هل تؤيد تعاطي الحكومة مع إنشاء المحكمة الدولية؟
السؤال الثالث:
هل تعتقد بأن قوى المعارضة تريد تعطيل المحكمة الدولية؟
السؤال الرابع:
هل تعتقد بأن السبب الفعلي للخلاف القائم بين المعارضة والموالاة هو المحكمة الدولية؟
السؤال الخامس:
هل تؤيد قيام حكومة وحدة وطنية؟
السؤال السادس:
هل تعتقد بأن الحكومة أصبحت فاقدة للشرعية؟
السؤال السابع:
هل تتخوف من إندلاع اضطرابات أمنية؟
السؤال الثامن:
برأيك من هي الجهة الداخلية التي تدار من قوى خارجية؟
السؤال التاسع:
برأيك من هي الجهة الخارجية المستفيدة من الوضع المتأزم في البلاد؟
السؤال العاشر:
هل تعتقد أن هناك إجماعا لبنانيا على اعتبار الجيش اللبناني ضمانا لحفظ الأمن في البلاد؟
السؤال الحادي عشر:
من تظن الجهة التي اغتالت الوزير بيار الجميل؟

strong>قراءة في نتائج الاستطلاع

تستبطن نتائج الاستطلاع رغبة لبنانية شبه جامعة في الوصول الى إستقرار سياسي في البلاد، افتقده اللبنانيون منذ أوائل عام 2005. وتجلى ذلك من خلال شبه الاجماع على قيام المحكمة الدولية والالتفاف حول مؤسسة الجيش اللبناني التي ما زالت تحظى بثقة اللبنانيين انطلاقاً من دورها المحافظ على أمن المواطنين، والمستقل عن خلافات السياسيين اللبنانيين بعيداً عن الانجرار وراء النزوات السياسية لدى البعض، والتأييد العارم لتشكيل حكومة وحدة وطنية. هذه النقاط، في ما لو تحققت على أرض الواقع، تكون بمثابة عناصر التسوية التي تكفل تحقيق الاستقرار السياسي المنشود في لبنان، على رغم الإصطفاف السني غير المسبوق، إذ تراوحت نسبة التأييد للحكومة والتأكيد على شرعيتها على خلفية تعاطيها مع المحكمة الدولية بين 83% و85%.
يُجمع اللبنانيون، من حيث المبدأ، على تشكيل محكمة دولية لكشف الحقيقة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو موقف علني عبرت عنه كافة القوى السياسية في لبنان. وينقسم المستطلعون حول طريقة تعاطي الحكومة مع هذا الملف. اذ قال حوالي 51.9% من المستطلعين بأنهم يؤيدون تعاطي الحكومة في مقابل 48.1% قالوا بأنهم لا يوافقون الحكومة على طريقة تعاطيها مع إنشاء المحكمة الدولية.
ويعتقد 56% من المستطلَعين أن المعارضة لا تريد تعطيل المحكمة الدولية، في انعكاس للتأكيد الدائم للقوى الرئيسة في المعارضة على موافقتها على المحكمة، إنما بعد درس مسودة انشائها. واعتبرت نسبة مماثلة (56.2%) أن المحكمة الدولية ليست السبب الفعلي للخلاف بين المعارضة والسلطة. وهذا الرأي ينسجم مع الرأي الاول ما يشير الى أن قناعات الطرفين نتيجة للمواقف السياسية للمعارضة والسلطة، وهذه القناعات هي المحددة للاصطفافات.
وكشف الاستطلاع ان أكثرية كبيرة من المستطلعين ما زالت تؤيد قيام حكومة وحدة وطنية إذ بلغت نسبة التأييد لذلك 73.1 % بزيادة قليلة عن آخر استطلاع حول هذا الموضوع (نشر في 3/10/2006 في جريدة "الأخبار")، اذ بلغت نسبة التاييد حينها 70.1%. هذه الزيادة تشير إلى أن اللبنانيين باتوا اكثر اقتناعاَ بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تساهم في تحقيق الاستقرار السياسي المنشود خصوصاَ في مرحلة الاضطراب غير المسبوقة في تاريخ لبنان الحديث.
انقسم المستطلعون بحسب انتماءاتهم السياسية أيضاً، اذ اعتبر 50 في المئة (94% شيعة و50% مسيحيون) من اللبنانيين أن الحكومة فاقدة للشرعية، فيما رأى نحو 47 بالمئة عكس ذلك (83% سنة و90%دروز)، ما يشير الى الانقسام الحاد بين الطوائف اللبنانية عموماً، والاسلامية خصوصاً، ما يعكس حال التشنج والاحتقان السياسي والمذهبي. وأبدى 59.7% من اللبنانيين تخوفهم من اندلاع اضطرابات أمنية خطيرة، واللافت أن الاكثر تخوفاً هم من الطائفتين السنية والدرزية مما يظهر بأن منسوب الاحتقان عال لدى أبناء الطائفتين.
كما أظهر الاستطلاع أن 31.7% اتهموا قوى السلطة بأنها تدار من قوى خارجية، في مقابل 29% اعتبروا أن قوى المعارضة هي التي تدار من الخارج. واتهم 33.9% كل من قوى السلطة والمعارضة بأنها تدار من الخارج وأجاب 5.4% بـ "لا أعلم"، ما يعني أن أكثرية اللبنانيين تعتقد بأن الطرفين لا يتمتعان بالاستقلالية في اتخاذ القرارات.
واظهر الاستطلاع ان 46.7% تعتبر ان المستفيد الأكبر من الوضع المتأزم هي اما اميركا او اسرائيل او الاثنتين معاَ، تليهما سوريا وايران او سوريا (35.4%)، ثم كل الخارج (12.2%) وهو ما يعكس الاتهامات المتبادلة عن الارتباط بالخارج.
كما بيّن الاستطلاع ثقة عالية جداَ لدى المستطلعين من كافة الطوائف بالجيش اللبناني. اذ عبر اكثر من 90% عن تاييدهم لهذه المؤسسة التي اظهرت انها كانت دائماَ الى جانب المواطنين مهما تعددت انتماءاتهم السياسية والطائفية ضد اي تهديد لأمنهم. وان حياد الجيش التام في الصراع بين القوى السياسية المحلية وانحيازه لجانب الوطن والمواطنين الآمنين هو الركيزة الاساسية لبناء دولة عصرية قوية وعادلة كما يطمح اللبنانيون.
اما بالنسبة للجهة التي تقف وراء اغتيال الوزير بيار الجميل، فقد عبر اكثر من 48% من المستطلعين عن عدم قدرتهم على معرفة الجهة الجانية، واتهم اكثر من 21% قوى 14 آذار بارتكاب الجريمة، فيما كان الاتهام لسوريا قليلاً نسبياً مقارنةً مع عمليات الاغتيال السابقة. وليس غريباً ان يكون السنة والدروز الأقل اتهاماً لقوى 14 آذار والأكثر اتهاماً لسوريا، فيما جاء رأي الشيعة والمسيحيين معاكساً